لا شك في أن كلام غبطة البطريرك الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي بأنّ الجيش اللبناني قادر بقواه الذاتية على الدفاع عن لبنان في الداخل وعلى الحدود قولٌ صادق وصريح.
ولم يأتِ هذا الكلام الكبير من فراغ، بل جاء من معاناة الشعب اللبناني من الأحوال المعيشية الصعبة، وفي بعض الأحيان المستحيلة من أكل وشرب وكهرباء ودواء واستشفاء وتعليم وطبابة… باختصار… الشعب اللبناني وصل الى حالة لم يصلها أي شعب في العالم ولولا المساعدات البسيطة التي يرسلها أهلنا المنتشرون في بلاد العالم لكانت الأمور أصعب بكثير أيضاً.
البارحة ولأول مرة احتفل الحزب العظيم بمرور 40 عاماً على تأسيسه… فما هذه الصدفة والتوقيت المتزامن مع صدور أحكام المحكمة الدولية والتي تتهم فيها 5 من الحزب بالمشاركة في تنفيذ أكبر عملية إرهابية، لا بل أكبر جريمة حصلت في لبنان باغتيال شهيد الوطن دولة الرئيس رفيق الحريري ومعه الوزير باسل فليحان وبعض المرافقين والمساعدين.
سبحان الله كيف تزامن هذا التوقيت مع احتفال الحزب بالذكرى الـ40 لتأسيسه، وهذه هي المرة الأولى التي يحتفل فيها الحزب، مع العلم ان تأسيس الحزب كان في السفارة الايرانية بدمشق وبمباركة علي أكبر محتشمي وزير داخلية إيران الأسبق الذي مات العام الماضي بمرض الكورونا.
على كل حال، نحب أن نشكر أولاً الحزب لأنه صاحب الفضل في تحرير الجنوب عام 2000، كما نشكره أيضاً لأنه أعاد إلينا كرامتنا وعزتنا… ونشكره أيضاً وأيضاً لأنها المرة الأولى التي يُجْبَر فيها العدو الاسرائيلي على الانسحاب من أرض عربية بسبب الخسائر التي تكبدها جرّاء احتلاله. ولكن منذ عام 2000 ولغاية اليوم نقول إنه مرّ على تاريخ التحرير 22 سنة وإسرائيل لم تقم بأي عمل عسكري ضد لبنان إلاّ عندما خطف الحزب جنديين إسرائيليين بحجة ان الحزب لا يتخلّى عن أسراه، فتكبّد الشعب اللبناني 5000 قتيل وجريح من أبناء الشعب والجيش ومن عناصر الحزب.. والأنكى أنّ 15 مليار دولار هي خسائر البنية التحتية… وللأسف فإنّ الحزب يقول إنّ هذه العملية هي نصر إلهي… نعم نصرٌ إلهي كلف 5000 قتيل وجريح و15 مليار دولار كديون على الشعب اللبناني.
باختصار خلال 22 سنة لم تقم اسرائيل بأي عمل عسكري ضد لبنان… وهذا يعني انه إذا لم يقم لبنان بالاعتداء على اسرائيل فالأخيرة لا تريد منه شيئاً.
من ناحية ثانية، فإنّ الأوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية والسياسية جعلت من لبنان الذي كان دولة ناجحة، دولة فاشلة وهذا بسبب الحزب الذي يتحكم بكل كبيرة وصغيرة… إذْ لا يُنْتَخب رئيس للجمهورية إلاّ إذا وافق الحزب عليه، وهذا ما حصل بالفعل، إذ بقي موقع رئاسة الجمهورية شاغراً لمدة عامين ونصف العام لأنّ الحزب لم يسمح بوصول أي رئيس غير فخامة الرئيس ميشال عون. كما أنه لا تتشكل أية حكومة إلاّ إذا سمح الحزب بتشكيلها، ولا يسمح ببحث الاستراتيجية الدفاعية لأنّ الحزب يرفض هذا الموضوع، وكان كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد سيّئاً جداً بحق فخامة رئيس الجمهورية السابق الجنرال ميشال سليمان عندما قال له: «خذ اتفاق الاستراتيجية الدفاعية، وانْقعه واشرب من المياه التي نُقِع فيها».
بصراحة ومن موقع شريك في الوطن، لا يمكن أن يستمر هذا السلاح مع الحزب… فلماذا؟
أولاً: هذا سلاح إيراني لا يتحرك ولا يستعمل إلاّ بأوامر إيرانية، كما حدث عندما تحدّى السيّد كل اللبنانيين وأرسل الآلاف من المقاتلين للدفاع عن كرسي بشار الأسد، فقتل أهل سوريا ونكّل بهم.
ثانياً: هذا الحزب لا يُنَفّذ إلاّ أوامر إيران، وهذا ما حدث عندما ذهب الحزب الى العراق وإلى اليمن ليساعد قوات الميليشيا الحوثية لقلب النظام والاعتداء على السعودية.
ثالثاً: هذا الحزب لا ينفذ إلاّ ما تأمره به إيران، إذ ان ماله وأكله وشربه وأسلحته وكل «فلس» يملكه من إيران.
رابعاً: ماذا يفعل الحزب في العراق غير مساندة الميليشيات الشيعية ضد الدولة العراقية؟
كل هذا يحدث لأنّ الحزب هو حزب إيراني، لا علاقة له بلبنان… اما كل ما يدّعيه هذا الحزب فهو كذب وخداع لأنه لا يمكنه أن يقرّر، فالقرار دائماً وأبداً في إيران.