IMLebanon

اللبنانيّون وصحنُ التِرِلَمْ…

أحياناً، وربما دائماً وأبداً، يضيق صدر الكاتب والمحلِّل والمحلَّق والقارئ معاً من فرط الإسهاب والتكرار. سواء بالنسبة إلى المواضيع اللبنانيّة التي لا يتغيَّر حرفٌ منها، أم إلى “أسماء الصدارة”، وكل يوم في كل القضايا التي بدورها تبقى هي إيّاها على مرِّ الأيام والأسابيع… وحتى الأشهر والسنين.

الفراغ الرئاسي، مثلاً. منذ عامين بالتمام والكمال، وكل يوم بيانات ومؤتمرات صحافيّة وتصريحات مرتجلة. حتى الكلمات تكاد تبقى هي ذاتها وفي كل الكلام الموزَّع على كل وسائل النشر من تلفزيونية إذاعيّة إلى صحافيَّة يوميَّة أسبوعية…

وهل يخفى القمر؟ هل ننسى “بساتين” الزبالة التي غطَّت بخيراتها وكثافتها وروائحها أربعة أرباع المساحة اللبنانيّة، ودخلت معظم بيوت وأنوف الناس على اختلاف مواقعهم، وإقاماتهم، واختصاصاتهم؟

ومنذ ثمانية شهور. والخير لقدام. ولأسباب شتَّى، بعضها مُعلن، وأكثرها من النوع الذي لا يشار إليه إلاّ بـ”الرموز”. يوم يتّفق الوزراء على ثمانين بالمئة من العلاجات المطروحة، ويوم يهدِّد رئيس الحكومة بخطوات تقترب من الاستقالة. ويوم ينرفز هذا الوزير أو ذاك، فتعود حكاية الزبالة من أوَّل وجديد.

ودائماً وأبداً على اللبنانيّين أن يتحمَّلوا، ويصبروا ويأملوا، إلى أن تحوَّل لبنان الأخضر الحلو شبه بلد مهجور مشلول، تخلو شوارعه ومتاجره ومطاعمه عندما يأتي المساء ونجوم الليل تنثر…

ناس ييأسون فيحزمون حقائبهم ويطيرون. وناس يعدّون أنفسهم لهجرة قريبة أو بعيدة. وناس لا خيل عندها تهديها ولا مال، ولا شغلها ماشٍ، ولا دَخْلَ في متناولها، وكذا وكيت عن كل شيء في كل هذا اللبنان الذي جعله بعض أبنائه وحملة هويته أقرب إلى غابة سائبة.

وهذا السرد، بكل تفاصيله الموجعة، بات بدوره من وسائل الملل والضجر واليأس… ولكن، وعلى رغم وطأة هذا الواقع المفجع، يطيب للناس المطوّقين بالقلق والاشمئزاز أن يسمعوا مرجعين بارزين ومؤثّرين يؤكّدان، كلٌّ بدوره وبأسلوبه، أن الفراغ الرئاسي شارف النهاية… في يوم في أسبوع في شهر شهرين لا أكثر. أي لا سنة ثالثة للفراغ.

وقد قاربت النهايات السعيدة، التي طال غيابها، على الحضور، وإخلاء الأمكنة والساحات والقصور، استعداداً لاستقبال رئيس جمهورية سينتخب قريباً.

تسأل: خلال شهر، شهرين؟

يأتي الجواب حاسماً: لا تحديد، لا توقيت. إلا أن ساعة الانفراج باتت قاب قوسين أو أدنى.

واللبنانيّون سمعوا هذا الكلام تلفزيونيّاً من الرئيس سعد الحريري، مثلما قرأوا شبيهاً وقريباً له عَبْر تصريح للرئيس نبيه برّي.

غير أنَّ الكلام في هذين المأزقين لن يتوقّف غداً، بل سيواصل عزف الترِلَمْ ثلاث مرات يومياً، إلى أن…