Site icon IMLebanon

عام إنتفاضة قائد الجيش لعسكره وسقوط أسطورة “حزب الله” الذي لا يُواجَه

 

 

 

سقطت آخر ورقة في روزنامة 2020، وهلّل الشعب اللبناني لعام 2021 لعله يأتي بالفرج بعدما عاشوا المآسي وذاقوا مرارة أكبر إنفجار غير نووي في العالم.

 

إستقبل الشعب اللبناني عام 2021 متأملين خيراً، لكن مسلسل التعطيل استمرّ مع الفشل في تأليف حكومة جديدة، فدخلت البلاد في مدار الإنهيار الشامل.

 

وقف الشعب في عام 2021 يعدّ المؤسسات والقطاعات التي كان يتفاخر بأنه يتفوّق فيها على المحيط ويرى كيف تنهار، إنهيارات بالجملة في قطاعات السياحة والخدمات والمصارف والمدارس والجامعات والمستشفيات والطاقة والإتصالات، ولم يبقَ من أساس وجود هذه الدولة سوى الجيش والأجهزة الأمنية.

 

الخط الأحمر

 

مثلما ظنّ اللبناني أن قطاعه المصرفي محصّن وأن ليرته بألف خير، كان يعتقد أن نار الإنهيارات لم تصل إلى الأجهزة الأمنية، ليتفاجأ صبيحة 8 آذار بانتفاضة شهيرة قادها قائد الجيش العماد جوزاف عون في وجه جميع المسؤولين، موضحاً أننا “وصلنا إلى الخط الأحمر والعسكر جاع، ولا يمكن الإستمرار بتشحيل موازنة العسكر”، فكان موقف القائد عون الشهير نصرةً لحقوق العسكر ومنعاً لإنهيار المؤسسة وصرخة في وجه السلطة السياسية. قرأ كل سياسي تحذير العماد عون كما يحلو له، منهم من اعتبره خطاباً رئاسياً، وآخرون ظنوا أنه رفع سقفاً لتحقيق المطالب أو تقديم أوراق إعتماد لدى الأميركيين، وقلّة من السياسيين أدركت خطورة الوضع الذي وصلت إليه المؤسسة العسكرية وكل الأسلاك، فالمؤسسة غير قادرة على تأمين وجبات للعسكريين و70 في المئة من آليات قوى الأمن الداخلي توقفت عن العمل، كما أعلن وزير الداخلية المستقيل آنذاك محمد فهمي، وجنون الدولار ذوّب معاش العسكري. وأمام هذا الواقع المرّ، زار قائد الجيش باريس وواشنطن وعواصم عدّة وراسل الجيوش الصديقة من أجل تأمين أبسط إحتياجات المؤسسة، فأتى الدعم من الخارج وصولاً إلى إنشاء صندوق دولي لدعم الجيش عبر الأمم المتحدة، في حين أن الحكومة لم تقم بأي نشاط من أجل منع هذه المؤسسة من الإنهيار.

 

وفي المحصلة فإن سنة 2021 تورث العام الجديد مستقبل المؤسسات العسكرية وسط تسجيل حالات فرار عدّة وعدم إيجاد حلّ دائم للعسكري يجعله يتابع مسيرته، في حين أن إنشاء صندوق دعم دولي للجيش يبقى الحلّ الأكبر.

 

الدعم والتهريب

 

ولسخرية القدر، فإن المسؤولين في لبنان إتكاليون إلى أقصى درجة، وسط إنهيار شامل في المؤسسات الرقابية. وفي السياق، فقد تميّز صيف 2021 بطوابير الذلّ أمام محطات المحروقات، وإستمرار تهريب البنزين والمازوت المدعومين إلى سوريا.

 

وفي كل الأحوال فإنهم حاولوا إلقاء هذه المهمة على الجيش، وقد كان لافتاً كيف أن السلطة حوّلت جيشنا من رمز لمحاربة “داعش” بشهادة الجيش الأميركي وأهم جيوش العالم إلى ما يشبه شرطي بلدية يعمل على تنظيم السير أمام محطات الوقود، في مشهد يدل على إهتراء الدولة بفعل سياسات حكامها.

 

أما على الحدود، ففي وقت عملت أفواج الحدود البرية على استكمال انتشارها لتأمين الحدود، كانت قوافل التهريب المغطاة سياسياً سواء في البقاع أو الشمال تمرّ وتسرق محروقات الشعب اللبناني وآخر دولاراته في المصارف، وسط شكوى قيادة الجيش من كثرة المهمات الملقاة على عاتقها وعدم قدرتها على القيام بمهمات الداخل والخارج لوحدها في مواجهة تحديات أمنية كبيرة هددت الإستقرار في شكل خطير.

 

صورة “الحزب” تهتزّ

 

وتعتبر حادثة خلدة في مطلع آب من أكبر الإستحقاقات الأمنية التي مرّت في عام 2021، وإذا كانت الحادثة إرتدت طابعاً ثأرياً عشائرياً إلا أن لها أبعاداً سياسية، حيث سقط لـ”حزب الله” 5 ضحايا بعدما ثأرت العشائر العربية من “الحزب”.

 

وكادت هذه الحادثة التي بدأت بتصفية العشائر للكادر في “حزب الله” علي شبلي المطلوب للعدالة أن تؤدي إلى ما يشبه فتنة سنية – شيعية، خصوصاً وأن “حزب الله” يشكو من نفوذ العشائر العربية هناك وقطعهم الدائم لطريق الجنوب، وعلى رغم تهديدات كوادر “الحزب” إلا أنه لم يتمكن من أن يقوم بأي رد فعل ضدّ العشائر.

 

وكان تدخل الجيش حازماً من أجل منع ردود الفعل، في حين جرت وساطات لم توصل إلى أي مكان وبقي الجمر تحت الرماد، ولكن مع التسليم بدور الجيش والقضاء ومع السعي إلى مصالحة برعاية الجيش.

 

شويّا

 

وإذا كانت جبهة الجنوب هادئة، إلا أن الردّ الإستعراضي بين “حزب الله” وإسرائيل أدى إلى وقوع حادثة شويّا في 6 آب.

 

أراد “الحزب” حفظ ماء الوجه، فقام بالقصف في أرض مفتوحة جنوباً، فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها بأن ألقى أهالي بلدة شويا ذات الغالبية الدرزية القبض على عناصر “حزب الله” الذين نفذوا العملية عبر أرضهم، معتبرين أن “الحزب” يضرب ويهرب “وإسرائيل تقصفنا”.

 

سبّبت هذه الحادثة إرباكاً لـ”الحزب” فهو كان يتحرك جنوباً من دون أي رادع وإذ به يتفاجأ بان الناس ضاقت ذرعاً من تصرفاته، ورداً على شويا قام مناصرون لـ”الحزب” بالإعتداء على بائع تين درزي في منطقة صيدا، فكان الرد بتكسير الباصات الشيعية على طريق صوفر ـ عاليه، وبعد أن استوعب “الحزب” الضربة خرجت مقولة بأن الثلاثية الذهبية هي “شعب وجيش وقلوسة”، نسبة إلى القلوسة التي يضعها رجال بني معروف الذين أوقفوا “الحزب”.

 

عين الرمانة والطيونة

 

وعلى وقع الضربات المتلاحقة التي تلقّاها “حزب الله” أتت الضربة الأكبر في 14 تشرين الأول 2021، حيث نظّم تظاهرة ضد القاضي طارق البيطار، وحاول تنفيذ غزوة عين الرمانة، فكانت الصدمة القوية بوقوف أهالي المنطقة مع الجيش اللبناني في وجهه.

 

كادت هذه الحادثة أن تؤدي إلى عودة خطوط التماس وحاول “حزب الله” الإقتصاص سياسياً من “القوات اللبنانية”، لكن الإلتفاف الشعبي حول رئيسها الدكتور سمير جعجع وفضح “حزب الله” أدّيا إلى وقف المخطط، فأهالي عين الرمانة دافعوا عن منازلهم وأرزاقهم بينما الجهة الغازية كانت “الحزب”، لكن المفارقة أن هناك عدداً من أهالي عين الرمانة ما زالوا موقوفين وجريمتهم أنهم منعوا المعتدين من قتلهم.

 

وتُعتبر أحداث الطيونة مفصلية، إذ إن البعض قال ان ما قبلها ليس كما بعدها، فهي توّجت جعجع زعيماً وطنياً وليس فقط مسيحياً، ولم تمرّ مؤامرة استدعائه إلى وزارة الدفاع، وأعطت هذه الحادثة دفعاً للقوى السيادية للوقوف في وجه “حزب الله” ومنعه من استباحة البلاد.

 

إذاً، تميّز عام 2021 بأنه عام الإنهيار، ولذلك يبقى الرهان على صمود الأجهزة الأمنية والعسكرية لكي لا تأكل الدويلة كل الدولة، وإلا فإن مسلسل الإنهيار سيتتابع وعندها يختفي لبنان الكيان عن الوجود.