IMLebanon

قرار لبناني أولاً !!

ردد الرئيس بشارة الخوري، بعد خروجه من قلعة راشيا، بأن الحنكة قبل الحكمة، لأن الأولى تعني الروية، وأن الثانية تشير الى المعرفة.

ويُقال إن رياض الصلح سأله عن أسباب ايثاره للحنكة على الحكمة، ردَّ بأن ذلك يعني أن الحنكة هي بمثابة كابحة للفكر الناضج، لأن للنضوج أحياناً، فائدة لا توفرها الحكمة، وإن كان ثمة ترادف بينهما بالمعنى.

وهذا ما حدث خلال أزمة المواقف بين الأحزاب والكتل النيابية، حول المواقف الحكومية من قضايا تعود في معظمها الى العلائق الدولية للبنان، وللنهج الواجب اعتماده، ولا بسبب استقالة الحكومة وانهيار السلطة، على رغم مرور تسعة عشر شهراً على الفراغ المستمر في منصب رئيس الجمهورية.

والقصة، ان لبنان يعيش صدفة، في سلطات لا رئيس لها، وفي حكم يحاول كل وزير فيه أن يتصرف على أساس أنه رئيس جمهورية، لا مجرد مسؤول على رأس وزارته.

في الأسبوع الفائت، اختلف وزراء على طبيعة التشكيلات في حقائبهم الوزارية، فنهض الوزير من مقعده، وقال إنه سيد وزارته، ووحده مَن يقرر فيها لا أحد سواه.

في البلاد كل رئيس هو سيد وزارته، ولا أحد يشاركه في القرار.

عندما طلب الرئيس رفيق الحريري، صلاحيات استثنائية، بعد تسلّمه رئاسة الحكومة، قامت القيامة ضده، مع انها أعطيت سابقاً لأنداد له، وعندما استشهد لم يطلب أحد أن يكون نداً له في الشهادة.

مشكلة الطائف أنه اتفاق سياسي، جرى لدى اعلانه نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً.

والمشكلة، ان كل وزير بات يحسب نفسه مجلس الوزراء مجتمعاً. وهذا مغاير للدستور، ومناقض للطائف.

لا أحد يريد رئيس الوزراء مجرد باش كاتب.

ولا أحد يريد الوزير مجرد عضو في الحكومة لا صلاحيات له.

والصلاحية تكون وفقاً للدستور، لا سرياناً للمصالح الخاصة.

وحسناً، ما فعله مجلس الوزراء أمس، في شأن الأزمة مع المملكة العربية السعودية، فلا هو نكأ جراح الأشقاء العرب، وفي طليعتهم الرياض ودول الخليج، ولا أساء الى وزير في الحكومة، يقول إنه حرص على الالتزام بقرار مجلس الوزراء، من حيث النأي بالنفس عن الخلافات العربية.

… ولا اتخذ موقفاً جعل الحكومة الراهنة تتهاوى وتتناثر في رياح الصراعات الاقليمية.

ربما، يمكن القول إن ما تلاه رئيس الحكومة، ليس هو المطلوب من الحكومة مجتمعة، لكنه عمد الى تدوير الزوايا، والتوافق مع الرئيس نبيه بري الذي حفظ حقوق الجميع، وأبقى التوازن بين ٨ و١٤ آذار.

ولعل النقطة الأهم، كانت في تغييب الدور الذي مثّله ويمثّله الرئيس سعد الحريري، في استيعاب المشكلة، واستيعاب العلائق العربية على أحسن وجه، في ظرف، لم يشهد لبنان أكثر دقّة منه.

الوضع دقيق وصعب، ولكل من السياسيين عواطفه والمصالح، ولا أحد يملك التفريط بما أقامه الاغتراب اللبناني في دول الخليج مجتمعة، لأن هؤلاء هم بترول لبنان الحقيقي.

ولعل، اجتياز هذه المشكلة، وهي بعد في منتصف الطريق، انتصار حقيقي لهذا الوطن المثقل بالأعباء والكوارث.