ما يُريح اللبنانيين أنَّ مصطلحات الواقع اللبناني لا تنطبق على الجيش اللبناني، ولو كانت تنطبق، لا سمح الله، لكانت حلَّت الكارثة على هذا الوضع:
في الواقع اللبناني، هناك في أحيان كثيرة إطفاء للمحرِّكات الحكومية ثم إعادة تشغيلها، لكن تصوَّروا أنَّ المؤسسة العسكرية تقرِّر إطفاء محركاتها، فماذا سيحدث للوضع اللبناني ولا سيّما الميداني منه، سواء في البقاع أو في الشمال أو في سائر المناطق التي تشهد تحركاً وتحريكاً للوضع الأمني؟
في الواقع، هناك شغور سواء في المواقع القيادية أو في المواقع الإدارية، فتصوَّروا أنَّ هذا الواقع موجود في الجيش أو في أيِّ مؤسسة أمنية أو عسكرية أخرى، فماذا سيحدث في هذه الحال؟
***
في الواقع اللبناني هناك خلافات سياسية يومية، ومماحكات من دون توقف ومن دون انقطاع، فتصوَّروا أنَّ هذه الخلافات وهذه المماحكات موجودة في المؤسسة العسكرية، فماذا سيحدث للوضع الأمني في هذه الحال؟
في الواقع اللبناني هناك فضائح تتعلَّق بالمواد الغذائية غير المطابقة والأدوية المنتهية الصلاحية، فماذا لو كانت المصطلحات الفضائحية موجودة في المؤسسة العسكرية؟
فأيُّ انهيارٍ نكون فيه؟
***
الجيش اللبناني، قيادةً وضباطاً وعناصر، كأنَّه ليس من هذا البلد في واقعه المتدحرج والمنهار، والجميع يحمدون ربهم على أنَّه بعيدٌ عن هذه البيئة.
الجيش اللبناني يُذكَر في عرسال وفي بعلبك وفي بريتال وفي طرابلس وفي سائر الشمال، يقوم بالعمليات الإستباقية التي لا بدَّ منها ليقطع على الإرهابيين عنصر المفاجأة. هؤلاء الإرهابيون تحدَّثوا عن إنتظار ذوبان الثلج وتحسُّن الطقس ليبدأوا عملياتهم، فهل هذا التهويل في محله؟
وأين دور الجيش في المقابل؟
الجيش اللبناني لم ينتظر ذوبان الثلج بل بدأ عملياته، كما لم ينتظر وصول الأسلحة بل بدأ عملياته بما هو متوافر من أسلحة، هذه حالة فريدة في جيوش العالم:
أن يبدأ جيش بالمعركة قبل أن يحصل على كل الأسلحة التي يحتاج إليها، هذا الوضع يجعل الرأي العام في حال اطمئنان وفي مأمن، إلى أنَّ هناك عيوناً ساهرة على أمنه وعلى استقراره، على رغم كلِّ العراقيل وكلِّ محاولات التشكيك التي لم تحقق أيَّ نتيجة.
***
في وقتٍ من الأوقات، كان الجيش اللبناني يتحمَّل متاريس داخلية سواء في طرابلس أو في عكار أو في صيدا أو في بيروت أحياناً، بالإضافة إلى قطع الطرقات في أكثر من منطقة ولأكثر من سبب، ومع ذلك بقي متماسكاً وبقي قادراً على مواجهة الصِعاب، فأيُّ مفارقة هي هذه المفارقة؟
***
في هذه الحال، ماذا يمكن أن يُقال؟
بدايةً، أبعدوا الجيش عن مصطلحاتكم، لا تُدخلوه في زواريبكم، ففي هذه الحال يستطيع أن يُبقي البلد في مأمن، أما في ما عدا ذلك فإنَّكم ستعيشون القلق اليومي، لذا أُتركوا الجيش يحافظ على البلد بعدما فشلتم في هذه المهمة.