IMLebanon

قيادات الثورة  

 

 

ليت أمنية اللبنانيين تحققت  وأُنتجت الحكومة الموعودة قبل نهاية هذا العام الذي نودّعه اليوم غير مأسوف عليه لكثرة ما حمل في طيّاته  من خيبات وعندئذٍ يوالي من يشاء، ويعارض من يشاء ويتحرك من يتحرك في الشارع متى يشاء… ولتأخذ الأمور مجراها إن في مجلس النواب أو في الشارع، من ضمن الشعارات السلمية التي رفعتها الثورة التي لا تزال، حتى الآن، من دون أب وأم معلنين على الأقل.

 

ولكن يبدو أن التعثر ليس بالأمر البسيط. وقد كان لافتاً ما أُعلن أخيراً عن أنّ الرئيس المكلف الدكتور حسّان دياب لم يوفق بعد الى اختيار السيدات اللاتي ستضمهن التشكيلة الحكومية التي تتضارب  المعلومات  حول الأسماء التي ستتألف منها بعدما درج بعض طالبي الشهرة الى الترويج للذات، فتطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي بكم كبير ممن ليسوا في العير ولا في النفير، بالرغم من أن بينهم البعض القليل من الذين لا تحوم حولهم أي شائبة، وهم معروفون في انتمائهم  الحقيقي الى المجتمع المدني.

 

واللافت، كذلك، أنّ لا توافق، حتى الآن، على الوزراء الآتين من رحم الثورة … بدليل أنّ ثمة بين الثوار من لا يعجبهم العجب، حتى أولئك المنبثقين من صفوفهم. إذ سرعان ما تظهر الاعتراضات الشديدة. ولو أخذنا، في هذا السياق، بما يردده بعض مَن يحاوره الإعلام المرئي في الشارع لتبين لنا أن هناك رفضاً مطلقاً، مشفوعاً بكلام من نوع «نحنا اللي منعيّـن الوزراء».  أمّا كيف يكون التعيين وعلى أي قاعدة ووفق أي نصوص دستورية، فهذا ما لا يعني الرافضين بالمطلق؟!

 

ولقد آن الأوان، في تقديرنا لتزيح الثورة الحجاب عن وجوهها، ولا نقول عن وجهها الواحد، بإعتبار أنّ هناك عدداً كبيراً من الأطياف الثورية، ولكل منها برنامج مختلف عن الآخر. وهذا أمرٌ مفهوم إذ إن الأهداف الحقيقية التي حرّكت الناس ودفعتهم الى الشارع بقدر ما تبدو متشابهة، إلاّ أنّ الخلفيات السياسية  تختلف بين فصيل وآخر، وبين حزب وآخر، وبين الناس الطيبين العاديين الذين كواهم وضعهم الاجتماعي وقد راحوا يعبّرون عنه بما يصدر عن آهات  الوجع والجوع والقهر والحرمان التي تضيق بها الصدور…

 

لذلك، في تقديرنا أنّ المطلوب، في هذه المرحلة، هو أن تُسفر الثورة عن وجوهها القيادية…  فإذا كانت استراتيجية الثوار اقتضت أن تحتجب القيادات عن الظهور العلني حتى هذا اليوم، فإنّ هذه الاستراتيجية قد تنقلب ضرراً يلحق بالثورة.

 

نقول هذا حرصاً منا على الثورة ذاتها من أن تضيع في مثالية وطوباوية لا نرى أنهما ما زالتا تعودان بالمردود الإيجابي.

 

في أي حال نأمل أن تطل علينا السنة الطالعة وقد تغيّر لبنان جذرياً نحو الدولة التي طمح إليها الآباء المؤسسون والتي يحلم بها الأبناء والأحفاد، والتي كانت على بعد خطوة منّا عندما اندلعت حروب الآخرين على لبنان، هذا الوطن الصغير المعذّب الذي كان في طليعة الطليعة فأضحى حيث هو اليوم بـ «فضل» الذين تولوا المسؤولية فيه بعد الحرب، وقد أثبتوا بالفعل أنهم (كما كتبنا مراراً وتكراراً هنا) هجينون لا يفقهون شيئاً من فلسفة الكيان اللبناني الفريد بين الأوطان.