IMLebanon

خلافاتكم مقيتة… والجيش ليس كبش محرقة

 

لنُطمْئن الذين يريدون استغلال أعمال التخريب المشينة التي حصلت في طرابلس لوصم انتفاضة شباب المدينة بأنها تنفذ مآرب أجهزة او أطراف: لن تتمكنوا من تشويه صورة طرابلس وأهلها ولا تزوير شهادة عمر طيبة.

 

إنتفضت طرابلس هذا الاسبوع لأن الاهمال المزمن ترافق مع فشل السلطة في تنفيذ خطة اقفال تراعي الفقر وانعدام سبل العيش وحاجة المعدمين الى مساعدات. وأعادت طرابلس إحياء روح 17 تشرين لأن المطالب التي رفعتها تلك الثورة ازدادت إلحاحاً مع تعنّت المنظومة الفاسدة والمجرمة وإصرارها على القضاء على ما تبقى من مقومات الحياة.

 

قرف اللبنانيون من تقاذف المسؤوليات، وتعبوا من قدرة الطبقة السياسية على التلاعب بالعصبيات، ومن خبثها المقيت القادر على إفشال مبادرة الرئيس الفرنسي لتشكيل حكومة اختصاصيين والتذرع بأسباب، كلها حقيرة حين تمنع على اللبنانيين حقَّهم في وجود حكومة تعطيهم جرعة اوكسجين. وليس ما حصل في طرابلس، من أوله الى آخره، من الاحتجاج السلمي حتى التخريب الاجرامي، الا نتيجة لانعدام المسؤولية السياسية والأخلاقية لدى اهل السلطة مجتمعين.

 

قلنا ونكرر ان لا حلَّ امنياً لانتفاضة اللبنانيين ولا لاحتجاجات شباب طرابلس المحتاجين، وأن تحويل الأنظار عن أصل المشكلة السياسي هو الجريمة بحد ذاتها. أما اتهام الجيش بتنفيذ مخططات والتفرج على الحرَّاقين يعيثون فساداً فهو غش بكل تأكيد.

 

لا يجوز لأحد ان يُنزِّه أي مؤسسة أمنية عن الأخطاء. والجيش مقصّر في حماية المباني العامة في طرابلس ما يستوجب التحقيق والمحاسبة. لكن رغبة كل طرف بدوره في وضع الجيش بمواجهة المواطنين الغاضبين وتحميله وزر التجاذب المعيب على الحصص والنفوذ، من شأنه الاساءة الى المؤسسة شبه الوحيدة الباقية ضمانة للبنانيين ووحدتهم، فيما نشهد اصرار “مكونات” السلطة المافيوية على تبادل التحريض البغيض محولة أزمتها الى أزمة “مكونات” طائفية ومهددة الاستقرار الهش والسلم الأهلي.

 

كنا أول من رفع الصوت في عز ثورة 17 تشرين ضد استخدام الجيش أداة لقمع الثائرين، ولا نزال مصرّين على أنه يجب ان يكون جيش الدولة وليس جيش النظام وتحالف النهب والتواطؤ على الشعب والسيادة. ولن يكون أداء الجيش مثالياً لا في ضبط الوضع الداخلي ولا عند المعابر الحدودية ما دامت السلطة السياسية ممعنة في الفساد والولاء لمصالح الخارج. رغم كل ذلك، من الضروري تحصين المؤسسة وإبعادها عن الاتهام والتجريح في وقت يتوجب عليها تنفيذ مهماتها ضمن القوانين وبقدر ما تستطيع.