Site icon IMLebanon

هل يسكت دافع الضرائب الأميركي؟

 

ربما نسي البعض كيف أنّ الجيش عانى من الجوع لأنّه لا مال لتغطية نفقات التغذية، وكيف حُرم العسكريون في الخدمة من تناول اللحوم لأنّه لا قدرة على تغطية التكاليف.

 

وقتها ارتفعت الأصوات التي تندد بالمعاملة التي يلقاها الجيش من السلطة التي كان في عدادها من يهاجمون اليوم قيادة الجيش وعلى رأسها العماد جوزف عون الذي أخذ على عاتقه تأمين الغذاء يومياً للعسكريين البالغ عددهم نحو 80 ألف عسكري، فلو احتسبنا دولاراً واحداً كلفة الغذاء لكل عسكري فهذا يعني أنه يحتاج إلى ٨٠ ألف دولار يومياً للغذاء فقط.

 

لقد استطاعت قيادة الجيش بجهود العماد عون تأمين الطبابة لنحو 500 ألف مواطن يستفيدون من الطبابة العسكرية، ولو احتسبنا أيضاً أنّ دولاراً واحداً في اليوم هو كلفة الطبابة لكل شخص فهذا يعني أن الجيش بحاجة لـ500 ألف دولار يومياً.

 

تحاول قيادة الجيش أن تبقي هذه المؤسسة نواة لقيام دولة لا يريدها البعض الذين غاب عنهم أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي تعاقب من تتهمهم بالفساد ما كانت لتدفع قرشاً واحداً لدعم مؤسسة لا تطمئن لقيادتها، فهذه الأموال تأتي من دافع الضرائب الأميركي الذي امتهن المحاسبة إن صرفت الأموال العامة في غير مكانها، فمثلاً لو صرفت الولايات المتحدة مبلغ 190 مليون دولار لإنشاء 3 سدود لم تر لا النور ولا المياه بعد، فهل كان دافع الضرائب الأميركي سيسكت عن ذلك؟ أم أنه كان سيطلب المحاسبة شعبياً وقضائياً لمن أخطأ وعرقل؟

 

إنّ الهبة المالية التي تدفعها الولايات المتحدة للجيش وقوى الأمن أتت عبر صندوق للأمم المتحدة وليس عبر الحكومة اللبنانية لأنّ واشنطن تدرك مزاريب الهدر الموجودة في السلطة والبيروقراطية التي تعتريها، وبالتالي لو أريد لهذه الهبة أن تسلك المسار الرسمي لكانت ضاعت بالتأكيد وسط الخلافات السياسية المتعلقة بانعقاد مجلس الوزراء، فهل يقبل من يهاجمون قائد الجيش أن تقر حكومة غير شرعية وتصادر صلاحيات رئاسة الجمهورية كما يدعون هبة أميركية للجيش؟ وهل يعتبرون أن القرار شرعي؟

 

وما يسري على الهبة الأميركية سرى أيضاً على الهبة القطرية، وهل القطريون ساذجون إلى درجة يقبلون فيها بهدر أموالهم ثم يستقبلون قائد الجيش على أعلى المستويات علناً وليس خفية؟ وهل كان مثلاً سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري ليسارع في هذا التوقيت وهذه الظروف بالذات لزيارة قائد الجيش؟

 

إنّ أهل مكة أدرى بشعابها، والعسكريون والضباط في الجيش هم الأدرى بما تبذله قيادتهم من أجل ضمان استمراريتهم بما توفر، ويدرك العسكريون أنّ المحاسبة والمساءلة يجب أن تطال من هم في السلطة لأنّ هؤلاء وحدهم تحمّلوا ويتحمّلون مسؤولية ما لحق بالمؤسسة العسكرية والوطن واللبنانيين من كوارث ومصائب.