IMLebanon

لبنان الدولة يعني الجيش

 

في لبنان يوجد مسؤولون في السلطة وزعماء سياسيون يرددون في شكل دائم أن الجيش لا يملك بعد كامل القدرة العسكرية لمواجهة إسرائيل والإرهاب، وهذا هو منطق «حزب الله» الذي يتبناه هؤلاء والذي يقول إنه هو رأس الحربة في المواجهة مع إسرائيل والإرهاب ويأتي الجيش في المرتبة الثانية.

 

وفي لبنان أيضاً يُشتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي كل من يطالب بأن يكون الجيش وحده حاملاً للسلاح وبأن يكون وحده حامي الوطن، وفي لبنان أيضاً من يَتّهم الجيش وقيادته بالتبعية للأميركيين وللغرب، علماً أن من يتحدثون بهذا المنطق هم المثال الساطع للتبعية وتداعياتها.

 

كل هذه دلائل على أن أصحاب هذا المنطق لا يريدون جيشاً في لبنان وبالتأكيد لا يريدون دولة إلا إذا كان الجيش أداة طيعة في أيديهم يستخدمونه لمآرب كيدية، ويكبلونه ويهددون بضربه وتشتيته وتقسيمه عند أي استحقاق أو مهمة يُظهر الجيش فيها قوته، وهي بالتأكيد ومن دون أي نقاش أكثر فعالية من أي مجموعة مسلحة حتى ولو امتلكت جميع انواع وصنوف الأسلحة التي يحلو لها أن تسميها نوعية.

 

من معركة مخيم نهر البارد التي دفع ثمنها اللواء فرانسوا الحاج مروراً بمعركة عرسال وصولاً إلى معركة فجر الجرود كان هناك دائماً من يحاول قطع الطريق على أي إنجاز للجيش، ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل رغم أن الجيش دفع ثمناً كبيراً، وأظهرت كل الوقائع أنه قادر على خوض المعارك في كل الظروف والانتصار فيها ومنع المس باللبنانيين وإزالة من أذهان الكثيرين منهم عامل الخوف الذي حاول البعض زرعه، بأنه لولا تدخله لكانت أُحرقت القرى والبلدات وسُبيت النساء.

 

في لبنان أبشع مفارقة موجودة هي عند فئة من اللبنانيين الذين يزايدون في حبهم للجيش وتجييره لحسابهم، ولكنهم في الوقت ذاته يحجمون عن انتقاد من يقللون من القدرات العسكرية للمؤسسة العسكرية، ويعملون على مهاجمة قيادتها، ويتنكرون لطرح أي استراتيجية دفاعية تضع قرار الحرب والسلم في يد الدولة وتضع أي سلاح بإمرة وتصرف الجيش.

 

هؤلاء أسوأ من الذين لا يريدون لا دولة ولا جيشاً من الأساس، لأنهم يعمدون إلى غش الرأي العام وهم في الحقيقة وكما يقول المثل الشائع «يلعبون على الحبلين» حبل التضليل وحبل التزلف لتحقيق مصالحهم ومآربهم الشخصية.

 

منذ إنسحاب الجيش الإسرائيلي في العام 2000، زادت القدرة العسكرية للجيش اللبناني ولا سيما من بعد حرب تموز 2006، وتظهر كل الوقائع أن المسألة ليست مسألة نوعية سلاح أو قدرات يتباهى فيها البعض في مواجهة إسرائيل، فهذه الترسانة المتفوقة التي يفاخر فيها البعض لم تتمكن من وقف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية ولا سيما في الجو، كما لم تستطع هذه الترسانة وبعد مضي 22 عاماً على التحرير الأول أن تحرر مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كما أن هذه الترسانة لم تمنع إسرائيل من تطوير حقول الغاز في البحر المتوسط والبدء باستخراج الغاز منها، كما أن هذه الترسانة لم تتمكن بعد من تحرير فلسطين رغم أن الكلام الذي يتردد لبنانياً وإيرانياً في هذا المجال يشير إلى أن إسرائيل لا تستطيع الحفاظ على وجودها سوى لساعات.

 

يبقى الجيش اللبناني هو القوة العسكرية التي تحظى بتأييد غالبية اللبنانيين، ودول العالم، وليس لهذه القوة أي أجندات خاصة أو ولاءات لمشاريع إقليمية وسياسية ودينية، وليس ذراعاً تستخدم ضد شعوب ودول في المنطقة.

 

لبنان الدولة يعني الجيش، كل عام والجيش بخير.