جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، إنّ فساد الطبقة السياسية في لبنان وشهوتهم إلى السلطة وعدم كفاءتهم ومصداقيتهم دفعت البلاد إلى أزمة خانقة وقد تتمدّد إلى بعض الدول العربية إنْ لم يتُّم إستدراك خطورتها. الشعب اللبناني يعيش إنهياراً سياسياً – مالياً – إقتصادياً – معيشياً – إجتماعياً… وتتلاشى الخدمات، وبات معدّل التضّخُم يتزايد ولن نُخفي سِراً أنّ بعض العائلات تُرسل أبنائها إلى دور رعاية لأنهم لا يستطيعون إطعامهم، لا بل يلجأ عدد من المواطنين إلى السطو كطريقة وحيدة متوّفرة لإسترداد ودائعهم الخاصة من المصارف، أو لتأمين الدواء أو قوتهم.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، الوضع العام في البلاد هو أحد أكثر الإنهيارات خطورة على المستوى الدولي والإقليمي، ويحصل في بيئة لبنانية شديدة التقلُّب تتقاذفها المصالح الخاصة والتضليل الممنهج المعتمد من قبل الطبقة الحاكمة.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، إنّ الإنتخابات النيابية الأخيرة ترتّب على نتائجها الكثير من مستقبل لبنان السياسي وها هي المؤسسات الرسمية مُصادرة لراعٍي إقليمي بواسطة مندوب سامي لها يسيطر على مقدرات البلاد بالسلاح والإرهاب الفكري تحت حجة «محاربة العدو الإسرائيلي»، وهكذا أصبحت نتيجة الإنتخابات النيابية الأخيرة أمراً واقعاً طعن بالنظام الديمقراطي وأحدثّ خللاً فاضحاً في موازين القوى بين اللبنانيين.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، خلاصة الوضع الإنتخابي يقودنا إلى معادلة أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعتْ عبر وكيلها في لبنان ومع حلفائه إلى الحفاظ على الأكثرية في البرلمان، وهذا ما أفضى إلى ضعف التمثيل البرلماني الصادق داخل مجلس النوّاب. إضافةً إلى أمر مُخجــل وقد عجِــز الجميع ومنهم الصرح البطريركي الماروني عن إيجاد حلول له ألا وهو تداعيات صراع القوى المسيحية عامةً والمارونية خاصة وهذا الأمر شكّل إحباطاً لدى الرأي العام المسيحي وقد يدفع ثمنه باهظاً بالإستناد إلى تسوية العام 1990، وبصريح العبارة إنّ طبيعة التمثيل البرلماني حالياً تفتقِــد إلى المصداقية والجرأة في مقاربة المواضيع المتراكمة ومنها الإستحقاق الرئاسي.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، إزاء هذا الوضع من الطبيعي أن تسير الأمور في المشهدية السياسية إلى مزيد من التأزُّم في ظل تصاعد وتيرة الإنقسامات فيما بين سلطة الأمــر الواقع وفي ظل فقدان الثقة بين المواطنين والطبقة الحاكمة، وفي ظل تنامي موجة الإحتجاجات الشعبية بشأن تردّي الأوضاع بكل مفاصلها. عملياً هناك جمــود سياسي مُتعمّـد يُخيِّم على الساحة اللبنانية وهذا الأمر وفق «علم السياسة» يُنذر بالولوج إلى مستنقع الفوضى القاتلة… هناك غضب شعبي لبناني عارم، معطوف على غضب إقليمي – دولي في مقابل تجاهــل سلطوي يُثير مخاوف الجميع بشأن إنزلاق لبنان إلى منحدر خطير وسقوط كل المسارات… هذا الأمر يتطّلب منّا ومنكم التحرُّك العاجــل لوضع خطة إنقاذية ركيزتها عدّة سيناريوهات تبدأ بمسار إنتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وبيانها الوزاري للخروج من تلك الأزمة الخانقة والتي إن تمدّدت ستكون عدواها مميتة على الجميع.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، بالإشارة إلى إجتماع «الدوحة» في إطار اللجنة الخماسية بداية هذا الأسبوع تظهّر لنا كمتابعين وكباحثين سياسيين وناشطين في الشأن العام بيان إرتكز على مندرجات الدستور اللبناني والقرارات الدولية ومقررات جامعة الدول العربية والأولوية اللبنانية السياديّة والإصلاحية لأي مسؤول يتوّلى مهام رئاسة الجمهورية بالمشاركة مع رئيس الحكومة كما ينص الدستور اللبناني. كُلْ الشكر والإحترام لمضمون هذا البيان ولكنه يحتاج إلى خارطة طريق لوضعه على سكّة التنفيذ… إضافةً إلى هذا الأمر تضمّن البيان إمكانية فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين. عملياً إنْ صحّتْ فرضية «العقوبات» فجامعة الدول العربية هي منظمة إقليمية تعمل على توثيق الصلات بين الدول الأعضاء وتنسِّق خططها السياسية – الإقتصادية – الإجتماعية – الثقافية – الأمنية، من أجل تحقيق التعاون الجَماعي وحماية الأمن القومي العربي وحفظ إستقلال الدول الأعضاء وإحترام سيادتها والعمل العربي المشترك في حدوده الدُنيا.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، إنّ مقارنة سجل جامعة الدول العربية في التعاطي مع المنازعات والمشاكل العربية يوضح أنها بالإجمال أكثر كفاءة من غيرها في التعامل مع تلك المشاكل… والوقائع تعكس قدرة الجامعة على توفير نوع من الإتفاق العام ولو بالحد الأدنى بين الدول الأعضاء حول القضايا العالقة رغم حساسيتها.
جانب السّادة الدول الخمس المعنيّة بالأزمة اللبنانية، بما أنّ المجتمعين قد أقّـرّوا بحراجة الوضع في البلاد ومرّد هذا الوضع إلى سوء الإدارة السياسية اللبنانية الممارسة بشكل إنتقائي وكيدي منذ تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وبما أنّ الوضع في لبنان على فهوّة بركان نأمــل من جانبكم التعاون ضمن أطر المُسلمّات التالية:
تحديد التحديات التي تواجه لبنان وإيجاد الآلية لدرسها وفقاً للقوانين التي ترعاها جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة.
توسيع مروحة المُشاورات لتشمل قادة رأي أحرار يتمتّعون بالإستقلالية التّامة لمقاربة الأزمة ووضع الحلول المنطقية لها.
المبادرة في أقرب فرصة للتحاور مع الشرفاء علمانيين وروحيين على مخرج موضوع «رئاسة الجمهورية» تحت عنوان: إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة وفك إرتباط لبنان تدريجياً عن سياسة المحاور وبسط سلطته الكاملة على أرضه دون أي شريك.
جانب السّادة الدول المعنيّة بالأزمة اللبنانية، يبقى الحوار البنّاء مع الشرفاء وحده الطريقة الفعّالة للتغلُّب على التصدعات الداخلية اللبنانية ولإعادة بناء دولة مستقلة بمؤسساتها المدنية والعسكرية الشرعية ومجموعاتها المستقلّة بغيّة التوصل إلى المخارج المرجوّة للأزمة… بدل إضاعة الوقت كما جرت العادة مع ساسة وصلوا إلى النظام خلافاً للنظام الديمقراطي، لأنّ التفاهمات والتسويات السابقة شابها العديد من العيوب والخلافات بينّ من كانوا في عداد الوفود التي شاركت في تلك الاجتماعات ، وللبحث صلة.
* كاتب وباحث سياسي