السيد حسين لـ «السفير»: السماح لعواصف الشارع بالدخول إلى الجامعة ينهيها
«اللبنانية»: 73 ألف طالب و8 آلاف أستاذ وموظف في 49 فرعاً
ليست الجامعة اللبنانية جزيرة منفصلة عن محيطها. هي ابنة بيئتها، لذا كان من الطبيعي أن تتأثر بالتجاذبات السياسية والطائفية.. ومعها المذهبية.
«اللبنانية» جامعة تعوم في بحر من الضغوط. يتعكز طلابها على همومهم في سبيل اختصاصات قد لا تصرف جميعها، لاحقا في أسواق العمل، وإن أمكن أن يصرف بعضها. أما أساتذتها فيستندون إلى خبراتهم، ويعضون على أوجاعهم لاجتراح حلول تعينهم على التنصل من الضغوط السياسية والطائفية، بهدف إعادة العنوان الأصيل إلى هذا الصرح التربوي الكبير، «الجامعة الوطنية اللبنانية».
تكافح «الجامعة الأم» منذ سنوات للحفاظ على مكانتها. تجهد إدارتها لإبقائها جامعة الوطن والفقراء، وإن غالبها اليأس أحيانا، وتعثرت، إلا أنها تستعيد حيويتها مع كل دم جديد يضخ فيها لتحدث المواجهة، أما النتيجة: فالاستمرار برغم التحديات.
هموم الجامعة، ليست وليدة الأمس. منذ سنين طويلة، وإلى اليوم، وهي تعاني شتى أنواع المشكلات، بدءا من مخططات التقسيم والتفتيت، مرورا بمحاولة السيطرة السياسية والطائفية ومصادرة قرارها، وليس انتهاء بالتقشف في حقها وحرمان المال اللازم للحفاظ على وجودها. وإن كان القانون (66) قد عد إنجازا كبيرا، إلا أنه بقي قاصرا عن إيفائها حقها، بقي مجلسها خاضعا للسياسيين، مع هامش ضئيل من الحرية، فالأمر أولا وأخيرا للطائفة. وما جرى أخيرا على صعيد رئاستها وما شابه من تداعيات خير دليل على ذلك.
تشكل قضية رئاسة الجامعة أهم تحد لها. الرئيس لن يعبر إلا من خلال مجلس الوزراء، وحتى الآن لا موعد لجلسة تعيين ولا بوادر بانتهاء الملف. وإن كان أهل الجامعة يصرون على أنه لا يمكن فرض أي إرادة على الجامعة إلا من قبل مجلسها، غير أن ذلك ليس ثابتا بدليل الوقائع على الأرض.
بعيدا عن السياسة والطائفية، وبعيدا عن كل المشكلات مهما اتسعت واختلفت، فقد حققت الجامعة اللبنانية إنجازات تُحسب لها، يعددها رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين على مختلف الأصعدة. يصفن حين الحديث عن الواقع السياسي في البلد. لكنه يؤمن بأن ما تحقق حتى اليوم، يكاد يكون مستحيلا إذا ما قورن بالواقع الحالي للجامعة على صعيد الإمكانات المتاحة. ومن هنا يدخل إلى موضوع عدم فتح فروع لها في المناطق لأن ذلك بحاجة إلى موازنة، وعلى أساس أنه لا يمكن «فلش الجامعة بطريقة عشوائية».
لمناسبة انطلاق العام الدراسي الجامعي، وعلى مشارف انتهاء ولايته التقت «السفير» رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين، والأساتذة: منسق اللجنة المركزية للبحث العلمي الدكتور غسان شبو، المستشار القانوني لرئيس الجامعة الدكتور عصام اسماعيل، ومديرة مكتب العلاقات الخارجية في الجامعة الدكتورة ندى شباط.
الأسئلة كثيرة، معظمها قد يلخص تحت عنوان «الجامعة الوطنية والسياسة»، وهذا ربما يحتاج إلى بحث مفصل. لذلك كان الكلام عابرا عن رئاسة الجامعة وتجاذباتها. ليتجه نحو تنظيم الحياة الأكاديمية داخل جدران الجامعة، وما يهم الطلاب وأساتذتهم.
يفاخر السيد حسين بأمن الجامعة، برغم امتدادها على مستوى لبنان. لكنه يرفض «المخاطرة بفتحها للأعلام والشعارات الحزبية، لأن دخول الطلاب في نزاعات سياسية من شأنه أن يخربها».
وإذ يشدد على أن «للأحزاب حرية العمل الفكري»، إلا أنه يلفت الانتباه إلى أنه «لا بد من رقابة من قبل العمداء والأساتذة حتى لا تنفلت الأمور».
وإذ يشدد على أنه ضد «بعض المناسبات الحزبية، وأنه مع حرية العمل الحزبي، ضمن أصوله»، يؤكد أن «الحزبيين يفرضون أنفسهم من خلال تمرير جماعاتهم إلى الجامعة. ونحن نحاول الحد من ذلك».
إلى ذلك، يؤكد السيد حسين أنه ضد وجود اتحادين للطلاب، كما أنه يرفض «تطييف» الاتحاد «لأننا رواد وحدة وطنية، ولا يمكننا أن نتصرف كباقي الهيئات الأخرى». لكنه يكرر الاعتراف بأن «هناك تدخلات وصعوبات نكافح مع بعض الأساتذة لمواجهتها». من هنا يعوّل على الطلاب أنفسهم قائلا: «ما يميز طلاب الجامعة اللبنانية هي رغبتهم بالتلقي العلمي وهي تجعلهم يبتعدون عن أمراء الطوائف».
وهنا تأتي مسؤولية الأستاذ الجامعي، «الذي بمجرد دخوله إلى الجامعة اللبنانية عليه أن يدرك دورها الوطني. إذ إن قانون الجامعة في مادته الأولى ينص على تعزيز القيم الإنسانية بين المواطنين والانتماء للبنان. هذه ليست عبارة بسيطة، هناك الكثير من الأساتذة ملتزم بذلك. قد توجد حالات فردية كأن يفكر البعض بأننا نأخذ راتبنا وكفى». ويؤكد: «إذا سمحنا لعواصف الشارع بالدخول إلى الجامعة، تنتهي الجامعة».
يرفض رئيس الجامعة «أن ينسب أي إنجاز إلى نفسه، فهي لا تقاد بشخص بل من خلال مجلس»، مشيرا إلى أن المجلس الحالي غير كاف لإدارة جامعة من 49 فرعا، تضم 73 ألف طالب، و5 آلاف أستاذ و3 آلاف موظف وأجير ومدرب، فهل يمكن إدارة جامعة كهذه بشخص». يضيف: «لو لم تكن لدينا مجموعة من اللجان، ما كان الأمر ليستقيم».
وصل عدد طلاب الجامعة في العام 2011 إلى 72 ألف طالب، أما اليوم فعدد الطلاب هو 73 ألف طالب. يبرر السيد حسين هذه الزيادة الطفيفة نسبيا، بأنه في العام 2011 كان هناك نحو 6 آلاف طالب سوري في «اللبنانية» أما اليوم فهناك نحو 1490 طالبا سوريا، وبالتالي فإن الفارق هو زيادة لمصلحة الطلاب اللبنانيين، مشددا في الوقت نفسه، على أنه لا يمكن استيعاب أعداد أكبر من الطلاب، لوجستيا، ويرى «أن الحل هو بإنشاء مجمعات جامعية في المناطق، وهذا أمر تعيقه السياسة».
أما عن الصفوف والشعب، فيشير السيد حسين إلى «أن ذلك غير ممكن من الناحية اللوجستية، كذلك هناك كليات موحدة ناضلنا لتوحيدها لا لتفريعها».
عن الدكتوراه
ووحدة الإفادات والشهادات
يؤكد السيد حسين «أن القانون يلزم بأعداد طلاب محددة لقسم الدكتوراه من خارج الجامعة اللبنانية». ويوضح أنه «ليس هناك نقص في حملة الدكتوراه من الجامعة اللبنانية، وهذا لا يعني أن لا نأخذ أعدادا إضافية، لكن لنوجه نحو الاختصاصات التي نحن بحاجة إليها، وهناك اختصاصات لا يمكننا حلها في لبنان، كالفنون الرسم وبعض الهندسة المعمارية، والمسرح والتمثيل، فنرسلها إلى الخارج لينالوا شهادات الدكتوراه، خصوصا إلى إيطاليا، وهذه من الإنجازات التي أعتبرها مهمة لأن إيطاليا مهمة في هذا المجال».
ويلفت السيد حسين النظر إلى توحيد الإفادة والشهادة الجامعيتين. ويقول: «لا أقبل بشهادة لكل كلية، انتهينا من هذا الأمر. ما يتغير اليوم هو فقط اسم الكلية، وهناك رقم للشهادة لأنه في الخارج لا يعتمدون على الإفادة فقط بل على الشهادة (الكرتون). وأيضا بات هناك تخرج واحد للفروع في الكلية الواحدة منذ استلامي الرئاسة. قبلي كان هذا موجودا في بعض الكليات، أما الآن فهو في جميعها وذلك للحفاظ على الصورة الموحدة للجامعة».
ويؤكد رئيس الجامعة أن «صورة الجامعة خارج لبنان تعطيها جوهرها وحقيقتها أكثر من لبنان. لكن الجامعة لا تُوفّى حقها إعلاميا محليا، لأننا لا نملك ميزانية لذلك، وإذا قمنا بملاحظة هذا الأمر في موازنتها يقومون بشطبها، وللأسف فإن الجامعة تتعرض للإساءة من قبل بعض وسائل الإعلام».
تشكيل لجنة مركزية للبحث العلمي
في آذار العام 2012 تم تشكيل اللجنة المركزية لإدارة البحث العلمي في الجامعة، والتي أخذت على عاتقها مسألة تطوير البحث، فوضعت خطة عمل لتطوير البحث، مع اقتراحات لتفعيله.
يشير منسق اللجنة الدكتور غسان شبو إلى أن «اللجنة تمكنت من تحقيق أعمال كثيرة تمثلت بوضع خطة تطوير، ومشروع هيكلية، وتطوير برامج دعم للبحث العلمي بين عامي 2012 و2014، ثم اقترحت نظاما موحدا للماستر البحثية. وفي العام 2013 تم تنظيم إدارة البحث العلمي في الكليات».
ومن الإنجازات التي حققتها اللجنة في العام 2015 كان تنظيم وتفعيل المختبرات البحثية في الكليات، وآلية تطبيق السنة السابعة، وهناك شرعة الأمانة الفكرية في الجامعة اللبنانية إضافة إلى مهام الأستاذ في الجامعة اللبنانية، وهاتان مسألتان قيد التحضير.
ويلخص شبو مهام مراكز إدارة البحث في الكليات فتلخص بـ «تفعيل النشاط البحثي في الكلية، وإنشاء المختبرات والمراكز البحثية المتخصصة ودمجها وإلغائها، وإنشاء قاعدة معلومات للتوثيق البحثي للكلية والتنسيق مع الأقسام الأكاديمية في خصوص الماستر البحثية والتنسيق مع المعاهد العليا للدكتوراه في خصوص الدكتوراه واستخدام المنصات البحثية المشتركة، وإعداد مشروع موازنة البحث العلمي في الكليات والتقرير السنوي عن النشاط البحثي فيها».
وفي الجامعة ثلاثة برامج دعم للأبحاث، بإدارة لجنتين مركزيتين تتمثل فيهما الكليات ومعاهد الدكتوراه واللجنة المركزية لإدارة البحث العلمي، كذلك هناك لجنة مركزية لإدارة تقييم الأبحاث المنشورة ومن مهامها الإشراف على تطبيق النظام الموحد.
وإذ يلفت شبو الانتباه إلى انه من النتائج أن هناك عشرات الأبحاث وجدت طريقها إلى الانتهاء منذ 2012 وحتى 2015. يؤكد أن موازنة البحث العلــمي في الجامعة ضعيفة جدا إذ لا تتجاوز الـ1.5 في المئة من الموازنة العامة.
مكتب العلاقات الخارجية
في الجامعة اللبنانية مكتب للعلاقات الخارجية يهدف إلى تفعيل دور الجامعة محليا، إقليميا ودوليا، وإظهار صورة الجامعة اللبنانية الحقيقية، وذلك من خلال إبرام الاتفاقيات على المستويين الداخلي والخارجي. وقد تمكن من إبرام اتفاقيات مع جامعات: فرنسا، إيطاليا، اسبانيا، الصين، روسيا، الدانمارك، بلجيكا، سويسرا، تركيا، إيران، كوريا.. ودول أخرى. كما يهتم المكتب بالاتفاقيات على المستوى اللبناني من خلال الاتفاقيات مع بعض الوزارات (الصحة، الشؤون الاجتماعية، والثقافة). وإضافة إلى الاتفاقيات، ينظم المكتب أصول االتعاون مع السفارات المعتمدة في لبنان، من خلال التدريب وتمويل بعض المشاريع، واستحداث بعض برامج التأهيل، ومنح للطلاب المتفوقين.
ويشارك المكتب في مشاريع دولية تهدف إلى تطوير البرامج التعليمية وتنمية المعرفة العلمية وتبادل الخبرات العلمية والثقافية والمشاركة في إعداد وتنفيذ مشاريع عدة ممولة من جهات خارجية (مثل تمبوس أو ايراسموس أو ايراسموس) تشارك الجامعة فيها عبر عدد من أساتذتها وكلياتها، وينتج منها تحديث وتطوير هيكلي للجامعة يساعد على مواكبة التحولات الحديثة، ثم إشراك الجامعة في منظمات وهيئات جامعيّة معنيّة بالتّعليم العالي، الدوليّة والإقليميّة والوطنيّة.
القوانين والمراسيم منذ 2011
يؤكد اسماعيل أن الجامعة حققت منذ العام 2011 إنجازات كثيرة على صعيد القوانين والمراسيم، لمصلحة أفراد الهيئة التعليمية، ومعاشات المتقاعدين لديها. كذلك إجراء مباراة محصورة لملء شواغر في الملاك.
ويوضح أنه تم «تعديل بعض القوانين لمصلحة أفراد الهيئة التعليمية، وإنشاء معهد في الجامعة اللبنانية باسم «معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية»، كذلك إنشاء ثلاثة معاهد عليا للدكتوراه في الجامعة اللبنانية وإعادة الماستر 2 إلى الكليات. وإنشاء مركز علوم اللغة والتواصل في كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
وقبلت الجامعة بعض الهبات الدولية التي تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، في حين أن الهبات الداخلية تحتاج إلى موافقة مجلس الجامعة فقط.
ولعل الإنجاز الأهم هو تنظيم مجلس الجامعة، وتقنين مبدأ أن من ينتخب للرئاسة يجب أن تكون له سنوات خدمة لبلوغ السن القانونية موازية لمدة الولاية بعد تاريخ الانتخاب المحدد.
ومن الإنجازات أيضا إنشاء كورال للجامعة وستكون انطلاقته اليوم في احتفال افتتاح العام الدراسي الجديد. وإنشاء لجنة لتقديم استشارات قانونية وإدارية لمؤسسات القطاع العام.
هذا بالإضافة إلى مشاريع كثيرة تم إنجازها، منها مشروع قرار نظام الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، و «مكتب خريجي الجامعة اللبنانية في الخارج».
1500 شهادة دكتوراه
تضم الجامعة اللبنانية عددا كبيرا من طلاب الدكتوراه، وقد خرّجت نحو 1500 طالب من حملة هذه الشهادة. وهناك في كلية الآداب والعلوم الإنسانية نحو 680 طالبا، و165 طالبا في معهد العلوم والتكنولوجيا، الذي يدير أيضا ثلاث منصات بحثية مجهزة، وهي تؤمن خدمات ضمن الجامعة ولقطاعات خارج الجامعة. ويعتبر القيمون على الجامعة أن هذا العدد يفوق حاجات السوق.