حذّرت مصادر ديبلوماسية، من أيّ مقاربات وتأويلات وتفسيرات «سياسية» أعطيت من قبل البعض، وبشكل متسرّع وغير بريء، لزيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى العاصمة الفرنسية. واعتبرت أن التصويب السياسي على وقائع هذه الزيارة، خصوصاً لجهة اللقاءات الخارجة عن البروتوكول، والتي أتت بشكل مفاجئ، ولم تكن من ضمن برنامج الزيارة، لا سيما لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في سابقة تُسجّل للمرة الأولى، هو خطوة متسرّعة ولا تندرج في سياق حماية ودعم المؤسّسة العسكرية، إذ شدّدت المصادر، على أن الإهتمام الفرنسي يطال المؤسّسة ويركّز على دور الجيش في المرحلة المصيرية التي يمرّ بها لبنان، كون هذه المؤسّسة هي التي ستعمل على حماية السلم الأهلي عندما تتعرّض مؤسّسات الدولة للإنهيار، بفعل غياب أي اتفاق على حكومة قادرة على تأمين انتظام عمل هذه المؤسّسات الشرعية.
وكشفت الأوساط، أن رسالة الرئيس إيمانويل ماكرون، التي أراد توجيهها إلى القوى السياسية من خلال استقباله قائد الجيش، هي ردّة فعل حقيقية على الخيبة التي مُنيَ بها بعد سقوط رهانه على المسؤولين السياسيين اللبنانيين، وبشكل خاص المعنيين منهم بتأليف الحكومة، علماً أن وزير خارجيته جان إيف لودريان، سبق له وأن أبلغهم ذلك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، والتي نعى فيها بشكل صريح المبادرة الفرنسية التي كان قد أطلقها ماكرون خلال زيارته الأولى إلى لبنان.
وكشفت المصادر نفسها، عن أن ما من حسابات سياسية مرتبطة بزيارة قائد الجيش إلى فرنسا، والتي تندرج في إطار تأمين الدعم على كل المستويات للمؤسّسة العسكرية التي تعاني بشكل مباشر من الأزمة المالية، مما بات يهدّد قدرتها على القيام بدورها بالشكل المطلوب، ومن هنا، أتى دعم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وكذلك عواصم أوروبية أخرى في المرحلة المقبلة، وذلك من أجل عدم السماح بعدم تعرّض المؤسّسة لتداعيات الأزمة المعيشية القاسية التي يواجهها اللبنانيون في كل المناطق اللبنانية.
واعتبرت المصادر الديبلوماسية ذاتها، أنه من المبكر الدخول في أية تأويلات وتفسيرات غير موضوعية تتعلّق بالحسابات الرئاسية، وبشكل خاص من قبل الأطراف المسيحية المارونية، ذلك أن هذه الحسابات غير واردة لدى باريس التي زارها قائد الجيش، وواشنطن التي سيزورها خلال أسابيع، أو لدى العماد نفسه، الذي وضع نصب عينيه الأولويات المتعلّقة بحماية المؤسّسة وعناصرها في الدرجة الأولى، وليس أي شأن آخر.
وفي سياق متصل، تحدّثت المصادر الديبلوماسية نفسها، عن مساعٍ تقوم بها باريس من أجل تأمين أوسع مروحة من الدعم الدولي للجيش اللبناني، وذلك انطلاقاً من كونه «المظّلة» التي ستحمي معادلة الإستقرار في المرحلة المقبلة، ولذلك، فإن الرئيس الفرنسي سيحاول التواصل مع رؤساء بعض الدول الأوروبية من أجل الإعداد لمؤتمر دولي بهدف تأمين الدعم للجيش اللبناني، وبالتالي، شدّدت المصادر نفسها، على أن العنوان الأساسي الذي تضعه باريس لزيارة العماد عون، يتمحور حول دعم الأمن الإجتماعي للبنانيين من خلال دعم الجيش والمؤسّسة العسكرية بشكل خاص، علماً أن المجتمع الدولي يدعم أيضاً كل الأجهزة الأمنية، ويركّز على دورها المحوري في المرحلة المقبلة الحافلة بالتحدّيات.