لم يأتِ في لبنان زعيم شعبي صادق أمين كريم ذكي لماع جريء مقدام حكيم مثل الرئيس سعد الحريري هذا الرجل الشفّاف.
لم يسبق أن عرفت الطائفة السنّية اللبنانية زعيماً بحجمه، وهو الذي تمتد زعامته على مساحة الـ10452 كيلومتراً مربعاً بكاملها، فيرشح للانتخابات ويحصد النواب في لبنان كله، وهو ما لم يصل إليه الزعيم المرحوم صائب سلام أو سواه من الزعماء السنّة الذين كان نفوذهم الانتخابي محصوراً في بيروت لسلام وطرابلس لكرامي.
أما الحريري فمن طرابلس الى صيدا ومن صور الى جزين، وإلى المنية وإلى عكار وإلى البقاع وإلى الضنية وإلى الكورة الخ… باختصار من الحدود الجنوبية الى الحدود الشمالية ومن مشرق الشمس الى مغربها.
يوماً بعد يوم يظهر الحريري المزيد من ملامح رجل الدولة، وكما قال عن نفسه إنّ الحريري موديل 2017 و2018 غير الحريري موديل 2005.
لقد اعترف بأنّ أخطاءً قد حصلت علماً ان من يعمل هو الذي يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ.
إنّ آراءه وأفكاره صادقة ومباشرة تعبّر عن آمال الناس وآلامهم وطموحاتهم:
– 9 سنوات في المجلس النيابي ذاته لذلك كنا نريد أن نحدث تغييراً، وهذا ما دفعني لأن أغيّر في كتلتي وأدخل إليها أسماء جديدة (نزيه نجم على سبيل المثال لا الحصر).
– إيجاد فرص العمل للشباب يؤرق الحريري وفي نظره، وكما هو معروف، أنّ لبنان يعاني منذ سنين طويلة من هذه الظاهرة السلبية إذ يتخرّج سنوياً 35 ألف طالب ولا يوجد إلاّ 2000 فرصة عمل، لذلك الهجرة هي التي تجتذب الشباب.
إحصائياً يوجد نحو 16 مليون لبناني خارج لبنان بمعنى أدق أنّ سبب الهجرة يعود الى 200 سنة، وفي العام 1914 زادت بسبب الحرب العالمية الأولى فعانى اللبنانيون من الجوع بسب ضآلة الموارد والحصار الذي فرضه العثمانيون.
من هنا جاء مؤتمر “سيدر” وما انتهى إليه من قرارات ليساعد على حل مشكلة البطالة التي أصبحت اليوم 35٪ من خلال المشاريع المهمة فيه بحيث بات يمكن إيجاد 80 ألف فرصة عمل، فكانت بمثابة الحل الحقيقي خصوصاً أنّ المشاريع المقدمة مدروسة من قِبَل البنك الدولي والمؤسّسات التي ستقدّم القروض الميسّرة للمشاريع وهي ستشرف على الإنفاق وليس لأي جهة لبنانية أن تتدخل، والأهم أنّ تلك الدول والمؤسّسات الأممية والدولية ستشرف على التنفيذ كي يتم كل شيء بشفافية كاملة.
– ويرى الرئيس سعد الحريري أنّ المعركة اليوم هي بين مشروعين، مشروع بناء الدولة وتعزيز الجيش والمؤسّسات الأمنية، والمشروع الثاني هو ولاية الفقيه.
ولكن نحن لا نوقف البلد بسبب الإختلاف بين هذين المشروعين، فلا بدّ من أن تستمر الحياة، ويكون العمل من أجل تسهيل سُبل العيش والرفاه للمواطن.
ويعترف الحريري بأنّ القرارات التي اتخذها كانت من أجل لبنان ويقول: “أنا بدّي البلد… رفيق الحريري كان بدّو البلد… كان يعرف كل العراقيل ولكنه أراد أن يبني وبنى فعلاً بالرغم مما اعترضه من عراقيل وحواجز وضعوها في وجهه”.
– عن الانتخابات يرى الرئيس سعد الحريري أنه كان لا بد منها لتعزيز المسار الديموقراطي، وكان في إمكاننا أن نذهب الى التأجيل، ولكن العالم كان سينظر إلينا بمنظار مختلف غير الذي نظر إلينا به من خلال موافقته على مشروع “سيدر”، إضافة الى أنّ من حق اللبناني أن يمارس حقه في هذا المجال الديموقراطي الأبرز فيعبّر عن إرادته في مَن يريد أن يمثّلوه في الندوة النيابية.
– عن سلسلة الرتب والرواتب يقول الرئيس سعد الحريري إنّ وعوداً عديدة كانت تعطى للمستحقين ولكن لم ينفّذوها… فتراكمت المشكلة وهدّدت بشلّ البلد، وكان لا بدّ من وضع حل لها بإقرار السلسلة وإعطاء الناس حقوقهم، بدلاً من أن نوقف عجلة البلد عن الدوران… ومن الضروري الأخذ بمؤشر غلاء المعيشة الذي يسجّل سنوياً ارتفاعاً.
ويقول: “كانت زيادة النمو في أيام حكومتي السابقة قد بلغت 10 في المئة، ومع الحكومة التي خلفت حكومتي بدأ الهبوط والإنهيار الى أن وصل الى واحد في المئة”.
عوني الكعكي