المساعدات التي تقدمها مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة تسمح للنازحين بتمديد فترة إقامتهم
«يؤكد تقرير بحثي في واشنطن ان وضع اللاجئين غير مرض لكنه أفضل بالنسبة الى العديد منهم من البدائل في سوريا»
تستحوذ زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن على إهتمام سياسي وديبلوماسي ملحوظ، نظرا الى أن أجندتها التي تحفل بملفات ملحة، في مقدمها النازحون والحرب على الإرهاب والمساعدات العسكرية الى الجيش اللبناني المرشحة الى التقلص ربطا بالخفض اللاحق بموازنة كل من وزارتي الدفاع والخارجية للسنة 2018، والتشديد المتوقع للعقوبات الأميركية ضد حزب الله، إضافة الى تلمّس ما ستؤول اليه السياسات الدولية في الإقليم، وإنعكاساتها المحتملة على لبنان، في ضوء التفاهم الأميركي – الروسي في سوريا على تعميم منطق المناطق الآمنة التي تسعى اليها الإدارة الأميركية وتعمل الإدارة الروسية على تثبيتها بعنوان عريض هو «مناطق خفض التوتر».
ولا شك أن تعميم هذه المناطق الآمنة او مخفوضة التوتر سينسحب إيجابا على أزمة النازحين في لبنان، إذ إن المجتمع الدولي، وتحديدا الاجهزة المعنية بمواكبة هذه الأزمة كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، لا يزال يتمسك بعبارة العودة الآمنة ليصرّ في كل النقاشات، وآخرها في إجتماع السراي الكبيرة يوم الثلاثاء، أن لا مناطق آمنة بعد في سوريا، وتاليا لا مجال لعودة اللاجئين في الظروف الراهنة، وهو الأمر الذي يتنافى مع ما عودة 500 الف لاجئ الى سوريا، وكذلك عشرات العائلات النازحة التي قطنت المخيمات في عرسال.
وكان «مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» قد أعلن في 30 حزيران 2017 أن ما يقرب من نصف مليون سوري عادوا إلى ديارهم بين شهري كانون الثاني وأيار 2017. وإتّسم التقرير بلهجة متفائلة إزاء احتمال عودة الملايين في حال «تعزّز السلام والاستقرار في سوريا».
ويعول مسؤولون لبنانيون على ترسيخ التفاهم الأميركي – الروسي لناحية المناطق الآمنة من أجل مواجهة بعض المسؤولين الدوليين لا يزالون يرفضون حتى النقاش في احتمالات عودة النازحين، على رغم التغيرات الميدانية الحاصلة في النزاع السوري.
وكان لافتا، في هذا السياق، ما اورده تقرير بحثي صدر في واشنطن عن الظروف الجيدة التي تحيط بالنازحين في لبنان، مقارنة مع نظرائهم في دول اللجوء الأخرى. إذ أشار التقرير الى ان أوضاع هؤلاء «جيدة نسبياً في لبنان»، فهم «يحصلون على دعم «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين». ويتحدث التقرير عن «الوضع الاقتصادي والفساد وانعدام الأمن المتفشي في سوريا، كلها عوامل تحول دون عودتهم، لا سيما وأن ذلك يعني التخلي عن وضعهم كلاجئين ومن ثم إمكانية الهجرة إلى بلد آخر. وحتى لو لم يتمّ منح بضع مئات من تأشيرات الدخول سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والولايات المتحدة، فإن مثل هذه الفرص الضئيلة تستمر في تحقيق أحلام المغادرة في المستقبل». يضيف التقرير البحثي: «تتنامى الرغبة في الهجرة بشكل إضافي بسبب ملايين اللاجئين السوريين الجدد منذ عام 2012 الذين يعيشون في البلدان الشمالية (معظمهم من ألمانيا والسويد وكندا) والذين يشاركون تجربتهم مع أقاربهم. بالإضافة إلى ذلك، ليس هناك جدار يحمي حدود الاتحاد الأوروبي، لذلك يتمّ أحياناً إنقاذ الناس في البحر، كما لم يتم إلغاء الحق بلمّ شمل الأسرة من «معاهدة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لعام 2003».
ويلفت التقرير البحثي الصادر في واشنطن الى أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» في لبنان والدعم المقدّم من العديد من المنظمات غير الحكومية، تسمح للاجئين السوريين بتمديد فترة إقامتهم في البلاد، حيث تتمّ تغطية الطعام والرعاية الصحية إلى حد كبير (…) بينما الإنفاق الرئيسي يكون على الإيجار. ويوافق السوريون على العمل لقاء أجر صافي أدنى من ذلك الذي يتلقاه اللبنانيون، وبخلاف اللبنانيين، لا يصرحون عن دخلهم إلى الضمان الاجتماعي. وفي شمال وشرق لبنان، حيث يتركز اللاجئون، يموّل «البنك الدولي» بناء الطرق الريفية من أجل استحداث فرص عمل للاجئين، مع الاستثمار في البلد المضيف أيضاً».
ويخلص الى أن «وضع اللاجئين السوريين غير مرضٍ إلى حدّ كبير، لكنه أفضل بالنسبة إلى العديد منهم من البدائل في سوريا. وبالنسبة إلى المجتمع الدولي، تبقى المعضلة في أنه بينما يخفف توفير المساعدات من المعاناة، إلّا أنّه قد يرسل إشارات مضللة إلى اللاجئين فيما يتعلق بمستقبلهم».
في هذا الإطار، يتوقف مسؤولون لبنانيون مليا عند عبارات عدة وردت في التقرير تعكس المخاوف اللبنانية من التصلب الدولي وخصوصا عند المسؤولين عن منظمات الإغاثة، في التمسّك برفض النقاش في مسألة العودة، وفي حصر المساعدات في اللاجئين بدلا من منحها ايضا الى المجتمع المضيف، مما يؤدي حكما الى أن يستبعد هؤلاء تدريجا مسألة عودتهم، والى أن يضيق الحال تدريجا بالمضيف، مما قد يحمله الى التخلي عن أرضه بحثا عن فرص جديدة، مما يسهّل التوطين والإستيطان