Site icon IMLebanon

هل تغيّرت مهمّة الجيش بين 17 تشرين و11 شباط؟

 

سؤال فرضته المواجهة التي حصلت مع انعقاد جلسة الثقة بالحكومة في مجلس النواب… هل تغيرت مهمة الجيش بين 17 تشرين و11 شباط؟ فقد تعرض الجيش إلى سيل من الإتهامات والإنتقادات التي شككت بدوره ووضعته الى جانب السلطة في مواجهة الشعب، لا سيما وسائل التواصل الإجتماعي التي “لعبت دوراً سيئاً أحياناً في بث الشائعات وتضخيم بعض الأحداث”. انتشرت “صور مفبركة وشائعات كثيرة طالت الجيش والقوى الأمنية”. في كل مرة تجد المؤسسة العسكرية ذاتها في قفص الإتهام لأبعاد سياسية أكثر منها أمنية، وكأن هناك من يقف لها بالمرصاد إزاء كل كبيرة وصغيرة لكيل الاتهام.

 

لم يمرّ في تاريخ لبنان أن تعرّض الجيش لحملة انتقادات كتلك التي شهدها خلال تعاطيه مع الحراك والسعي إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة إلا أنّ اللافت أن الجيش استطاع أن يؤمن جلستي الموازنة والثقة بما يتناسب مع دوره، مع العلم “أنّ هذا الأمر ليس من اختصاصه” وبالتالي بعد إنجاز المطلوب أقر معظم اللبنانيين ولا سيما السياسيين منهم بحسن تعامل الجيش مع المتظاهرين والحراك المتنوع المشارب على شاكلة التنوع اللبناني، حتى أن بعض السفارات التي كانت تنتقد طريقة تعاطي السلطات الأمنية مع المتظاهرين أشادت بتعاطي الجيش معهم من دون وقوع خسائر تذكر ومن دون إفراط في العنف، وكان من بين هؤلاء السفير البابوي المطران جوزف سبيتري الذي زار قيادة المؤسسة العسكرية مؤخراً وأثنى على دور الجيش.

 

يأتي في حقيقة الأزمة التي يعيشها لبنان أنها أزمة سياسية انبثقت منها سلسلة أزمات أودت بالبلاد الى التدهور على كل المستويات، لكن حين يعجز السياسيون عن الحل ترمى كرة الإتهامات في اتجاهات مختلفة كتنصل من المسؤولية وهذا ما شهدناه مؤخراً ولا نزال مع أصابع الاتهام التي توجه إلى المؤسسة العسكرية عند أي مفصل، فماذا تقول المؤسسة العسكرية عما واجهته مؤخراً على الأرض وكيف ترد على الاتهامات التي طاولتها؟

 

ما يهم المؤسسة العسكرية التأكيد عليه أنّ “مهمة الجيش لم تتغير أبداً وهي كما وردت في كل البيانات التي أصدرها الجيش، وآخرها قبيل جلسة الثقة بأن عليه مهمة حماية مؤسسات الدولة والاستحقاقات الدستورية، أي الشرعية، كما حماية التظاهرات السلمية”.

 

ولهذه الغاية نشر الجيش في حسابه على موقع “تويتر” تغريدات وبيانات عدة، شدّد في إحداها على أنّ “حقّ التظاهر السلمي مقدّس، يكفله الدستور ويصونه القانون، كما الحق في حرية التنقل”. تروي مصادر عسكرية رفيعة قائلة: “عند انطلاق الحراك الذي كان موزعاً في أمكنة عدة تخللها قطع طرق، كان على الجيش مهمة قاسية وهي كيفية استيعاب هذا التغيير الحاصل، لم يكن سهلاً اتخاذ قرارات سريعة، حاول الجيش التصرف بحكمة وروية ومد وجزر”، كان عليه “أن يؤمن عبوراً آمناً بين محتجين يعبّرون عن آرائهم بقطع الطرقات، ومواطنين غاضبين من قطع الطرقات، حاول الجيش الموازاة، وهنا كانت الحكمة في التصرف، وهو ما قاله القائد للعسكريين في إحدى الجولات: أنتم أنقذتم لبنان”. ومقابل انتقاد أداء الجيش وتقييم دوره، يكون للقيادة العسكرية رأيها: “كانت القيادة تتخذ القرار وفقاً لتقدير الواقع، أي على أساس ذلك يتخذ القرار المناسب، من دون السماح بأي تدخلات من أي جهة كانت ومهما كانت ردود الفعل. الجيش يقوم بما يمليه عليه الواقع بغض النظر عن الانتقادات أو ردود الفعل”. تؤكد القيادة العسكرية “القيام وبشكل مستمر بتقييم أداء الجيش بعد كل مهمة كما تفعل كل الجيوش لأخذ العبر”، غير أن كل ذلك “يبقى داخلياً من دون أي استعراضات إعلامية”. اعتمد الجيش “سياسة التدرج في استخدام القوة ولم يعمد الى استخدام القوة المفرطة أي إطلاق النار الحي إلا في حالات نادرة بحسب الوضع على الأرض”.

 

خلال جلسة الثقة كان المستغرب استعانة الجيش بقوة الإحتياط من “المغاوير” و”المجوقل” ما ضاعف الإنتقادات بحقه، خصوصاً أنّ هذه القوة أنزلت في مواجهة المتظاهرين، غير أن المصادر العسكرية تؤكد أن الإستعانة بهذين الفوجين تم “لأنهما احتياط القيادة فيما بقية الألوية والأفواج منتشرة ولا يمكن سحبها وتفريغ المناطق حيث تنتشر. كان فوج التدخل الثالث يعمل ولكن منطقته كبيرة لذا تمت الاستعانة بمن هو متفرغ، أي احتياط القيادة”.

 

ترفض المصادر العسكرية الإتهامات بممارسة العنف بحق المتظاهرين وتقول: “أعمال الشغب ممنوعة وعلى القوى الأمنية مواجهتها، وبالمقارنة مع ما شهدته دول أخرى حيث حصلت مواجهات دامية بين القوى الأمنية والمتظاهرين، لم يحصل في لبنان سوى حادثة واحدة خطأ وضعت في عهدة القضاء”.

 

ما تشدد عليه المصادر نفسها هنا أنّ “الجيش المحجوز منذ انطلاقة الثورة، هو بالنتيجة عناصر تتعب وتُستنزف. وإذا حصلت بعض التجاوزات فلا يعني أن هناك قراراً بقمع المتظاهرين، والجيش يقوم بإعادة تقييم للوضع دائماً وهو حريص على الشفافية في التعاطي”.