Site icon IMLebanon

لوبن وترامب والبغدادي

تجتاح العالم موجة من الجنون الاستثنائي. موجة لا تقتصر على ارهاب يتفنّن “داعش” في آلياته وأساليبه، وإنما تتعداه الى تلك الوجوه التي تستأثر بالساحات السياسية في الغرب بأفكار رجعية و متطرفة وآراء لا تقل سوداوية عن عنف أبو بكر البغدادي وتنظيمه.

من مجموعة صغيرة مثيرة للسخرية وذات آراء خبيثة ومعادية للأجانب لا تمت الى مبادئ الجمهورية بصلة ، تنتقل “الجبهة الوطنية” المتطرفة لتصير الحزب الأول في فرنسا، بعدما زادت تمثيلها ثلاثة اضعاف. ومع أن السلطات المحلية تبقى محدودة في النظام السياسي الفرنسي، فان الفوز الذي حققته مارين لوبن يكسب جبهتها زخما لنشر نظرياتها العنصرية والتطلع الى مزيد من المكاسب السياسية. وقبل 18 شهرا من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، باتت ابنة جان – ماري لوبن مرشحة جدية لدخول الإليزيه.

لم يسبق لـ”الجبهة الوطنية” أن أدارت أكثر من بلدة متوسطة الحجم في فرنسا. ومكاسبها الاخيرة ليست بنت ساعتها بالطبع، الا أن هذا التغيير الدراماتيكي المتوقع في المشهد السياسي الفرنسي ناجم في جزء كبير منه عن الاعتداءات الاخيرة التي نفذها “داعش” في باريس وموجة النازحين الكبرى التي تشهدها أوروبا على خلفية الحرب السورية.

ما حصل الاحد يوحي بأن الفرنسيين سقطوا حقاً في فخ “داعش”، بصبهم أصواتاً بهذا الحجم لجبهة متطرفة، يخشى أن يتحولوا نموذجاً مقلقاً لقدرة الهجمات الارهابية على حشد الدعم لرد فعل عنيف ضد المهاجرين.

وعلى الضفة الاخرى للاطلسي، ثمة نموذج لا يقل تهوّراً عن لوبن. صحيح أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب لم يذهب الى حيث ذهبت مارين، وخصوصا في مسألة الهجرة، الا أن كلامه الاخير بدأ يشبه مواقفها كثيراً، وربما تجاوزها. فعلى خلفية إطلاق الزوجين المسلمين اللذين يشتبه في صلتهما بـ”داعش” النار على مدنيين في احتفال ميلادي في سان برناردينو بكاليفورنيا، طالب بفرض حظر “تام وكامل” على دخول المسلمين الولايات المتحدة، الى حين تحديد السلطات الاميركية حقيقة ما جرى.

ليس ترامب بالخطر الذي تمثله لوبن، أقله حتى الآن. التأييد له ليس كبيراً استناداً الى استطلاعات الرأي. وخلافاً لزعيمة “الجبهة الوطنية” ليس ثمة حزب يقف وراءه. لكن في زمن تستبيح “الذئاب المنفردة” والوحوش الكاسرة الساحات من بيروت الى باريس ومن سان برناردينو الى لندن، تبدو كل الاحتمالات واردة وتتزايد فرص هؤلاء الوصوليّين والمتهوّرين في تحقيق غاياتهم والوصول الى السلطة.

ما حصل في فرنسا الاحد الماضي لن يبقى في فرنسا. “متلازمة” مارين لوبن ستغزو أوروبا ودونالد ترامب سيستنسخ في اكثر من انتخابات ما دام أبو بكر البغدادي هانئا في معقله وتنظيمه يلعب بعقول البشر وأرواحهم.