قراءة ديبلوماسية للتشدّد حيال السوريين: تبدّل الشرح لا المضمون
الإجراءات اللبنانية: «إذن دخول» لتخفيض عدد النازحين
بعد أن وقعت البعثات الديبلوماسية في الخارج في لغط حول كيفية تطبيق الإجراءات الخاصة بدخول السوريين الى لبنان، وصلها تعميم وزارة الخارجيّة اللبنانيّة الذي أوضح الآليات التطبيقية، مشيرا الى أن دخول «الرعايا السوريين الى لبنان لا يتطلّب الحصول على تأشيرة من أيّ نوع كان، إنّما الإعلان عن سبب الزيارة وحيازة المستندات المطلوبة».
هذا التعميم لوزارة الخارجية جاء بناء على كتاب من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بتاريخ 9 الجاري، والمرفق بنسخة تطبيقية لمذكرة الخدمة رقم 99 الصادرة في 30 كانون الأول 2014 المتعلقة بالإجراءات الجديدة التي ترعى دخول السوريين الى لبنان والتي بدأ العمل بها اعتبارا من 5 الجاري. وبموجب هذا الكتاب، أكد ابراهيم أن دخول الرعايا السوريين الى لبنان لا يتطلّب الحصول على تأشيرة من أي نوع «إنما الإعلان عن سبب الزيارة وحيازة المستندات المتوافقة معه، وذلك عند ايّ معبر حدودي برّي أو جوّي».
في هذا الإطار، أوضحت مصادر ديبلوماسية ماهيّة الإجراءات المحدّثة بمفهومها وليس بمضمونها وقالت إن «السفارات اللبنانية تلقّت تعميم وزارة الخارجية بناء على كتاب الأمن العام، وقد أوضحت هذه الإجراءات بما لا لبس فيه أن الشخص السوري ينبغي أن يحوز على مستندات محددة للدخول الى لبنان، فيتأكد منها عناصر الأمن العام ويعطونه إذنا بالدخول من دون ضرورة الحصول على تأشيرة بالمعنى المتعارف عليه للكلمة».
القرار هو نفسه الذي سبّب اللغط سابقا والذي اختلفت قراءاته بين الحديث عن «تأشيرة» أو عن «إذن بالدخول»، لكن الفارق اليوم، وبحسب المصادر الديبلوماسية، أنه «تمّ اختراع قراءة جديدة واضحة له بغية تبرير موضوع التراجع عن موضوع التأشيرة الذي جرى التسرّع فيه لأنه لا يمكن للبنان التفرّد بتعديل اتفاقية مشتركة بين البلدين».
وأشار الى أنّ «عدم وجود التأشيرات تمّ بموجب اتفاقية بين لبنان وسوريا، وبالتالي فإن إعادة العمل بالتأشيرات ينبغي أن يتمّ بالاتفاق الثنائي وليس عبر التفرّد من جهة واحدة».
وقد نشأ اللغط حول هذا الموضوع حين فرض الجانب اللبناني إبراز مستندات وشروطاً جديدة للدخول غير تلك التي كانت موجودة قبلا (إبراز الهويّة فحسب)، علما بأن هذه الشروط تتمّ عادة بالاتفاق بين البلدين المعنيين.
إبراز هذه المستندات كلها يشبه التقدم للحصول على تأشيرة دخول والفارق عدم تحديد رسم مالي لها، لكن في النهاية فإن شركات الطيران العالمية رفضت قبول ركاب سوريين الى لبنان إلا بعد استحصالهم على «فيزا» لبنانية، إذ تمّ فهم الموضوع على أنّه «فيزا»، وحصل اللغط السياسي والقانوني حول صحّة الإجراء أو قانونيّته، وبعد تفسيرات عدة، جاء كتاب المدير العام للأمن العام حاسما بأنها إجراءات على المداخل الحدودية وليست تأشيرات دخول.
ومن الأمثلة التي يمكن عرضها عن الإجراءات الجديدة أنه في حال رغب المواطن السوري بالدخول كسائح، فيطلب منه حجز فندقي ومبلغ يوازي ألف دولار أميركي والأوراق الثبوتية اللازمة وهوية سليمة وجواز سفر ودفتر العائلة إذا كانت برفقته، ويمنح إذن دخول للسياحة تتناسب مع مدّة الحجز الفندقي قابلة للتجديد في المركز الإقليمي التابع له مكان إقامته.
أما إذا أراد الدخول بصفة نازح فلا يسمح بالأمر إلا في حالات إستثنائية تحدّد إجراءاتها مع وزارة الشؤون الإجتماعية، وتفاد الدائرة الأمنية عن الوضع ويصار الى منحه «إذن عبور» إجمالي لمدة 24 ساعة. وهكذا دواليك حددت الإجراءات للعلاج الطبي أو التسوق أو لمراجعة سفارة أجنبية أو سواها من الحالات.
للتذكير فإن وزارة الخارجية والمغتربين شددت للبعثات في الخارج على أنّ «الإجراءات التي اتخذتها الدولة اللبنانية تأتي في سياق قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 24 تشرين الأول 2014 الذي اعتمد ورقة سياسة النزوح السوري الى لبنان، والتي تهدف الى: وقف النزوح، تقليص الأعداد وتخفيف الأعباء الإقتصادية». وأوضحت وزارة الخارجية أن «تلك الإجراءات تهدف الى التأكد من أن الرعايا السوريين الذين يدخلون لبنان ليسوا بنازحين وانّ تلك الإجراءات لا تطال أبدا الرعايا غير النازحين، وهي ليست تأشيرة دخول الى لبنان على الإطلاق، علما بأن الحدود تبقى مفتوحة بين البلدين كالعادة وبلا تغيير».