تبدي أكثر من جهة سياسية مخاوفها من تداعيات أزمة الخليج على الداخل اللبناني، وخصوصاً وأن عشرات الآلاف من اللبنانيين موجودون في سائر دول الخليج، وقد دفع هذا الأمر نحو اتصالات على أعلى المستويات مع قيادات خليجية للوقوف على أوضاع اللبنانيين في دول الخليج. وفي هذا المجال، تكشف أوساط ديبلوماسية، بأن القيادات اللبنانية تتّجه إلى تطبيق معادلة النأي بالنفس تجاه أزمة الخليج، وذلك على الرغم من صعوبة الموقف، وبالتالي، فإن الهدف لدى غالبية الأطراف المحلية هو الإبتعاد عن أي خطوة أو موقف تجاه الأزمة في الخليج، من الممكن أن تؤدي إلى إرباك الساحة السياسية، وإلى إدخال لبنان في «معمعة» وانقسامات، مما قد ينعكس بشكل مباشر وسريع وسلبي على أوضاع اللبنانيين المتواجدين في دول الخليج.
وعلى الرغم من خصوصية علاقة بعض الرؤساء بالمملكة العربية السعودية، فإن الموقف بات واضحاً وهو يقضي بالحياد الإيجابي في الوقت الذي تجري فيه اتصالات خاصة من قبل بعض الرؤساء بمسؤولين خليجيين للإطلاع على الأوضاع وتطوّرات الأزمة الناشئة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه يتناول المرحلة المقبلة وانعكاسات تفاقم ازمة دولة قطر والدول الخليجية على الداخل اللبناني؟ تجيب الأوساط الديبلوماسية، بأن هناك اتفاقاً بين القيادات والتيارات السياسية على عدم إقحام لبنان بما يجري في دول الخليج، أو في أي دولة في المنطقة، وذلك نظراً لحساسية الحالة اللبنانية وتلاوينها المذهبية والطائفية، الأمر الذي يجعلها عرضة للإهتزاز في حال حصل انقسام على أعلى المستويات بسبب صراعات إقليمية ودولية.
واستبعدت الأوساط الديبلوماسية نفسها، أن تكون للأزمة الخليجية أي تداعيات مباشرة على الساحة اللبنانية، لكنها كشفت عن أجواء من القلق تسجّل لدى كل القيادات الداخلية على الواقع الإقتصادي نتيجة تعرّض أعمال اللبنانيين، وفي كل القطاعات المالية والإقتصادية، وعلى امتداد الساحة الخليجية، للخطر نتيجة تطوّر هذه الأزمة.
وفي سياق متصل، وجدت الأوساط أن الأزمة في الخليج ما زالت أمام فرصة وحيدة لإقامة حوار من خلال وسطاء خليجيين لتطويق ارتدادات «الزلزال» الخليجي على مجمل الوضع في المنطقة. لكنها لم تهمل الإشارة إلى أن تجربة الوحدة الخليجية قد سقطت، على الأقل في المدى المنظور، واعتبرت أن صيغة التعاون بين دول الخليج ستخضع للتغيير، حيث ستشهد المنطقة حالة تموضع جديدة تمهّد لمنظومة مختلفة في الخليج، وستدفع نحو تحوّلات جذرية أساسية تبدأ من دول الخليج، وتتّوسع إلى ساحات أخرى. واعتبرت الأوساط، أن ما من منطقة ستكون في منأى عن هذا الوضع المستجدّ، وذلك على الرغم من رغبة لبنان بشكل خاص، كما اللبنانيين إلى اي فئة انتموا، بأن يكون الحوار هو السبيل الوحيد لحلّ الأزمة المستجدّة. وخلصت الأوساط إلى أن الأوضاع لا يمكن أن تعود إلى الوراء، محذّرة من إمكان تطوّر الأزمة السياسية إلى أزمة مالية واقتصادية خطيرة في المنطقة.