واضح أنّ المجتمع الدولي وفي مقدمه الولايات المتحدة الأميركية يعوّل كثيراً على دور الجيش اللبناني في أي تسوية مقبلة في جنوب لبنان تفرض تطبيق القرار 1701. وواضح أيضاً أنّ الجيش مستعد من أجل هذه المهمة شرط أن يتوفر له القرار والاتفاق السياسي باعتبار أن لا مشكلة لدى الجيش في التعامل مع أي مسألةٍ عسكريةٍ من التطويع إلى التزود بالمزيد من الأسلحة والمعدات وتطبيق الخطط العسكرية عند الحدود التي تحفظ الأمن والاستقرار شرط أن يتوفر كل التمويل لذلك إن من الداخل اللبناني أو من خلال المجتمع الدولي الذي أصبح يعرف جيداً ما يحتاجه الجيش، وقد لعب العماد جوزاف عون دوراً أساسياً ورئيسياً في هذه العملية.
المشكلة التي قد يواجهها الجيش هي أنّ أطرافاً في لبنان لا تزال تشكك في قدرة الجيش على حماية لبنان وحدوده وأهله ويسهل في هذا السياق العودة إلى الأرشيف للإكتشاف بأنّ «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» شككا في قدرات الجيش في مواجهة إسرائيل ومواجهة المتطرفين وذهب التشكيك إلى حد أنه لولا «حزب الله» لكان «الدواعش» قد اجتاحوا المناطق المسيحية وسبوا نساءها.
هذا التشكيك لم ينته ولا يزال قائماً وربما لأسبابٍ سياسيةٍ او لأسبابٍ شخصيةٍ أو لرفض أي مظهر من مظاهر الدولة والسيادة، وربما سها عن بال هؤلاء أن أول من واجه إسرائيل والمتطرفين كان الجيش اللبناني من معركة المالكية إلى فجر الجرود وما بينهما ولا سيما معركة نهر البارد حيث كانت المواجهة الأعنف مع المتطرفين، فخاضها الجيش باللحم الحي بعدما كان يتم التباهي أيام الوصاية السورية أنّ الجيش قد أعيد بناؤه وفق عقيدةٍ وطنيةٍ ليتبيّن عند اندلاع المعركة في هذا المخيم الفلسطيني أنّ الجيش كان مهمشاً ومهشماً وأنّ كل كلام في وقتها عن إعادة بنائه وتسليحه كان فاقداً للمصداقية بحيث أنه كان يفتقد للذخيرة والمعدات وعلى الرغم من كل ذلك اخترق الجيش كل الخطوط الحمر حول مخيم نهر البادر وخاض المعركة ودفع الثمن الكبير.
يثق اللبنانيون بجيشهم ويدركون أنه قادر على حمايتهم من أي عدو، وربما لا يريد المشككون حماية حقيقة للبنان كي يبقى ساحة للصراع لا ساحة للإستقرار والازدهار.