IMLebanon

لبنانيون يطالبون بالحكم العسكري

 

بعد ثلاث حكومات عسكرية…انقلابان وأربعة جنرالات

 

على هامش الحركات الشعبية، وروافدها، طلعت بعض الأصوات مطالبة “بحكومة عسكرية” للإمساك بالوضع المتفلّت، وإخراج السياسيين من السلطة بعد ثبوت فشلهم وتحقيق المطالب المشروعة، وفرض القانون بالقوة ومعالجة الأزمات المتعددة التي تعصف ببلدنا الحبيب، من الأزمة المعيشية إلى الأزمة الإقتصادية إلى أزمة المالية العامة إلى أزمة الهجرة… وينظر المطالبون بـ “حكم العسكر” إلى من سيتولون السلطة بيد من حديد، بوصفهم أنقياء منزّهين عن الفساد والإفساد وشهوات السلطة والتسلّط. وفي دواخل المطالبين بـ “حكومة عسكرية” تخلف حكومة الرئيس الحريري شوق دفين إلى العيش تحت سلطة “ديكتاتور عادل”.

 

بالعودة إلى تاريخ لبنان، تولى حكم لبنان منذ العام 1943، في موقع رئاسة الجمهورية: أربعة جنرالات، انتقلوا من قيادة الجيش إلى قيادة البلد وأولهم اللواء فؤاد شهاب ( 1958 ـ 1964)، العماد البحّار إميل لحود ( 1998 ـ 2007) والعماد ميشال سليمان ( 2008 ـ 2014) والعماد ميشال عون ( 2016 ـ …) كما تشكلت 4 حكومات عسكرية، ولكل واحدة ظروفها وإخفاقاتها ومغامراتها وطموحاتها. كما شهدنا محاولتين إنقلابيتين واحدة قادها قوميون سوريون منتصف ليل 30 كانون الأول من العام 1961 وقوامها بعض العناصر والضباط الناقمين على السياسة الشهابية العام 1961 والثانية قادها العميد الأول الركن عبد العزيز الأحدب في 11 آذار 1976 وقد أصدر الأحدب بلاغات موقعة باسمه كحاكم عسكري موقت، وكان كل ما يملكه الحاكم الأحدب إذاعة وتلفزيون ( تلفزيون لبنان) وثلاث ملالات تمركزت على أحد مداخل بيروت، وبعض التأييد من ضباط وعلاقات جيدة مع المسؤولين. أما الهدف من ” الحركة الإصلاحية الوطنية ” فكان ” إنقاذ البلاد من المحنة الدامية ولتجنيب الجيش الإنهيار الكامل بعدما بدأ يتفكك إثر “حركة جيش لبنان العربي” بقيادة الملازم الأول أحمد الخطيب”.

 

 

حكومة الأربعة أيام

 

وبالعودة إلى الحكومات التي رأستها شخصية عسكرية، الأولى أصدر مرسومها الرئيس بشارة الخوري في 18 أيلول 1952 وسُميت حكومة إنتقالية، وكانت ثلاثية برئاسة قائد الجيش الزعيم فؤاد شهاب ( 50 عاماً) وعضوية الوزيرين ناظم عكاري وباسيل طراد وتولى فيها شهاب حقيبتي الداخلية والدفاع الوطني، وعكاري، نائب الرئيس، تولى 8 وزارات بينها وزارة “الإسعاف العام” وأسندت إلى طراد 4 حقائب. عاشت الحكومة الإنتقالية 6 أيام فقط نأى فيها رئيسها بنفسه عن النزاع بين بشارة الخوري ومعارضيه. إنتهى دور دولة الرئيس شهاب مع وصول الرئيس كميل شمعون إلى قصر القنطاري. والملفت أن حكومة شهاب لم تعد بياناً وزارياً ولم تتقدم تالياً من مجلس النواب لنيل الثقة. كان دورها إنتقالياً، كما كان يُرتجى من حكومة العماد ميشال عون في العام 1988.

 

لكن شهاب شهاب وعون عون، كما كُتب ذات يوم.

 

حكومة الرفاعي

 

في 23 أيار، وفي أربعين “13 نيسان” شكّل الرئيس سليمان فرنجيه حكومته السادسة وقد خلفت حكومة رشيد الصلح التي فقدت “ميثاقيتها ” بتضامن وزرائها المسيحيين مع الكتائب، فقدم رئيسها استقالة الوزارة في جلسة صاخبة في مجلس النواب. كلف فرنجية العميد الأول المتقاعد نور الدين الرفاعي ( 76 عاما) تشكيل الحكومة الجديدة لضبط الأمن. كانت حكومة عسكرية من ثمانية مطعمة بشقيق صهر رئيس الجمهورية لوسيان دحداح، وتولى فيها الرفاعي وزارات، الصحة العامة، الصناعة والنفط والعدل، وضمت حكومة الرفاعي الضباط موسى كنعان وسعيد نصرالله وفرنسوا جينادري وفوزي الخطيب وزين مكي، وكان عمر هذه الحكومة قصيراً، فلم يتسنّ لها الوقت لإعداد بيان وزاري لأنها استقالت في أول تموز من العام قبل “الأربعين” بيوم. وعملياً كانت شبه مستقيلة بعدما فرضت عليها الحركة الوطنية والإسلام السياسي وريمون إده الحرم!

 

الحكومة العسكرية الثالثة

 

ليل 21 ـ 22 أيلول 1988، كان البحث قد بلغ مرحلة متقدمة على طريق تشكيل حكومة إنتقالية برئاسة مسيحي، في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية يخلف الرئيس أمين الجميل. نام المشاركون في طبخ الحكومة الإنتقالية على اسم بيار حلو رئيساً، ووزراء مسيحيين بينهم العماد ميشال عون الذي أصرت “القوات” على تسميته ضمن التشكيلة. ظهر 21 أيلول وصل التشكيل إلى طريق مسدود. قبيل منتصف الليل كان المخرج بتشكيل حكومة سداسية من أعضاء المجلس العسكري برئاسة العماد ميشال عون ( عن الموارنة) وعضوية العميد عصام أبو جمرة ( عن الروم الأرثوذكس) واللواء إدغار معلوف ( كاثوليك) والعميد محمود طي أو ضرغم (درزي) والعميد لطفي جابر( شيعي) والعميد نبيل قريطم ( سني) فور صدور التشكيلة “استُقيل” الوزراء المحمديون وتولت الحكومة الثلاثية المسيحية السلطة، غير الكاملة، على المناطق الشرقية. أما في “الغربية” فقد عوّم السوريون حكومة الرئيس الحص المبتورة.

 

لم يكن ممكناً إجراء إنتخابات رئاسية في ظروف طبيعية ومثالية كما أراد العماد عون، وفي الوقت نفسه لم يكن “الجنرال” في وارد القبول بأي انتخابات وبأي رئيس تحت أي ظرف. فلم يعترف لا بالطائف ولا بشرعية انتخاب أول رئيس بعد الطائف رينيه معوض ولا اعترف بشرعية انتخاب الياس الهراوي ولا حتى بشرعية مجلس النواب فأصدر مرسوم حله فاستمر رغم القرار!

 

حكم العماد عون “المنطقة الشرقية” 4 أشهر من دون حروب ثم بدأت الصدامات مع “القوات” في 14 شباط 1989، ثم حرب التحرير وحرب الإلغاء… وانتهى عهد “الحكومة العسكرية الثالثة” بعملية عسكرية نحتفل بها كل 13 تشرين الأول من كل سنة.

 

وفي تقويم موضوعي لإنجازات الحكومة العسكرية، يمكن القول إن “الجنرال” نجح فقط في تكوين رأي عام مؤيد له ومعاد للميليشيات والإقطاع السياسي، وكانت ترجمته الفعلية الأولى في انتخابات العام 2005.

 

ويبقى، للمطالبين اليوم بحكومة (وحكم ) عسكرية، اختيار أحد النماذج الثلاثة: نموذج حكومة اللواء فؤاد شهاب، ونموذج العميد “المنهوك” نور الدين الرفاعي ونموذج حكومة الجنرالات الثلاثة او استلهام تجربة الجنرال أوغستو خوسيه رامون بينوشيه أوغارتا الزاهرة.