ليس ثمة موقف لبناني موحّد إزاء ما يحدث في فلسطين، وهذا الأمر ليس مستجداً بل هو مرتبط بطبيعة النزاعات والانقسامات اللبنانية التقليدية التي غالباً ما تنعكس على مقاربة الملفات الكبيرة والخيارات الاستراتيجية، بحيث تتفاوت مواقف أطراف القوى السياسية فيما بينها، وفي أحيان لا تتفق جميعها مع الموقف الرسمي للدولة اللبنانية.
ولطالما كانت السياسة الخارجية اللبنانية من أبرز الملفات التي تتصاعد حولها النزاعات على خلفية الخلاف التاريخي بشأن دور لبنان في المنطقة وموقعه من الصراع العربي – الإسرائيلي، وما إذا كان «دولة مساندة» أم «دولة مواجهة».
عملية «طوفان الأقصى» تجدّد
الانقسامات الداخلية
وجاءت عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها حركة «حماس» في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لتثير المخاوف من إدخال لبنان في أتون المواجهة؛ فمع كل حرب تشنها إسرائيل على قطاع غزة تتجه الأنظار إلى الجنوب اللبناني، الجبهة الأكثر تأثراً وارتباطاً بما يجري في فلسطين المحتلة.
وفيما حملت الساعات الأولى ردّات فعل شعبية مرحّبة بالعملية، وخصوصاً لدى البيئة الحاضنة والمؤيدة للمقاومة، بدأت المواقف الرسمية والحزبية تظهر تباعاً مع إعلان إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وبعد أن بدا جليّاً أنها حرب لا تشبه الحروب السابقة، وأن الأمور قد تتصاعد في مسارات أكثر خطورة على صعيد المنطقة. ففي اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، أعلن حزب الله «الهجوم على ثلاثة مواقع للاحتلال الصهيوني في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة»، ووضع ذلك الهجوم «على طريق ما تبقّى من أرضنا اللبنانية المحتلة وتضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر».
المواقف الرسمية
برزت المواقف الرسمية اللبنانية من خلال تصريحات وبيانات صدرت عن رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، في ظل غياب موقف الرئاسة بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية حتى تاريخه؛ إذ دخل لبنان في مرحلة طويلة من الشغور الرئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 عقب فشل المجلس النيابي، بكتله الكبرى ومجموعات مبعثرة من المستقلين و«التغييريين»، في انتخاب خلف له في إثر بروز تباينات سياسية ودستورية تتصل بحق النواب في «تهريب» النصاب القانوني في جلسة انتخاب الرئيس، أي أكثرية 86 صوتاً (من أصل 128).
وصدف أن الحكومة القائمة برئاسة نجيب ميقاتي غير مكتملة الصلاحيات أساساً بسبب تحولها إلى حكومة تصريف أعمال منذ 20 أيار/ مايو 2022 بسبب انتهاء ولاية المجلس النيابي السابق وبدء ولاية المجلس المنتخب. وبالتالي، من المتوقع لحكومة تصريف الأعمال، في الظروف العادية، ألاّ تتجاوز في عملها مفهوم تصريف الأعمال الضيق، فكيف بالحريّ في حال غياب رئيس الجمهورية؟
إلّا إن الحرب الإسرائيلية على غزة، وفتح الجبهة الجنوبية اللبنانية دفعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى ممارسة مسؤولياتهما التي تقتضيها الأوضاع المستجدة، فقادا حملة سياسية ودبلوماسية لتحييد لبنان ووقف الحرب، وشدّد ميقاتي خلال الاتصالات «أن الأولوية لدى الحكومة هي لحفظ الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، واستمرار الهدوء على الخط الأزرق والالتزام بالقرار 1701 ووقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للسيادة اللبنانية جواً وبحراً وبراً، والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة».
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية اللبنانية عقب لقائه سفراء 26 دولة «أننا في لبنان لسنا هُواة أو دُعاة حرب بل نرغب في الحفاظ على الهدوء والاستقرار لذلك يجب وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة.
أمّا رئيس مجلس النواب نبيه بري فعبّر عن موقفه في كلمة ألقاها في المؤتمر الطارئ الذي عُقد في الجزائر على مستوى رؤساء المجالس النيابية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فطالب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي التي تقيم اتفاقيات مع الكيان الصهيوني إلى إلغاء هذه الاتفاقيات فوراً، مؤكداً «أن الدفاع عن غزة وعن فلسطين ليس مسؤولية فصيل فلسطيني بعينه وليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم هي مسؤولية الأمة جمعاء»، ونبّه إلى خطورة مخطط الترانسفير الذي يسعى الكيان الإسرائيلي لتحقيقه بحق الشعب الفلسطيني، وأكد على حق الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته المشروعة بكل الوسائل المتاحة.
الحركة السياسية والدبلوماسية
الغربية تجاه لبنان
نشطت الحركة السياسية والدبلوماسية الغربية تجاه لبنان بُعيد انطلاق الحرب، واستقبل المسؤولون اللبنانيون العديد من وزراء الخارجية الأجانب والعرب أبرزهم وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وتركيا وإيران وهنغاريا، بالإضافة إلى الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الذي سبق أن تولى التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل لإتمام صفقة ترسيم الحدود البحرية. ولوحظ عدم زيارة وزير الخارجية الأميركية توني بلينكن إلى بيروت، على الرغم من زيارته إسرائيل والمنطقة لأكثر من خمس مرات منذ عملية «طوفان الأقصى» وبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
إلّا إن الأبرز في هذا الحراك تمثل في الموقف الأميركي الذي عبّر عنه هوكشتاين، الذي تحدث في أكثر من مناسبة عن «ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكناً التوصل إلى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن». كما دعا إلى «العمل على حل وسط موقت لعدم تطور الأمور نحو الأسوأ». والبارز في تصريحات المسؤولين الأميركيين والفرنسيين كان الضغط على لبنان للإيفاء بالتزاماته من دون ممارسة الضغط الموازي على إسرائيل، في الوقت ذاته، محذّرين من العواقب الوخيمة لذلك. وما نقله وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب عن نظيره الفرنسي خلال زيارته بيروت يصب في هذا الإطار، إذ «حذر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (…) المسؤولين اللبنانيين من أن إسرائيل قد تشنّ حرباً على لبنان من أجل إعادة عشرات الآلاف من مواطنيها إلى المنطقة الحدودية».
ومن المقترحات السياسية التي تلقتها بيروت لوقف الحرب وإعادة الهدوء إلى الجنوب اللبناني كانت «الورقة الفرنسية». وعلى الرغم من عدم الإعلان عنها رسمياً، فإن عدداً من الصحف اللبنانية كشف بعض مضامينها؛ الورقة تقع تحت عنوان «ترتيبات أمنية بين لبنان وإسرائيل»، وهي تشير في الجزء الأول إلى تفاهم نيسان 1996، وتقترح «آلية لمجموعة من الخطوات الهادفة إلى خفض حدة التصعيد ضمن مسار تدريجي يسير على مراحل مع بدء التهدئة في غزة، على أن تلتزم الأطراف بهدف اتخاذ قرار جدي لوقف إطلاق النار، عندما تكون الظروف مناسبة، بهدف ضمان التنفيذ الفعال لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، الذي يظل الأساس لاستقرار الوضع على الحدود».
وتضيف المعلومات أن الورقة تدعو إلى «تشكيل مجموعة مراقبة تتألف من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل لمراقبة تنفيذ الترتيبات الأمنية التي سيجري الاتفاق عليها، والتعامل مع الشكاوى التي يمكن أن تقدمها الأطراف.» ويجري التنفيذ، وفق الورقة، على ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى: لا سقف زمنياً لها وتتصل بوقف العمليات العسكرية على جانبَي الحدود، مع شروحات مفصلة حول دور خاص لقوات «اليونيفل» وفق قواعد القرار 1701. أمّا المرحلة الثانية، فمدتها ثلاثة أيام، وتهدف إلى «تفكيك مواقع حزب الله وانسحاب المقاتلين والمنظومات الصاروخية والقتالية ضمن مدى 10 كيلومترات شمال الخط الأزرق (…) وتعمد إسرائيل في المقابل إلى وقف كل أنواع الطلعات الجوية فوق لبنان». وهذه المرحلة «تواكبها عملية انتشار لـ15 ألف جندي من الجيش اللبناني في كل منطقة جنوب نهر الليطاني، ويجري تنسيق العمل بعد استئناف الاجتماعات الثلاثية في الناقورة».
وبحسب الورقة فإن المرحلة الثالثة، يفترض أن «تُنجز خلال عشرة أيام»، وتقضي بإطلاق مفاوضات هدفها «ترسيم متدرج للحدود البرية وفق القرار 1701 والمشاركة في مفاوضات حول خريطة طريق لضمان إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي ظهور مسلح أو مواقع عسكرية أو مواد قتالية باستثناء تلك التابعة للحكومة اللبنانية وقوات اليونيفيل». كما تشير إلى «توفير دعم لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، وكذلك توفير دعم اقتصادي لمنطقة الجنوب اللبناني».
وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب قال: «الأهم لدى لبنان هو وقف الاحتكاكات القائمة»، و«نحن لا نريد أنصاف حلول تتلاشى بغضون أشهر، ونتطرق إلى كل المسائل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والغجر، وصولاً إلى تحديد مسألة الخط الأزرق الذي هو بالنسبة إلينا خط تراجع، فيما تعتبره إسرائيل خطاً حدودياً».
لقد عوّل لبنان الرسمي على وقف الحرب الإسرائيلية على غزة كمدخل لإعادة الاستقرار إلى الجنوب اللبناني في ضوء المواقف المعلنة لحزب الله بعدم الاستعداد لإيقافها مع استمرار العدوان على القطاع، وفي ظل عدم الرغبة في حصول مواجهة داخلية مع حزب الله لثنيه عن ربط الساحتين بعضهما ببعض، وتعريض لبنان لخطر حرب إسرائيلية شاملة لم يتوانَ المسؤولون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون عن تكرار التهديد بها، وآخر تهديد كان على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال: «لدينا هدف بسيط في الشمال (الحدود مع لبنان) هو إعادة السكان»، وأضاف في حديث مع جنود إسرائيليين في منطقة جبل الشيخ قرب الحدود اللبنانية: «من أجل القيام بذلك، يجب علينا استعادة الأمن، وهذا سيتحقق. لن نتهاون في هذا الأمر، سنحقق هدفنا بإحدى طريقتين: عسكرياً إذا لزم الأمر، ودبلوماسياً إن أمكن».
مواقف القوى والأحزاب اللبنانية
وإذا كان المسؤولون الرسميون عبّروا بنوع من الدبلوماسية عن موقف الدولة اللبنانية، إلّا إن الأمر لم يكن على هذا المستوى بالنسبة إلى المواقف غير الرسمية. فقد اندلعت السجالات الداخلية منذ اليوم الأول، بين مواقف معترضة على إقحام لبنان في الحرب، في الوقت الذي بقيت الحدود السورية والأردنية والمصرية مع الأراضي المحتلة هادئة تماماً، ومواقف أُخرى تعتبر أن الالتزام بالقضية الفلسطينية يحتّم عدم السكوت ومشاركة المقاومة، وخصوصاً أن ثمة أراضيَ لبنانية لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، أي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو ما يعطي المقاومة شرعيتها.
وبدأت مواقف الأطراف في لبنان تأخذ منحى متصاعداً، مع تصاعد لهجة التهديد الإسرائيلية بشنّ حرب على لبنان، وبمصير لا يختلف عن مصير قطاع غزة. وهنا لا بد من الإشارة إلى شبه إجماع لبناني على رفض الحرب، لكن مع اختلاف المقاربة والرؤية؛ اعتبر فريق المعارضة أن حزب الله يجرُّ لبنان إلى الحرب ويعطي الإسرائيليين ذريعة لمهاجمة لبنان، وهو موقف يندرج في الأساس في إطار المطالبة بحياد لبنان والنأي به عن مشكلات المنطقة. أمّا بالنسبة إلى حزب الله والقوى المؤيدة له، فثمة وجهة نظر تقول إن الحزب لا يسعى إلى الحرب ولا يريدها، لكن إذا أصرّت إسرائيل على مواصلة انتهاكاتها وخرقها للقرار 1701، فتكون الحرب قد فُرضت على اللبنانيين.
وبين هؤلاء وأولئك، وقفت أطراف سياسية في موقع وسطي بمعنى أنها رفضت الاعتداءات الإسرائيلية، ولم تذمّ انخراط حزب الله في المعركة، إلاّ إنها طالبت الحزب في الوقت ذاته بتلافي توسيع معركة تتيح للاحتلال الإسرائيلي فرصة للانقضاض على لبنان، وقاد هذا الموقف الوسطي الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي حافظ على مواقفه المبدئية الداعمة للشعب الفلسطيني، وخصوصاً في الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، لكنه من ناحية ثانية أمل ألاّ يُستدرج لبنان إلى الحرب، معتبراً أن الوضع قد يكون «أصعب بكثير مما مرينا به زمن حصار بيروت واجتياحها، لذلك نطلب التضامن ووحدة الصوت والكلمة».
ولعل أعنف المواقف المناهضة للمقاومة والحرب جاءت على لسان رئيسي حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، سمير جعجع وسامي الجميل، اللذين طالبا بوقف تدخل حزب الله في الحرب، إذ اعتبر الأول: «إن وضع لبنان في فوهة المدفع لن يفيد القضية الفلسطينية بل سيجر علينا الدمار الشامل. انطلاقاً من هنا، السؤال الأساس: هل ستجتمع الحكومة اللبنانية لتتخذ قراراً بالتطبيق الفعلي للـ 1701 وحصر الانتشار العسكري في الجنوب بالجيش اللبناني بمؤازرة القوى الدولية؟»، وتساءل الثاني: «من أين أتت فرضية أن حزب الله أقوى من الجيش؟ لي كامل الثقة بالجيش والدعم الدولي للجيش أهم وأقوى سلاح بوجه إسرائيل».
أمّا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي اعتبر أن إسرائيل تقوم بحرب إبادة بحق الفلسطينيين في غزة، فرد على سؤال عن احتمال وقوع حرب في لبنان معتبراً أن «إسرائيل لم تكن يوماً بحاجة إلى عذر لتعتدي علينا»، لكنه أكد من ناحية ثانية أن ما يهم اللبنانيين حالياً هو تحييد لبنان، وأنه يفضل حالة الدفاع عن النفس لا الهجوم، مشيراً إلى أن إيران وحزب الله وكذلك الولايات المتحدة لا يريدون توسيع رقعة الحرب.
ولفت موقف لرئيس الجمهورية اللبنانية السابق العماد ميشال عون (تولى الحكم بين عامي 2016 و2022)، الذي قال في مقابلة تلفزيونية على قناة «أو تي في» الناطقة باسم «التيار الوطني الحر»: «لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع، ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسماً من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والانتصار يكون للوطن وليس لقسم منه.» ولفت إلى أن «القول إن الاشتراك بالحرب استباق لاعتداء إسرائيلي على لبنان هو مجرد رأي، والدخول في المواجهة قد لا يبعد الخطر بل يزيده».
الانقسامات الداخلية
تعكس توجّهات خارجية
في المحصلة، لا بد من الاعتراف بأن الانقسامات الداخلية بشأن مختلف القضايا، تعكس بدورها توجهات إقليمية ودولية تجاه لبنان، وهو ما يظهر جلياً من خلال الزيارات المكثفة لمختلف الأطراف إلى لبنان منذ اندلاع الحرب على غزة. ومع حرص الجميع على عدم توسعة رقعة الحرب، إلاّ إن لكل من الأطراف مصالحه ورؤيته الخاصة.
وإذا كانت، ولا تزال، مصالح القوى الخارجية تفرض نفسها على الساحة اللبنانية، فإن خطورة الوضع الراهن، في منطقة على أبواب تحولات وتطورات مصيرية وضبابية بانتظار نتائج المعارك على الأرض، تستدعي مواقف وخطوات أكثر مسؤولية وجدية على الصعيد الداخلي قبل فوات الأوان.
ولا شك في أن إعادة ترتيب البيت الداخلي اللبناني وتفعيل المؤسسات الدستورية يشكل مدخلاً رئيسياً للحد من الانكشاف السياسي الكبير الذي تعانيه البلاد جراء الشغور الرئاسي، والذي يستوجب مقاربات جديدة تكون مستوحاة من أحكام الدستور اللبناني والأصول المرعية الإجراء. إن الحرب الدائرة في جنوب لبنان وشمال الأراضي المحتلة، على أهميتها وخطورتها، إلاّ إنها ليست التحدي الوحيد الذي يواجهه لبنان في هذه المرحلة الحساسة، إذ إن مفاعيل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي لم تنتهِ بعد، والملفات المتراكمة في الأمن والقضاء والسياسة كثيرة جداً.
* مدير مكتب بيروت في مؤسسة الدراسات الفلسطينية