يؤدي الجيش اللبناني أدواراً محدودة في المنطقة الحدودية مع إسرائيل، منذ أن قرر «حزب الله» دعم المقاتلين في غزة من خلال إشغال الجيش الإسرائيلي بجبهته الشمالية.
ويجد الجيش، المولج مع القوات الدولية (يونيفيل) تطبيق القرار الدولي 1701 الذي أنهى حرباً استمرت 33 يوماً بين تل أبيب والحزب في عام 2006، نفسه مضطراً لحصر مهامه بمنع مجموعات فلسطينية، قدر الإمكان، من إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، من خلال تفكيك منصات يعثر عليها في البساتين والحقول.
ويقول مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «إلى جانب عمليات المسح والتفتيش للمناطق الحدودية التي تؤدي للعثور على منصات إطلاق صواريخ يتم العمل على تفكيكها، يشكل وجود عناصر الجيش إلى جانب قوات (اليونيفيل) في الجنوب عامل طمأنة للأهالي»، مؤكداً أن الجيش «باقٍ في مراكزه ولن يتركها ويستعد لكل الاحتمالات».
ويوضح المصدر أن «الجيش يتحرك بقرار سياسي من الحكومة، وقيام حزب الله بعمليات عسكرية في الجنوب موضوع سياسي تغطيه الدولة والبيانات الوزارية، لكن الخشية من تحركات الفصائل الفلسطينية وتحويل المنطقة إلى فتح لاند».
ويشير الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية العميد المتقاعد خليل الحلو إلى أن «لبنان الرسمي ملتزم بالقرار 1701 والجيش جزء من لبنان الرسمي، وبالتالي ملتزم بهذا القرار وبعدم خرق اتفاقية الهدنة. والذي يطلق النار والقذائف على إسرائيل من الداخل اللبناني ليس الجيش إنما (حزب الله)، لذلك لا يجب تحميل الجيش عواقب الرد على إسرائيل، ومن فتح النار فليتحمل وحده هذه العواقب».
ويضيف الحلو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يكفي أن أهالي الجنوب يتحملون العواقب، لا يفترض وضع الجيش تحت الخطر الإسرائيلي خاصة أن ميزان القوى بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي واضح. حتى بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله الذي فقد أكثر من 75 عنصراً».
ويرفض الحلو الحديث عن أن الجيش يقوم بدور المتفرج، مشيراً إلى أن «ما يجب أن يقوم به هو تطبيق القرار 1701 لذلك يحاول بقدر ما يستطيع أن يمنع المنظمات غير اللبنانية من إطلاق صواريخ عبر الأراضي اللبنانية برسالة واضحة لإسرائيل أن الدولة في لبنان غير معنية بهذا الصراع والموقف الرسمي اللبناني ملتزم بالقرار 1701».
وعن الأدوار الأخرى التي يقوم بها الجيش اللبناني حالياً في الجنوب، يقول: «حزب الله لا يستطيع في كثير من الأحيان سحب قتلاه وجرحاه، خاصة إذا كانوا على مرأى من الطيران الإسرائيلي، لذلك يقوم عناصر الجيش مع الصليب الأحمر بسحبهم».
من جهته، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر أنه «بناء على القرار 1701، يوجد الجيش على أرض الجنوب للتعاون مع قوات (اليونيفيل) لحفظ الحدود ومراقبتها ومنع التعدي عليها، لكن بعد عملية «طوفان الأقصى» وتوسع دائرة الاشتباكات جنوبي البلاد لم يعد الجيش قادراً على القيام بالمهام السابق ذكرها تماماً كما القوات الدولية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن ذلك لا يعني تجميد عملهما خاصة أن وجود الجيش في ثكناته يعطي أماناً وثقة لسكان القرى الحدودية».
ونص القرار الدولي 1701 على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان ونشر قوة إضافية للأمم المتحدة كلفها، بالتنسيق مع الجيش اللبناني، بمراقبة وقف الأعمال الحربية. كما نص على إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني (عُرفت بمنطقة جنوبي الليطاني) تكون خالية من أي مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات «يونيفيل».
إلا أن هذا القرار شهد الكثير من الخروقات على مر السنوات الـ17 الماضية سواء من قبل إسرائيل التي واصلت اعتداءاتها المتواصلة أو من قبل «حزب الله» الذي بدا واضحاً أنه لم يسحب سلاحه ومسلحيه من منطقة جنوبي الليطاني.
وأتى اشتعال جبهة الجنوب مؤخراً ليطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير هذا القرار وما إذا كان لا يزال نافذاً وما إذا كان يفترض استصدار قرار أممي جديد بعد انتهاء القتال في غزة وتلقائياً جنوبي لبنان.