IMLebanon

سلاح الدولار ضد نتائج الانتخابات والجيش

 

لم يكن قد تبقّى من الدولة اللبنانية سوى الجيش والأجهزة الأمنية، ولكن الجيش هو الضمانة الوحيدة أو المؤسسة الوحيدة التي يعوّل عليها من أجل أن تكون نواة لدولة قوية وفاعلة وتملك وحدها قرار الحرب والسلم.

 

لم يكن من السهل على المخططين للسيطرة على البلد وتفكيك ما تبقى من مظاهر للدولة والحلول مكانها، أن يتلاعبوا بالجيش كي يعمدوا إلى فرطه وان تشير كل أصابع الاتهام إليهم ولذلك قرروا الخلاص من هذه المؤسسة عن طريق سيناريو بدأ بالتشكيك بقدرات الجيش واتهامه بالولاء للولايات المتحدة، عدو محور الممانعة، وصولاً إلى التقنين في المخصصات المالية له من أجل الحد من فعالية تحركه وإثارة غضب الضباط والجنود ودفعهم إلى عدم الالتزام بالأوامر وتنفيذ المهمات.

 

تمكنت قيادة الجيش وعلى رأسها العماد جوزف عون من تخطي هذا الواقع بصعوبة، واستمرت المؤسسة العسكرية باللحم الحي كما يقال واعتمدت على مساعدات داخلية وخارجية من أجل الصمود، وقد صمدت وكانت صمام الأمان في الانتخابات النيابية الأخيرة.

 

إنتهت الانتخابات وأتت نتائجها على عكس تمنيات من يتحكمون بالبلاد والعباد، وما كادت النتائج تظهر حتى بدأت المرحلة الأخيرة من خطة فرط البلد والجيش، وتمثلت في رفع سعر صرف الدولار بشكل مشبوه.

 

إن من يستطيع التلاعب بالدولار هي جهات تملك كميات كبيرة منه نقداً وكذلك تملك كميات كبيرة بالليرة اللبنانية، وقد أراد هؤلاء، بهدف سياسي وتغطية سياسية، الانقلاب على نتائج الانتخابات والقضاء على ما تبقى من مظاهر للدولة وفي مقدمها مؤسسة الجيش، فتنتفي عندها الحاجة إلى الحديث عن تطبيق أي استراتيجية دفاعية بإشراف الجيش ووضع أي سلاح غير شرعي بإمرته.

 

إن الارتفاع الجنوني المقصود في سعر صرف الدولار سيؤدي إلى تآكل رواتب العسكريين في شكل سريع وكبير، ولن يكون باستطاعة قيادة الجيش تعويض هؤلاء عن الخسائر التي لحقت بهم جراء تدهور الليرة وبالتالي أصبحت رواتبهم لا تساوي شيئاً، وستزداد حتماً الصعوبات أمام قيادة الجيش لتأمين الغذاء والدواء وكل ما يحتاجونه مع عائلاتهم ما قد يخلق نوعاً من البلبلة، وربما التمرد والتلكؤ في صفوف العسكريين ليصبح هؤلاء عندها عاجزين عن تنفيذ المهام المنوطة بهم أو على الأقل لا يرغبون بتنفيذها.

 

إزاء هذا الواقع سيتصاعد الحديث عن أن كل مؤسسات الدولة قد انهارت وساعتها «الشاطر بشطارتو» في الأمن والاقتصاد والخدمات والسياسة، والأفعل في كل ذلك هي الجهات السياسية التي تتموّل من الخارج وتملك الدولار والغذاء والدواء والسلاح، وعندها لن ينفع الحديث في أي قضية سياسية أو أمنية لأن الهدف سيكون واحداً فقط تأمين لقمة العيش والأمن الذاتي لكل مجموعة أو طائفة أو مذهب.