Site icon IMLebanon

الظاهرة الخطرة

 

 

نريد ان نوافق، جدَلاً، مع القائلين إن الخارج مسؤول عن آفاتنا وأمراضنا ومساوئنا، وارتكاباتنا، والفساد والتجاوزات، والسرقات، وأيضاً تجويع اللبنانيين وإفقارهم وحتى إذلالهم (…) ولكننا لا نصدق، وأصلاً لا نقبل أو نتفهم (لا واقعاً ولا حتى جدلاً) أن يكون الخارج مسؤولاً عما يزيد في آلام الناس وقهرهم ومضاعفة مأساتهم.

 

فهل الخارج هو المسؤول عن الحُفَر في الطرقات والاوتوسترادات والمنعطفات التي تتسبب بحوادث السير المروّعة التي تحصد الأبرياء يومياً وبأرقام تكاد أن تكون الأعلى عالمياً قياساً الى عدد السكان!

 

وهل الخارج مسؤول عن تفاقم الجريمة الفردية التي تتضاعف أنواعها ببيانٍ تصاعدي مخيف. اذ لا يمر يوم من دون العثور على جثة في سيارة، أو ملقاة في حرج أو وادٍ، أو داخل شقة. علماً أن نوع الجرائم بات يشكّل معضلة إنسانية واجتماعية غاية في الخطورة: هنا ابن يقتل والده أو العكس، وهناك حفيد يصرع جدّه، وهنالك امرأةٌ تتواطأ مع آخرين على ذبح زوجها، وفي مكان آخر يجري التخلص من الأطفال ليس فقط بإلقائهم في مستوعبات النفايات بل في رميهم في الغابات الخ… وهذه الجريمة الفردية بأنواعها البشعة، كنا نقرأ عنها او نشاهدها في الأقنية التلفزيونية العالمية المتخصّصة فتقشعر لهولها الأبدان، فإذا بها من حولنا في المدن والبلدات وسائر المجمعات السكنية، ولاسيما في مخيمات النازحين السوريين الذين ارتفع معهم مؤشّر الجريمة الفردية، في لبنان، بما يفوق الأربعين في المئة!

 

وهل الخارج مسؤول عن عمليات الخطف (ناهيك بسرقة السيارات) وطلب الفدية وإلا التهديد بالقتل! وقد باتت إحدى مناطق البقاع ذات «شهرة» عالمية في هذا المجال!

 

وهل الخارج مسؤول عمّا يُسجل على الطرقات (طريق المطار مثالاً صارخاً) من عمليات «تشليح» بقوة السلاح، مع التأكيد على أن شيوع هذا النوع من الجريمة أخذوا يصفونه في الإعلام الفرنسي تحديداً والعالمي عموماً بأنه «الجريمة المنظّمة» في لبنان.

 

وهذه الظاهرة الإجرامية تدل بوضوح، لا لبس فيه ولا إبهام، الى أنه بداية إنفلات أمني قد يؤدي الى قيام تنظيمات مسلحة يزداد خطرها مع الوقت! صحيح أنه الزمن اللبناني الأشدّ صعوبة، ولكن مَن وماذا يمنع القيادات العسكرية والأمنية من تسيير دوريات على الطرقات ولو (أقله) من باب «خْيال الصحرا»؟!.

 

صحيح ان كشف المرتكب بعد الجريمة بوقت قليل هو إنجاز، ولكن الإنجاز المطلوب تحقيق الأمن الوقائي، وهذا أضعف الإيمان، والإنجاز الكبير.