لا احد يُمكنه إلغاء حضور الزعامات الطائفية المُمسكة برِقاب أنصارها وبرِقاب البلد. ولا يدّعي أحد أن تلك الزعامات يمكن أن تختفي نتيجة شعارٍ يُرْفَع في الشارع، مهما بلغ عدد مُردّديه ومُريديه. والدليل أنّ شيئاً لم يتغيّر في ذهنية الزعيم إلى أي طائفة انتمى، كما لم يتغيَّر شيء في عقلية أنصاره الذين يُفَضّلون إحتراق البلد على ألا تُمَسّ “صرماية ” معلّمهم ووليّ أمرهم.
لكن تلك الزعامات، التي استكثرت على اللبنانيين التعزية بمئتي قتيل، والمؤاساة بستة آلاف جريح سقطوا بسبب إهمالها وفسادها ولاوطنيتها، مطلوبٌ منها اليوم أن تتواضع وتتنحّى جانباً، إفساحاً في المجال أمام حكومةٍ مستقلّة، تتشكّل من أصحاب الكفاءة والصدقية والشرف، لتتولّى خلال مرحلة انتقالية وضع أسس الإنقاذ المالي والإقتصادي، بالتعاون مع المجتمعين العربي والدولي ومؤسساتهما وصناديقهما، وتنخرط في إزالة آثار عدوان الرابع من آب، وتمهّد لانتخابات نيابية مبكرة على قاعدة قانون انتخاب تمثيلي بالفعل وليس بالهيولى!
على الزعامات تلك، التي هجمت لتتناتش هبرة الحكومة المقبلة قبل إعلانها، أن تقف جانباً وتدعم نموذجاً يُرضي الجمهور اللبناني الغاضب والمجروح، وتُتيح لحكومة مستقلّة إلّا عن مصالح الشعب اللبناني المباشرة والعميقة، والعمل بحرية ومن دون ابتزاز شهدناه مع حكومة حسّان دياب، المزعومة مستقلّة، فإذا بمشغّليها يتبادلون التهديد بالإنسحاب والإعتكاف والإستقالة، ما حوّّلَ الوزراء الى أبطال لعبة ماريونيت شديدة السخافة، انتهت بمأساة كما بدأت.
انّها نصيحة لجميع رموز مرحلة السقوط: إنصَرفوا الى خدمة شعبكم وبلدكم ولو لمرّة. إبقوا خارج السلطة وأريحوها، واستعدّوا لانتخابات مبكرة بقانون عادل. فإذا فزتم عودوا الى كراسيكم العزيزة واحكموا وتمتّعوا، فهذا سيكون قرار المقترعين الناخبين، وليس لنا في تلك الحال الا أن نستسلم لمشيئته مُردّدين: كان الله وحزبه في عون لبنان وشعبه المظلوم!