«ان تأتي متأخرا خير من الا تأتي ابدا» على واقع الحال اللبناني في ما يتصل بطريقة التعاطي مع ملف ترسيم الحدود البحرية جنوبا. «وبقاعا مع استمرار عمليات الجيش في ملاحقة «ابو سلة» ،» اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب» ، اذا ما كان قد تمكن من الهرب حيث تشير كل المعطيات الى ان «جماعته» يمارسون «حربا نفسية» وعملية تضليل اعلامية كبيرة ، في الحديث تارة عن هربه وطورا عن موته.
واضح ان ثمة قرارا كبيرا قد اتخذ بضرب تلك المجموعات العاملة على الاخلال بالامن الاجتماعي من «جماعة» المخدرات وعصابات الخطف والسرقة والخارجين عن القانون، خصوصا بعد نجاح الاجهزة المعنية بوقف حركة «تصدير « المخدرات على انواعها الى الخارج، نتيجة التعاون القائم مع الاجهزة الغربية والعربية المعنية، وهو ما دفع «بتجار الابيض» الى الاتجاه داخلا لتصريف ما لديهم ، مع هبوط اسعار المخدرات، مستفدين من الحالة الاجتماعية والمعيشية التي تمر فيها البلاد .
امام هذا الواقع ومع الاختراقات الكبيرة التي نجحت تلك العصابات في تحقيقها ضاربة عصب المجتمع، وصولا حتى الى داخل المؤسسات العسكرية، اتخذ قرار تفعيل العمل والجهد الامني والاستعلامي على هذا الصعيد، حيث شكلت سلسلة التوقيقفات اليومية التي نفذتها كافة القوى الامنية على كامل الاراضي اللبنانية المفتاح الذي قاد الى اكتشاف الكثير من المعطيات المهمة ، على صعيد تحديد هويات تجار جدد دخلوا الى السوق، وحتى على صعيد كشف وسائل الترويج والتوزيع المستحدثة ونقل «البضاعة» ، وهو ما تبين المزيد من المستور منه مع القبض على بعض مساعدي «ابو سلة» الذين كشفوا الكثير من المستور، ومن المتورطين على اكثر من صعيد.
وتكشف مصادر وزارية متابعة ان كل الحديث عن خضوع الجيش لضغوط سياسية او غيرها لوقف عمليته في البقاع هي غير دقيقة، ذلك ان بعض المواقف التي يتم اطلاقها لا تعدو كونها فردية ومرتبطة بحسابات عشائرية ليس الا، فلا احد يمكنه ان يغطي تجار المخدرات ، علما ان حزب الله وبيئته هم من اكثر المتضررين ، بحسب ما تبينه الارقام،وقد سبق لقيادة الحزب ان «اعطت» الضوء الاخضر للاجهزة الامنية للضرب بيد من حديد داخل الضاحية الجنوبية بعدما بلغ الفلتان اوجه.
وحول ما يحكى عن اهداف سياسية وراء العملية،اكدت المصادر ان الجهات العسكرية اوضحت في الاعلام اكثر من مرة تفاصيل تلك العملية واهدافها، ومدة التحضير الذي اخذته،ذلك ان العمليات المماثلة لا يمكن ان تكون «بنت ساعتها» تماما كما ان نسبة تحقيق هدفها من عدمه عادة ما تكون متساوية، وهو ما حصل تماما في «الشراونة» رغم اصرار الجيش على متابعة العملية حتى تحقيق كامل الاهداف،مؤكدة ان التقارير التي تبلغها المسؤولون تؤكد ان «عصابات المخدرات» قد تلقت ضربة قاسية لن يكون من السهل لها تخطي نتائجها بسرعة ،مع تفكك العديد من الشبكات.
وختمت المصادر بان ما جرى يمكن اشتثماره على الصعيد السياسي الخارجي ،لجهة تحسين صورة لبنان، وتاكيد وفاء لبنان بكامل التزاماته في محاربة الخارجين عن القانون، وهو ما قد يساهم في تامين الدعم العاجل المطلوب واللازم للقوى الامنية والعسكرية لمساعدتها على مواجهة الازمة الحالية التي تعاني منها باقل الاضرار.
اذا هي مرحلة جديدة من تفعيل العمل الامني رغم كل الصعوبات التي تواجهها الدولة ومؤسساتها،للحفاظ على الامن الاجتماعي الذي بات عرضة لخطر شديد ،كما اكد قائد الجيش العماد جوزاف عون اكثر من مرة. فالمعركة الاستباقية اليوم توازي باهميتها ما انجز ضد الارهاب من عمليات، الا انها تبقى منقوصة ما لم تتحرك كل ادارات الدولة ومؤسساتها لمواجهتها ،بدعم من دول العالم التي خصصت برامج لمساعدة الدول على مكافحة المخدرات.