Site icon IMLebanon

المتزَعِّمون والهتَّافون والعبرة!

لا حاجة إلى بناء القصور والجسور على عملية اعتقال الشيخ أحمد الأسير الناجحة، إلاّ من زاوية الإشادة الحقّة بيقظة جهاز الأمن العام، وقوى الأمن الداخلي، والجيش بصورة عامة. وفي الوقت المناسب.

التطوّرات العنيفة والأزمات المتداخلة التي تعصف بدول المنطقة وتشرِّد الملايين من أبنائها، تبدو في هذه المرحلة كأنها تتهيّأ في شكل أو في آخر لاستقبال طلائع الحلول والتسويات. بل توحي كأن هذه الحروب والبراكين والمجازر تتحضّر لتضع أوزارها تباعاً. وربّما بطرق وأساليب متقاربة ومتشابهة.

هنا، عند هذا الاحتمال، يصير من المفيد التأكيد أن لبنان ليس مضطراً، في أزماته المكدّسة والحرزانة، إلى انتظار نتائج المواجهة العنيفة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو لقطف “العنقود الرئاسي” الذي جهّزه طقس آب للأكل بلذة ومتعة. وبعد طول انتظار. وطول فراغ. وطول قلق.

وخصوصاً إذا تمكّن الدور الفرنسي من إنجاز نتائج فعّالة، على صعيد الاستحقاق الرئاسي في لبنان، خلال زيارة الرئيس الإيراني روحاني لباريس… أو بعد فترة، أو قبل أن تبدأ في حال نجاح مساعي التقارب بين طهران والرياض.

صحيح أن المعارك تشتدّ عنفاً في سوريا والعراق واليمن وليبيا، إلا أن “الخبراء” ينسبون هذا العنف إلى رغبة مختلف الأفرقاء والأطراف المعنيّين في تسجيل “غولات” أكثر قبل إطلاق صفارة انتهاء المباريات أو المنازلات.

غير أن جملة من الأدلة و”المستندات” تشهد لمصلحة القائلين إنّ المنطقة العربيّة الملتهبة تعدُّ العدّة للملمة “حصاد”و”ثمار” هذه الحروب المجانية التي دمّرت البشر والحجر والأرض والمياه والمكانة… وكل ما كانت تتمتّع به الدول التي أسقطتها أنظمتها في مجازر جماعيّة ووزّعت تاريخها المجسَّد في أرقى الأبنية، والقلاع، والجسور، والآثار العريقة، والمدن المتألِّقة في سطور وصفحات ومجلّدات التاريخ الغابر والجلي… إلى أنهر من دماء نافست كل الأنهر.

في هذا “المجال”، وبين هلالين، يمكن “ارتكاب” مغامرة القول إن اللبنانيّين قد تغيّروا. لهذه الفترة على الأقلّ. وريثما تتمّ “العجائب” المنتظرة على صعيد الفراغ الرئاسي وصرخة “خلصت الحرب” في الربوع العربيّة التي كانت غنّاء.

انفضحت أمامهم، مباشرة، كل الألاعيب. وسقطت كل الهالات والشعارات الكاذبة. كما الصياحات والخطب الطنّانة. وأدركوا بعد غفوة نافست غفوة أهل الكهف أن القصة قصة مناصب ومراكز ومكاسب ومصالح للأقربين أولاً وثانياً وثالثاً وأخيراً…

اما سائر الهتَّافين، والمتحمِّسين، فليس لهم أكثر من التصفيق، والنزول إلى الشارع، وحمل الشعارات، والتصويت في “علبة” المتزعّم يوم الانتخابات لأزلامه.

العزُّ والرزُّ للمتزعّم وأنسبائه والأقربين، والهتافات ودخول السجون والتشرّد والبهدلات للآخرين.

هل من مكان لهذه العبر في لبنان؟