Site icon IMLebanon

الشعب شريك الجلّاد

 

إنها أكثر من حفلات الجنون التي تُدار على مسرح اللامعقول اللبناني، ويفرضون علينا أن نكون شهود زور على عبثهم وما يمارسون علينا من فسق ومجون في السياسة، ومن ظلم وقهر في حياتنا الإنسانية، وإذلال في لقمة العيش.

 

ليسوا من البشر هؤلاء، وليسوا بالتأكيد القاطع لبنانيين إلا بالهوية.

 

من كان يرى، في أبشع الكوابيس وأكثرها رعباً، أن ثمن صفيحة البنزين سيرتفع نحو مئة وخمسين ألف ليرة في أربع وعشرين ساعة؟!.

 

إلى أي حد من التعدي على الحقوق والكرامات والامتهان (…) أوصلنا هذا الطقم السياسي الهجين المفروض علينا أن نتحمّله بأثقاله التي يرخي بها على الناس فيسحقهم؟!.

 

ماذا بقي للمواطن اللبناني ولم يسلبوه إياه؟!.

 

هل أبقوا له ذرة من العافية والقدرة على الصمود ومواجهة متطلبات الحياة؟

 

هل توقفوا عن الإمعان في تعريضه لأسوأ مساوئ الحياة الإنسانية الكريمة؟

 

ماذا ولم يفعلوا ضد لبنان واللبنانيين؟ أيَّ إثم لم يمارسوه، وأي جريمة لم يرتكبوها، وأي فساد لم يبرعوا فيه، وأي فرية لم يقاربوها، وأي تدنيس فاتهم أن يتفوقوا في ارتكاباتهم وتجاوزاتهم؟!.

 

الآدمي فيهم أزعر، والقديس بينهم شيطان رجيم، والبطل جبان، والمستقيم منحرف، والأمين على المال العام لص، والمشرّع منافق، ومدّعي الإيمان كافر …

 

من سوء الطالع أننا عشنا لنراهم يتسابقون على أكل الجبنة، وكأن فيهم جوعاً مزمناً إلى لهف ولهط كل شيء حتى ولو كان اللاهط متخماً، فهو لا يشبع… لو كان في هؤلاء شرف قدر ذرة من الفساد المعشش فيهم، ولو كان لديهم شجاعة وفروسية قدر ما فيهم من أشداق مشرّعة على اللهط لكانوا بادروا إلى الانسحاب من المسؤولية المباشرة وغير المباشرة ووضعوا أنفسهم في تصرّف الناس.

 

أما الناس، فما أدراك من همّ الناس، وقد باتوا رهائن من غير أقفاص، ليستسلموا إلى جلّاديهم بدلَ من أن ينتفضوا عليهم انتفاضة جدّية جريئة، وليس كما حدث في ذلك اليوم المشؤوم ذاتَ سابعَ عشرَ من تشرين.

 

وكان على حق ذلك الكبير الذي قال إن الذي يتعرّض للجلد ولا ينتفض على الجلّاد هو شريك له.