Site icon IMLebanon

الجيش والغطاء الدولي… القصة أبعد من رئاسة

 

 

إحتفل لبنان بعيد جيشه في ظلّ نظام يتهاوى وسلطة أوصلت الشعب إلى الجوع وتحاول ضرب هيبة الجيش وتفكيكه.

 

سيذكر التاريخ أنه في عهد الرئيس ميشال عون وصل جنود المؤسسة العسكرية إلى أتعس أيامهم، رواتبهم لا تتجاوز 60 دولاراً أميركياً، نوعية الأكل في الثكنات تراجعت إلى حدود غير مقبولة، العسكري بحاجة إلى العمل بأكثر من مجال ليؤمّن لقمة العيش، ضباط يبيعون «بونات» البنزين التي يحصلون عليها من المؤسسة ليكملوا مصروف شهرهم، بينما يُحرم العسكري الذي لا يكفيه معاشه بدل نقل من هذه المنحة، كل هذه الأمور تحصل بينما السلطة تقف متفرجةً، لا بل تساهم في هذا الإنهيار.

 

ويحاول قائد الجيش العماد جوزاف عون وحيداً التخفيف من هذه المآسي، وهو الذي رفع الصوت مراراً وتكراراً مطالباً بإيجاد الحلّ، وبعد يأسه من الطبقة الحاكمة التي تحاربه لأهداف رئاسية وسلطوية، بدأ رحلة البحث مع العواصم التي تهتم بالوضع اللبناني، وقد لبّى بعضها النداء، لكن هذا الأمر لا يُعوّض غياب الدولة.

 

قد يكون «حزب الله» والسلطة التي يرعاها من أكثر المهلّلين للوضع الذي يعيشه الجيش اللبناني، فراتب العنصر في «الحزب» بات أضعافاً مضاعفة من راتب عنصر في الجيش اللبناني وربما يتخطّى راتب عميد، وهناك حقيقة دامغة وهي كلما ضعف الجيش اللبناني ومؤسسات الدولة إزداد «حزب الله» قوّة والعكس صحيح.

 

وفي معرض الدول المساهمة في الوقوف إلى جانب الجيش اللبناني، تأتي الولايات المتحدة الأميركية في الطليعة، وهذا الأمر يظهر واضحاً من خلال التقديمات والهبات التي تمنحها للجيش.

 

وفي السابق كانت معظم الهبات تُمنح على شكل أسلحة ومعدّات وذخائر، أما اليوم فإن قيادة الجيش تُحاول أن تجلب المساعدات المادية والطبية والغذائية لأفراد المؤسسة العسكرية لأنه ما النفع بأن يكون هناك معدّات وأسلحة والعسكري جائع ولا يوجد هناك كادر بشري قادر على إستعمالها.

 

ويبدو أن السياسة الأميركية والغربية واضحة في دعم المؤسسة العسكرية، وخصوصاً مع العماد جوزاف عون الذي نجح إلى حدّ كبير في مكافحة الفساد داخل المؤسسة العسكرية وبات الجيش المؤسسة شبه الوحيدة المحمية من آفة الفساد.

 

ومن جهة ثانية، فإن السياسية الإستراتيجية الدولية تقوم على تقوية مؤسسات الجيش، ففي حال انهارت هذه المؤسسة انهار هيكل الدولة كله وسادت الفوضى التي لن تنحصر في لبنان بل ستشعل المنطقة بأكملها.

 

ومن ناحيتهم، فإن الأوروبيين يراهنون على دور الجيش اللبناني في حماية الأمن والإستقرار، ولديهم خوف حقيقي من الفوضى في ظل وجود نحو مليوني نازح سوري، وهؤلاء سيعبرون البحر المتوسّط ليصلوا إلى الشواطئ الأوروبية، وكأن لا ينقص هذه القارة ما تعانيه من الهجرة الأفريقية.

 

لعب الجيش اللبناني دوراً بارزاً في محاربة تنظيم «داعش» وأخواته وتغلّب عليه، لذلك نال إهتمام واشنطن وعواصم أوروبية وعربية. وكذلك، فإن إنهياره يعني سيطرة «حزب الله» وميليشيات مسلّحة على الوضع اللبناني. من هنا فإن الدعم الذي يتلقّاه الجيش غير مرتبط برئاسة الجمهورية كما يحاول البعض ان يُشيع، بل هدفه الأول والأخير منع الفوضى في لبنان وعدم السماح لـ»الدويلة» بالسيطرة على الدولة.

 

لا يستطيع أحد إخفاء أن العسكر جائع ويعاني، ومعظم عناصره يفكّرون بعدم الإلتحاق بالثكنات نتيجة تردّي الأوضاع المعيشية والإقتصادية، لكن يبقى الأمل بأن يأتي الإنقاذ بعد نهاية العهد الحالي الذي رهن الدولة لـ»الدويلة».