عندما أعلن المبعوث الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان عن نيته زيارة لبنان هذا الأسبوع، تساءلت الأوساط السياسية عن فحوى هذه الزيارة وما يمكن أن ينتج منها، خاصة أنها ستكون بعد زيارة سيقوم بها الى المملكة العربية السعودية لطلب الدعم والمساعدة، وهي لن تكون المرة الاولى التي يقوم بها بذلك، ولكن لم تحصل الأوساط السياسية على أجوبة شافية حول ما سيحمله لودريان في الملف الرئاسي، ولكنها اكتشفت أموراً أخرى.
مع بداية الحرب على غزة اعتمدت الديبلوماسية الفرنسية لغة التهديد والتحذير مع لبنان، فكانت الرسائل المباشرة وبالواسطة تدور حول تحذير لبنان من دخول حزب الله الى الحرب، ومع مرور الوقت وانكشاف الوقائع، تبدل الخطاب الفرنسي على وقع أزمة ديبلوماسية عصفت بدوائر الخارجية الفرنسية، وزيارة لودريان الى بيروت ستكون في سياق تبدل الخطاب، حيث سيحمل الرجل تمنيات إدارته الى المسؤولين في لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية لتجنب الحرب مع “اسرائيل”.
بحسب مصادر متابعة، فإن الإدارة الفرنسية مقتنعة بأن الوضع على الحدود الجنوبية لن يعود الى ما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول الماضي، لأنها تعلم “النيات الاسرائيلية” من جهة وما يقوله المسؤولون في “اسرائيل” من جهة ثانية، حيث تأكدت أن العدو لن يرضى ببقاء الواقع على ما هو عليه، لأسباب تتعلق بأمنه وأمن المستوطنين الرافضين العودة الى منازلهم في الشمال.
هناك من أقنع باريس أن “اسرائيل” قريبة من شنّ عدوان على لبنان، وهي تقول أنها تسعى لتفادي ذلك من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، تحسباً لدخول لبنان في مفاوضات جدية تطال الوضع على الحدود والصراع مع “اسرائيل” والحدود البرية والمناطق المحتلة، وهو الخيار الآخر بديل الحرب، ولكن بحسب المصادر فإنه من حيث المبدأ، لا يملك “الإسرائيلي” القدرة على خوض حرب جديدة مع حزب الله، في ظل الحرب القائمة في قطاع غزة، خصوصاً أنه لم ينجح في تحقيق أي من الأهداف المعلنة حتى الآن، لا بل هو على العكس إضطر إلى الرضوخ لشروط حركة حماس، بالنسبة إلى عملية تبادل الأسرى والهدن الانسانية.
في هذا السياق، يدرك “الإسرائيلي” أن الحرب مع حزب الله ستكون أصعب من تلك القائمة مع حماس، خصوصاً أن جبهة الجنوب، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى جبهة غزة، ليست محاصرة، بل كانت طوال السنوات الماضية تراكم الأسلحة والتحضيرات اللازمة، في حال اندلاع أي عدوان جديد.
على الرغم من ذلك، ما تقدم لا يعني أن إحتمال الحرب غير قائم، نظراً إلى أن القيادتين العسكرية والسياسية في “إسرائيل”، قد تجدان أنها المخرج الوحيد، في حال وجدا أن لا حل أمامهما إلا بالذهاب إلى توسيع دائرة الصراع، خصوصاً أن في “تل أبيب” مَن يعتبر أن عليها إستغلال الوضع الراهن من أجل تنفيذ ضربة إستباقية ضد حزب الله، وبالتالي كل الاحتمالات تبقى مفتوحة.
في فرنسا قناعة بأن المنطقة تذهب الى الأسوأ، وهو خيار صحيح وموجود، اما بالنسبة الى ما قد تراه باريس حلولاً تستحق “البحث”، فهو مستحيل بالنسبة الى المقاومة في لبنان. فهل هناك من يتخيل أن يدخل رئيس الجمهورية اللبناني في تفاوض حول قيام منطقة عازلة منزوعة السلاح جنوب الليطاني كرمى لعيون “اسرائيل”؟