النجاة من «كمين برلين» لا تبرر التقاعس الحكومي
الإدارة اللبنانية لملف النازحين.. الشيء وعكسه
تتكرر عبارة توطين اللاجئين السوريين في لبنان في الأدبيات الدولية من نيويورك الى برلين. الأميركيون حسموا أمرهم برفض خيار اقامة مخيمات للنازحين السوريين. في مؤتمر برلين المخصص لمناقشة قضية اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري، كان المطلوب استدراج لبنان الى فخ التوقيع على مسودة تنظم امور اللاجئين في الدول التي لجأوا اليها، استنادا الى اتفاقية اللاجئين.
تحت هذا العنوان الانساني اراد المجتمع الدولي ان يمرر التوطين الجديد مستغلا التفاوت لا بل الاختلاف في تعامل دول الجوار مع ملف اللاجئين، ففي الأردن وتركيا اقيمت مخيمات للاجئين على جانبي الحدود، بينما يشكل الارباك سمة تعامل الحكومات في لبنان مع ادارة ملف تدفق النازحين الى الاراضي اللبنانية.
واذا عدنا الى بداية الأزمة السورية في ربيع العام 2011، نجد أن اللبنانيين انقسموا في موقفهم بين داع لفتح كل بيوت اللبنانيين وبين داع الى إقفال الحدود. بين من طالب باقامة مخيمات على الحدود اسوة بالأردن وتركيا وبين من رفضها كليا. بين من دفع باتجاه تنظيم وجود النازحين طمعا بالحصول على المساعدات من الخارج، وبين من أدى بسلوكه عمليا الى تعميم الفوضى.
ولو دققنا نجد ان الارقام المسجلة لدى الاجهزة اللبنانية المعنية هي غير تلك المسجلة في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لان قسما من السوريين رفض التسجيل لدى المفوضية مخافة تحديد هويته ومكان اقامته وكونه يحصل على مساعدات من جهات اخرى، وفي المقابل، ثمة فريق سياسي لبناني كان يردد ان الحصول على مساعدات دولية للنازحين يعني إبقائهم في لبنان، بينما المطلوب العكس، اي مساعدتهم للعودة الى بلادهم.
هذا الارباك ادى الى دخول حوالي مليون ونصف المليون نازح سوري وكتلة من النازحين الفلسطينيين الى لبنان، «الامر الذي يفوق قدرة الدولة على مواجهة هذه الاعباء خصوصا على ابواب فصل الشتاء، وترجم هذا الضغط في كل المجالات (التعليم، الصحة، البيئة، الاقتصاد، الامن..)، لذلك، كان يمكن أن تشكل الوثيقة التي صدرت، أمس، عن مؤتمر برلين محاولة لفرض امر واقع على لبنان نتيجة هذا التخبط.
ويقول مرجع معني أن مسودة مؤتمر برلين تضمنت بندا ينص على تقديم خدمات للاجئين وتأمين حقوق ومستلزمات تفرض على الدول المضيفة بشكل رسمي مع الوعد بتمويل خارجي، «الامر الذي يلقي أعباء على الدولة اللبنانية التي ستكون ملزمة بتطبيق مندرجات الوثيقة، خصوصا اذا ما حوّلت الى الجمعية العامة للامم المتحدة وتم اقرارها كوثيقة دولية».
يجيب أحد أعضاء الوفد بالقول إن لبنان نجا، لكن شركا كهذا «لم يكن نصبه ممكنا لولا أن لبنان هو البلد الوحيد الذي لم ينظم تواجد النازحين لاعتبارات سياسية وأمنية واقتصادية، وهذا أمر غير موجود في بلدان اخرى مضيفة، وبالتالي، ثمة خريطة عشوائية لاماكن تواجد النازحين، مما يصعّب عمل المؤسسات اللبنانية، من حكومية وغير حكومية، ناهيك عن عدم الثقة بالمؤسسات الدولية التي ترعى شؤون اللاجئين، في ضوء تجربة اكثر من ثلاث سنوات مع النازحين السوريين، اضافة الى تجربة الاونروا مع اللاجئين الفلسطينيين وهي اكبر مثال على تراجع التمويل وبالتالي مستوى الخدمات».