Site icon IMLebanon

ما بدنا كهربا …!

 

يُدخل الوزير الهُمام جبران باسيل (ومتحوراته من وزراء الطاقة المُتعاقبين) الرعب في قلبي حين يُصرّحون أنه في حال حصولهم على القروض وتطبيق خطة وزارتهم خلال السنوات القليلة المقبلة فإن توافر الطاقة الكهربائية سيكون بتكلفة معقولة على مدار 24 ساعة يومياً بغضّ النظر عن حالة الطقس ودفع مستحقات الفيول.

 

وصرت أرتجف كل مرّة تُذكر فيها مشاريع إنشاء السدود والبحيرات الاصطناعية وتمديد شبكات نقل المياه في جميع أرجاء لبنان، بحيث لا تبقى منطقة بلا مياه للاستعمال وصالحة للشرب على مدار الساعة وفي شتى الفصول.

 

والأنكى هو ما يقال عن إنجاز المزيد من البُنى التحتية من طرقات وجسور وأنفاق ومواقف عامة للسيارات في مختلف المناطق، وكذلك إمكانيّة إطلاق مشروعي مطاري القليعات ورياق.

 

هل هذا يعني أن شبكات الأسلاك المتدلية من عواميد الإنارة ستختفي؟ وهل يعني أنني لن أضطر إلى قضاء ساعة في اليوم اتنقل بين الأزرار الكهربائية لتحويل التيار الكهربائي من «الموتور» إلى «الدولة» وبالعكس، وأن «أنفذ بجلدي» في كل مرّة من «شرقطات» الأسلاك! وماذا عن خبرتي المتوارثة جيلاً بعد جيل في «علم الموتورات» وساعات الكهرباء والـ UPS والبطّاريات والتمديدات و«التعليق» على الأعمدة، وكذلك الخبرة المُستجدّة في الطاقة الشمسيّة!

 

هل يعني هذا أنني سأتوقف عن «زقّ» المياه صعوداً إلى الطوابق العليا، والتخلي عن تركيب خزانات المياه الإضافية … ما تأثير ذلك على لياقتي البدنية؟ وهل يعني اضطراري لـ «أخذ دوش» يومياً!

 

وبخصوص الطرقات، هل يعني هذا أنني سأصل بسرعة إلى مقصدي واستغني عن الاستماع الى نشرات الأخبار عبر راديو السيارة، واتوقف عن إرساء العلاقات الاجتماعية المتنوعة وإطلاق التعليقات و«اللطشات» والشتائم، عبر نوافذ السيارة، مع سائقي السيارات المجاورة ونحن «نزحف» الى مقاصدنا متراً تلو الآخر، أو نتجمّع حول الحفر-الخنادق للمساعدة في انتشال سيارة هنا وسيارة هناك! وبما سنملأ «ساعات الفراغ» التي ستتوافر بسبب وصول الناس إلى الأماكن بسرعة؟!

 

هل هذا يعني أنني سأجد موقفاً لسيارتي دون أن أبعد حجراً أو كرسياً أو برميلاً أو حوض زرّيعة، أو أن «أفكّ جنزير» الموقف الذي «تسلطتُ» عليه عنوة، أو أن أتطفل على صاحب متجر واستعطف ناطوراً وأبوس يدّ «أزعرينا»؟

 

هل يعني هذا أنني لن أكون مضطراً إلى العمل في وظيفتين مختلفتين (أو أكثر) لأتمكن بالكاد من سداد ما تُطالبني به الدولة وأصحاب المولدات وصهاريج المياه وكاراجات السيارات ومحطات البنزين!

 

«يا جماعة» … هل سأرغم على الاعتذار من السيّدة والدة جبران؟! والأهم، هل سأضطر إلى تغيير نمط حياتي جذرياً بعد عقود من الزمان من أجل أحلام جبران!

 

لا وألف لا … لا للماء والكهرباء والطرقات والمواقف العامة!