IMLebanon

مُقترح لودريان قديم ــ جديد… والعِبرة في نتائج الحراك قبل أيلول المقبل!! 

 

عرض المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان على المسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته الثانية الى بيروت التي يختتمها اليوم، إجراء محادثات (وليس حوار) بين القوى والأحزاب السياسية في أيلول المقبل على مدى أيام قليلة، على أن تبدأ من الصفر للاتفاق على برنامج رئيس الجمهورية المقبل، وعلى المرشح للرئاسة، وأن تنتهي (هذه المحادثات) بعقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. وهذا يعني أنّ لودريان حَمَل معه هذه المرة مقترحاً لحلّ الأزمة الرئاسية يأتي من «اللجنة الخماسية» التي اجتمعت أخيراً في الدوحة وناقشت الشأن اللبناني، في حين اقتصرت زيارته الأولى على الاستطلاع والاستماع الى مواقف جميع المكوّنات السياسية. فهل يكون هذا المقترح هو الحلّ الخارجي الذي ينتظره بعض مَن في الداخل للأزمة الرئاسية؟

 

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت بنّ مقترح لودريان قديم- جديد، إذ لم يبقَ أي شيء إلّا وجرت تجربته في لبنان، فقد دعا رئيس مجلس النوّاب مرتين للحوار ولم توافق القوى المسيحية على تلبية الدعوة، كما أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قد دعا في فترة سابقة جميع القوى الى الحوار، ولم تتمّ تلبية سوى «المشاركة في يوم التأمل والصلاة» من قبل عدد من النوّاب. غير أنّ مقترح «الخماسية» يعني أنّ الدول الخمس تشجّع جميع القوى السياسية على التحاور من دون أي شروط مسبقة، وحتى ربّما من دون المبادرة أو المعادلة الفرنسية «فرنجية- سلام» التي تتمسّك بها فرنسا وتعارضها الدول الأخرى، وذلك بهدف تسهيل المحادثات فيما بينها. علماً بأنّ «الثنائي- الشيعي» يتمسّك بمرشّحه للرئاسة رئيس «تيّار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، غير أنّه يوافق على التحاور «من دون أي شروط مسبقة».

 

فالبدء بمناقشة الملف الرئاسي من الصفر يريح المتحاورين، على ما أضافت المصادر، وإن كان هناك خلاف في وجهات النظر فيما بينها. أمّا الانطلاق من التوافق على برنامج الرئيس وصولاً الى اسم المرشح، فهو أمر سبق وأن اقترحه رئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، الذي وضع برنامجاً رئاسياً وعمّمه على مختلف القوى والأحزاب السياسية، ودعا الى مناقشته والتوافق عليه. فبمجرّد الاتفاق على البرنامج يصبح، بحسب ما تعتبر «الخماسية»، أنّ «تسقيط» اسم المرشّح المناسب للرئاسة أمراً سهلاً.

 

ولكن الطريق لا تبدو معبّدة للتوافق الداخلي بين جميع القوى السياسية، وفق المصادر نفسها، وإلّا لما جرى تحديد موعد المحادثات في أيلول المقبل، أي بعد أكثر من شهر من الآن، رغم أنّ برّي تحدّث عن أن لودريان «فتح كوّة في جدار الأزمة»، وهذه الكوّة هي مقترحه عن ضرورة إجراء المحادثات للتقريب في وجهات النظر. فالتوافق بين 128 نائباً، هو ما اقترحه برّي بعد جلسة انتخاب الرئيس الأولى، ولهذا فهو يشجّع عليه جميع الكتل النيابية. وهذا يعني أنّ الحراك «الخماسي» لا سيما القطري والسعودي والفرنسي، سيستمر طوال الفترة الفاصلة عن المحادثات، من أجل التوصّل الى موافقة جميع الأطراف على المشاركة في هذه المحادثات. كما على البدء بمناقشة برنامج الرئيس العتيد، ومن ثمّ البحث في الأسماء التي تُطرح في الكواليس بين بعض القوى.

 

وتقول المصادر بأنّ المواقف ستُعلن بعد مغادرة لودريان، كما سيكون مقترحه موضع نقاش لوضع «أسسه» خلال آب المقبل، ما يجعل عودته لإجراء المحاثات في أيلول مسهّلة، ويمكن أن تؤدّي الى نتيجة إيجابية، في حال وافق الجميع على المشاركة فيها من دون أي شروط مسبقة، أو أي مطالب أو خطوط حمراء. ويبدو أنّ «الثنائي الشيعي» سيُلبّي الدعوة الى هذه المحادثات كونها تبدأ من الصفر، وهذا لا يمسّ بموقفه الثابت، كما القوى المسيحية التي تطالب بالتوافق على برنامج الرئيس أولاً، ومن ثمّ إيجاد الرئيس التوافقي. كذلك قوى المعارضة التي لا تريد وضع العصي في الدواليب، إنّما إبقاء جلسات انتخاب الرئيس مفتوحة الى حين التوافق على انتخاب الرئيس.

 

ولكن لا بدّ من انتظار أن يعلن كلّ مكوّن سياسي موقفه الصريح من مقترح لودريان، قبل الجزم في هذا الموضوع، سيما أنّ المواقف ستؤدّي الى عودة المبعوث الفرنسي أم تأجيلها. وهذا يعني أنّ الحلّ لا يزال داخليا، على ما عقّبت المصادر عينها، إذ لا يمكن إيجاد حلّ للأزمة الرئاسية من دون توافق القوى في الداخل. غير أنّ «الخماسية» تسعى الى تنظيم آلية المحادثات، بهدف التوصّل الى نتيجة إيجابية في مجلس النوّاب، توصل المرشّح التوافقي الى قصر بعبدا في الخريف المقبل، وقبل دخول الشغور الرئاسي عامه الثاني.