Site icon IMLebanon

هل يثور الجيش عندما يجوع العسكر؟!

 

هل يجرؤ الجيش حيث لم يجرؤ لا القضاء ولا الإعلام؟!

 

 

مع اقتراب نهاية عهد الرئيس ميشال عون تأتي الكوارث في لبنان «رشق – رشق»! فقد توفي وقُتل عدد كبير من المواطنين في الأسبوع الأخير بأحداث مختلفة! والشعب يأس من الاعتراضات غير المجدية! فالمظاهرات المليونية لثورة 17 تشرين، وآلاف تحركاتها المدنية السلمية… لم تؤدِ الى النتائج المرجوة في تغيير السلطة! وقد واجهت الثورة ثلاثة عوائق أساسية هي سلاح حزب الله وموقف الجيش اللبناني وتبني المجتمع الدولي للسلطة القائمة! فحزب الله وقف سداً منيعاً في وجه طموحات ثورة 17 تشرين بتنفيذه غزوات عدة على ساحاتها، وبتصعيد اللهجة ضد أي إمكانية للتغيير. وذلك، على لسان أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله، المدافع بلهجة السلاح ووهج السلاح، ليس فقط عن حلفائه، بل أيضاً عن خصومه من الشركاء! ولا ضير ما إذا كان الحليف فاسداً، حتى ولو كان كالعميل! فالسيد عمل على إعادة التركيبة نفسها بالأداء الكارثي نفسه و«عدة الشغل» نفسها بعد الانتخابات النيابية!!! وبالتالي فالنتيجة لا يمكن أن تكون نفسها، بل ستزداد سوءاً! فالمريض الذي يرفض العلاج لا يبقى على حاله، بل يقترب من الموت! وكذلك، يتظهر تصعيد الحزب في قضية تفجير بيروت بمنع استكمال التحقيق والعمل على تغيير القضاة من فادي صوان الى طارق البيطار بهدف تضليل التحقيق واغتيال الحقيقة…أياً تكن!

من جهته، لم يجرؤ القضاء، الذي قاوم بعض قضاته، على القيام بثورة أيادٍ بيضاء! بل هو استسلم لإملاءات الطبقة السياسية! وحرم الوطن والمواطنين من أي حلم بالعدالة. كما حرمهم إحدى الثورات الثلاثة في المؤسسات! لا بل إنه أسقط العدالة بنفسه!

أما الإعلام (المتلفز على وجه خاص)، فهو حافظ على «نص إجر» في «بور» ثورة 17 تشرين وعلى «إجر ونص» في فلاحة الطبقة السياسية ومصرف لبنان والمصارف! وهو ساهم بالتالي في الحد من إمكانية تغيير 17 تشرين السلمي! فإذا كان الإعلام يعتمد على تمويل هؤلاء للاستمرار في غياب سوق إعلاني ليس كافياً، فهو لن يستطيع أن يتحرر، وأن يثور. فالمثل الفرنسي يقول: «من يعطي يأمر»! (Qui donne ordonne).

الجيش من جهته لم يكن حيادياً في 17 تشرين! فهو كان يحمي السلطة بالأساس! وهو منع التظاهرات من الوصول الى القصر الجمهوري والى القصر الحكومي والى مجلس النواب… القصر الرئاسي الذي من المفترض أن يكون «قصر الشعب»! ولا ينكر أحداً أن الجيش قام أحياناً بحماية المتظاهرين، وقام «بتكسيرهم» في أحيان أخرى أيضاً لفتح طرقات أو دفاعاً عن مؤسسات ومبانٍ كان يدرك الجيش أنها فقدت الشرعية الشعبية!

أراد الجيش حماية «نظام الرئيس ميشال عون» وعهده. وهو كان مرات عدة بالتصرف الشخصي للصهر في تنقلاته «الانتخابية»، وهذه أمور مخالفة للقانون، ولدوره في حماية الوطن وليس في الحراسة الشخصية، بتمويل من المال العام!

يحتاج الجيش الى ثورة على الذات ليرفع الدفاع عن «الفاسدين في السلطة»! فإما أن يتصرف، وإما أن يترك الناس تتصرف، كما في سيريلنكا! والسؤال هو هل يثور الجيش عندما يجوع العسكر؟! وهل إبر المورفين المساعدات المالية الخارجية تكفي للحيلولة دون سقوطه؟! وهل إبر المورفين هذه يُراد منها الحفاظ على الستاتيكو في لبنان ريثما تُحل أزمات المنطقة؟! وهل إذا ثار الجيش سيبقى حزب الله مواطناً أم سيتحول الى مواجه له؟! إن الأجوبة على هذه الأسئلة هي التي منعت 17 تشرين من تحقيق النتائج «السيريلنكية»!

ويبقى السؤال الأهم، هل يستطيع تسونامي الجوع أن يجتاح الجيش و«الحزب» معاً؟! وبالانتظار، الدولة مستمرة في التفكك، والأفق مسدود والإقامة في جهنم ستزداد سوءاً! وزيارة المغتربين «الضرورية» للبنان، تؤجل «السقوط الحر» بعض الشيء!

ومن ثم هناك المسألة الجديدة: كاريش أو لا كاريش! هل هو مسألة محلية أو جزء من الأمن القومي العالمي! فإذا كان محلياً تكون المناورات ممكنة، أما إذا اعتُبر عنصراً في الأمن القومي العالمي، فإن التهديد التدميري ضد لبنان في حال اعتراضه على تنفيذه يصبح جدّياً!

 

* صحافي وناشط سياسي