Site icon IMLebanon

تأخير الانتخاب “لغم” سياسي للإطاحة بقائد الجيش

 

التوافقي المستور

 

 

أرجأ الرئيس نبيه بري جلسة انتخاب الرئيس لإغراق التوافق حول قائد الجيش في أتون المحرقة المحلية

يشكل انتخاب رئيس للجمهورية واحد من التعهدات التي قدمها رئيس البرلمان بـ”النيابة” عن “حزب الله” ضمن بنود التسوية “المحجوبة”. لذا فإن المفاجأة ليست في تحديد موعد لجلسة انتخاب جديدة، إنما في ترحيلها حتى 9 كانون الثاني، حيث كان من المفترض أن تعقد خلال أسبوعين، وإن كان ألمح إلى أن الجلسة ستستمر في دورة ثانية، وربما أكثر، حتى تفضي إلى انتخاب الرئيس العتيد، في تأكيد منه على مضيّه في تعهده.

 

 

بيْد أن بري، وبما عرف عنه من دهاء سياسي، ومن منطلق استيعابه موجة الضغوط الدولية الهائلة، عمد إلى التحايل على تعهده، من دون الإخلال به، بقصد إفساح المجال أمام إسقاط التوافق على قائد الجيش العماد جوزيف عون، والتمهيد لخلق مناخ توافقي حول مرشح آخر لا يزال “الثنائي الشيعي” حريصاً على إبقاء اسمه طي الكتمان، بالتنسيق مع فرنسا وإيران.

 

 

بالطبع، إن الفترة الزمنية الفاصلة عن الموعد المحدد ستشهد طرح العديد من الأسماء، لكن ثمة اسماً غالباً لن يكون من بينها. حسب مصادر نيابية، فإن رئيس “تيار المردة”، سليمان فرنجية، وصلته رسالة تخلي “الثنائي” عن دعم ترشيحه، فرد عليها بتغيّب النائب طوني فرنجية عن الجلسة النيابية، الأمر الذي يعبّر عن مدى امتعاضه وعدم تقبله لهذه الخطوة.

 

 

وتبيّن المصادر نفسها بأن “الثنائي” لن يدخر جهده لاستغلال هذه المدة، من أجل تذويب قوة الدفع الهائلة، عربياً ودولياً، التي يحظى بها قائد الجيش، العماد جوزيف عون، بغية إيصال شخصية يرتاح إليها. يتقاطع ما سبق مع معلومات من جهات سياسية ودبلوماسية، تشير إلى أن طهران وباريس نسجتا التسوية التي أذعن فيها “الحزب” إلى كل الإملاءات الإسرائيلية، مقابل أن يكون للأخير كلمة في صناعة رئيس الجمهورية، بالتنسيق معهما، من أجل حماية نفوذه في المعادلة السياسية اللبنانية، وضمان استمرار مسار التعاون الإيراني – الفرنسي بكل منافعه السياسية والاقتصادية.

 

 

ومع حرص أطراف التسوية على كتمان اسم الشخصية التي جرى الاتفاق عليها، إلا أن مصادر نيابية تكشف عن دعم فرنسي يتظهر بشكل ناعم ومتدرج لوزير الداخلية الأسبق زياد بارود، والذي يعد أحد أبرز الشخصيات المفضلة للرئاسة من قبل “الحزب”، وكذلك “التيار الوطني الحر”، ولذا حاولا على الدوام إبقاء اسمه خارج إطار التسريبات الإعلامية التي يبرعان في نثرها، ريثما تنضج لحظة انتخابه.

 

 

ورغم أن بارود يتمتع باحترام واسع في الأوساط السياسية، إلا أن هذا الرصيد يصعب ترجمته أو توظيفه في عملية انتخاب رئيس جديد يقود البلاد نحو حقبة سياسية جديدة مختلفة تماماً عن المراحل السابقة، ولا سيما في ظل اعتراض فريق سياسي محلي وازن ليس على اسمه، إنما على صلاته “الوثيقة” مع أطراف ممانعة. وهذه الصلات بالذات كانت السبب في إحجام السعودية ومعها دول الخليج عن تبني التسوية الفرنسية – الإيرانية، لرفضها دعم إعادة إنتاج نفوذ “حزب الله” سياسياً ومالياً، بما يعني عملياً عدم تمويل إعادة الإعمار.

 

 

لذا، سعى “الثنائي” عبر “اللغم” السياسي الذي زرعه بري إلى كسب الوقت، بهدف تقديم الضمانات والتعهدات إلى السعودية والولايات المتحدة، عبر فرنسا، من أجل إقناعهما بدعم مرشحه. بالتوازي مع إغراق التوافق حول العماد جوزيف عون في أتون المحرقة المحلية ومماحكاتها، وإثارة اللغط والضجيج حول ترشيحه وانحيازاته السياسية. وتبين المصادر النيابية بأنه سيستغل تسويق بعض الإعلام الإسرائيلي لعون من أجل التصويب عليه. وفي أسوأ الأحوال، فإن “الثنائي الشيعي” لن يسهّل انتخاب قائد الجيش، إلا مقابل صفقة سياسية تحفظ لكل منهما الحد الأدنى من نفوذه السياسي.