IMLebanon

تَسِيرُ فمن يرعاها؟

 

 

كم أتأثّر عندما أقرأ على هياكل الشاحنات وهي تسير على الطرقات عبارة «سيري فَعَينُ الله ترعاك»، لأنّ أوّل ما يخطر ببالي السؤال: ومن يرعى بلادي؟

 

من يَهتم، من يَسأل، من يُبالي، من يُخطط، من يَستشرف؟

 

لبنان، العِجلُ المُسَمَّن، استباحوه وذبحوه وذبحوا شعبه وما تركوا له طبيباً يداويه ولا مستشفىً يأويه ولا دواءً يشفيه ولا مالاً يحميه، وسرقوا مدّخراته ورواتبه ودمّروا عاصمته ومرفأه ومصانعه وتجارته وسياحته وثقافته ومدرسته وجامعته، ولم يكتفوا ولم يشبعوا ولم يرتووا.

 

فها همُ، وبدل ان يَصحَى ضميرهم يقرّرون المضيّ في عَصرِ آخر نقطة دم في شرايين المواطن، فيرفعون تعرفة الفواتير والرسوم والضرائب والجمارك بعدما هرّبوا ما سرقوه الى مصارف الخارج وجنّاته الضرائبية.

 

فكم من مرّة سألت نفسي من أين أموالهم حُكّامنا، وكيف جَنوها؟ ما هي مهنتهم، ما هو اختصاصهم، ما هي اكتشافاتهم العلمية المسجّلة باسمهم مثال إديسون وبِلْ وأينشتاين وباستور ونوبِل؟

 

نسمع ونقرأ عن عشرات ومئات ملايين الدولارات لا بل المليارات منها، فيأخذنا العجب من قدرتهم وذكائهم «الخارق» في جني الأموال فيما شعبهم يغرق ببؤسه وتعاسته ويبشروننا أنّنا لم نصل الى جهنّم بعد.

 

فها هم يُكمِلون وكأنّ شيئاً لم يكن.

 

فالنائب محمد رعد يريد أن يُبقي نفطنا مدفوناً.

 

النائب جبران باسيل، بصفته وزير طاقة سابقاً، يُخبرنا أنّ المساحات البحريّة هي غير الحقوق والمساحات البرّية وإنّ الماءَ ماءٌ وبالتالي فهي ليست مهمّة.

 

(طبعاً هذا بعد الاجتماع الذي تردّد أنّه حصل بين باسيل وآموس هوكشتاين في المانيا، وبعد التخلّي عن الخطّ البحري 29، الذي أقمنا الدنيا ولم نُقعدها للمطالبة به وتخوين كل من يتراجع عنه).

 

رئيس الجمهوريّة يُشَنِّف آذاننا ويَعِدنا أنّ التدقيق الجنائي الذي يُطالب به في نهاية ولايته سوف «يشيل الزير من البير».

 

كم كنّا تمنينا يا فخامة الرئيس لو ذبحتم «البْسَين» ليلة الدُخلة في 31 تشرين الاول من العام 2016 ولم تنتظروا انتهاء ولايتكم لكي تلهونا بملهاة مضحكة مبكية.

 

فنحن نعرف أنّه ليس صهيونياً إسرائيلياً ولا اميركياً ولا روسياً ولا اوكرانيّاً ولا ولا…من سرق أموالنا.

 

إنّ السارق معروف ونعرفه، وهو يحمل الهويّة اللبنانيّة، استعمل توكيل شعبه الطيّب ليفتك به بدل ان يحميه.

 

وما الإصرار على تنفيذ «سدّ بسري» الذي سيجلب المياه الآسنة من بحيرة القرعون الى بيروت والمناطق بقروض من البنوك الدوليّة، إلّا استغباء للشعب اللبناني واستكمال الإجهاز عليه من خلال سدود لا تجمّع ماءً ولا تسدّ جوعَ ولا عطشَ مواطن.

 

يا ربّ، وكما عينك على الشاحنات، هل تستطيع شحن الطغمة الحاكمة المتحكمة عندنا، فنَسِير تحت رعايتك على طريق الخلاص من جهنّمهم؟