IMLebanon

أكثر ما يُقلق الجيش بعد الانتخابات

 

يعتبر المسؤولون والسياسيون، أنّ تأمين الجيش سلامة الانتخابات وإنجازها بنجاح، أمرٌ طبيعي و»تحصيل حاصل»، على الرغم من أنّ الوضع الذي يعيشه لبنان غير طبيعي، فلا دُعمِ الجيش قبل الانتخابات لتعزيز معنويات عسكرييه، ولا كوفئ بعد انتهاء هذا الاستحقاق الدستوري المفصلي من دون وقوع أي حدث كبير يهزّ الاستقرار كان يتوقعه كثيرون.

حتى «الشكر» الذي وُجّه الى الجيش كان خجولاً جداً ومتواضعاً نسبةً الى الجهد الذي بذله لحماية البلد والانتخابات، علماً أنّ كلام الشُكر والتقدير «لا يُسمن ولا يُغني من جوع»، خصوصاً أنّ موارد الجيش تتضاءل، في وقتٍ تُلقى على عاتقه أعباء إضافية، إذ لم تنتهِ الاستحقاقات المهمّة والحسّاسة مع الانتهاء من الانتخابات، ولم تتوقّف الأزمة عند حدٍّ ما أو بدأت مرحلة النهوض، بل إنّ الانفجار الاجتماعي وارد حصوله في أي لحظة.

 

وبعد مرور «قطوع» الانتخابات النيابية بسلام، وفرزها نتيجة معيّنة، خرجت أصوات محذّرة من عودة مسلسل الاغتيالات أو التوترات الأمنية والتحرّكات الاستفزازية، ما يضيف ثقلاً جديداً على الجيش اللبناني الذي يستمرّ بـ»اللحم الحي»، ويقف على رجليه ويتخطّى التحدّيات والمصاعب التي يواجهها، بحكمة قيادته وتركيزها على صمود الجيش. وفي حين لا توجد معطيات أو معلومات مخابراتية عن أنّ هناك تحضيراً لاغتيالات أو حوادث ما، إذ ليس من السهل معرفة أمر كهذا مسبقاً، إلّا أنّ الجيش مستمرّ في عمله الأمني استباقاً لأي حدث قد يطرأ، تماماً مثلما استعد قبل الانتخابات، في ظلّ ما كان يُحكى عن تحضير شيء ما لإحباطها، فتمكّن الجيش من ضمان إنجازها، من خلال التحضير الأمني المسبق وتعاطيه مع كلّ الأطراف والمخيمات والنقاط الحسّاسة، وضبط الوضع، بعد أن «نزل بثقله» على الأرض وسيّر دوريات وأقام حواجز، كذلك تدخّل سريعاً في إشكالات عدة ومنع تطوّرها.

 

هذا التحضير والزخم العسكري، وجهوزية الجيش 24 على 24 ساعة يومياً، هو الذي جعل الانتخابات تتحقّق، بحسب مصادر عسكرية، إذ بشهادة الجميع، إنّ الجيش هو الذي جعل الانتخابات تُنجز، ولو لم يكن الجيش واقفاً على رجليه لما أُجريت انتخابات.

 

كذلك في مرحلة ما بعد الانتخابات، سيبقى الجيش على جهوزية دائمة في المناطق الحسّاسة مثل طرابلس وبيروت، وفي كلّ لبنان، لأنّ «الأمن خط أحمر» في كلّ المناطق بالنسبة الى المؤسسة العسكرية. وعلى رغم ما يواجهه من انتقادات واتهامات، يعزّز الجيش ثقة الناس فيه، عبر الحفاظ على الأمن، مثلما فعل في مرحلة الانتخابات، وكما تمكّن من تجاوز تداعيات غرق «مركب طرابلس»، وأحبط محاولات البعض خلق شرخ بينه وبين الناس.

 

وفي مرحلة ما بعد الانتخابات، وعلى رغم كلّ الظروف التي تُغرِق البلد ووضع العسكريين المتأثرين بالأزمة وانهيار الليرة، كجميع اللبنانيين وموظفي القطاع العام، لا تزال قيادة الجيش قادرة على الإمساك بزمام الأمور، ولا تواجه المؤسسة العسكرية مشكلات على مستوى تلبية العسكريين لأوامر القيادة والضباط، ليكونوا جاهزين فوراً على الأرض للحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع حصول أي حادث يؤثّر على الوضع العام.

 

أمّا أكثر ما يخافه الجيش ويقلقه في هذه المرحلة، فهو الانفجار الاجتماعي، والذي يحذّر منه قائد الجيش العماد جوزف عون دائماً، إذ إنّه يتمكّن من السيطرة على موضوع الإرهاب من خلال توقيف خلايا إرهابية، كذلك ينجح في مكافحة المخدرات، وعلى مستويات أمنية أخرى. ففي يوم الانتخابات على سبيل المثال، ومع كلّ الانشغال والاستنفار، تمكّن الجيش من تحرير مخطوف منذ شهر الى سوريا وأعاده الى عائلته من دون دفع أي فدية.

 

وبالتالي، إنّ «الفوضى في الشارع»، هي أكثر ما يخشاه الجيش دائماً، ولطاما حذّر قائده من الوضع الاقتصادي خلال لقاءاته مع جميع المسؤولين، لجهة تأثير هذا الوضع على جميع اللبنانيين، وما يُمكن أن يؤدّي إليه على الأرض من جهة، وعلى العسكريين مباشرةً من جهةٍ ثانية. لكن، على رغم الأوضاع الصعبة جداً التي يعيشها الجيش، والظروف المقلقة لعديده، إلّا أنّه مستمرّ في تأدية مهماته، ولن يتساهل مع أي فوضى مهما كان الظرف. لكنّه لا يمكنه أن يتحرُّك مسبقاً، فهذه ليست مسؤوليته بل مسؤولية السلطة السياسية. أمّا في حال حصول أي تحرُّك شعبي قد ينحو الى فوضى، فسيتعامل الجيش مع أي حدث بـ»توازن»، لأنّ أولوياته كما يؤكّد، هي «السلم الأهلي والاستقرار».