IMLebanon

لمقاربات لبنانيّة جديدة!

 

إلى متى سوف يستمر اللعب على حافة الهاوية في لبنان والمنطقة؟ وإلى متى ستتواصل الحروب بالواسطة في المنطقة إيذاناً بالانفجار الكبير؟ إنها لعبة «عض الأصابع» التي تتوالى فصولها يوميّاً في مواقع مختلفة وعلى جبهات متعددة، وكلها رسائل دامية عنوانها الاغتيالات المباشرة وبطبيعة الحال عدم التمييز بين مدنيين وغير مدنيين.

 

الفراغ القاتل في لبنان ينذر بما هو أسوأ وأكثر إيلاماً. الانقسام الداخلي آخذ في الاتساع خصوصاً في ما خص الاستراتيجيّة الدفاعيّة الغائبة أو الخلاف على السياسة الخارجيّة، وبين هذه وتلك تتواصل السخونة على الجبهة الجنوبيّة وتكاد تلامس التطورات انفجار الحرب الشاملة.

 

حرب «تسجيل النقاط» تتوالى لا سيما بين الأطراف الإقليميّة التي تتنازع في ما بينها الأراضي والمواقع والمقرات، وبطبيعة الحال، يدفع المدنيون الأثمان الباهظة من دون اقتراف أي ذنب ومن دون أن يكون لهم أي رأي في «حروب الكبار».

 

لبنان يقف على مفترق طرق كما كان دائماً وهو كمن ينتظر مصيره على حافة الرصيف من دون أن يملك القرار بتغيير الوقائع والمعطيات. لا تحتاج إسرائيل إلى ذرائع أو مسببات فعليّة لكي تواصل مشروعها الاستيطاني والاستعماري لأرض فلسطين، وهي قلما انتظرت أسباباً حقيقيّة لكي تقتل أو تطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين أو لتنقض على لبنان وتدمره مكررة بفخر واعتزاز «سوف نعيده مئات السنين إلى الخلف».

 

حتى في ظل «الحرب المنضبطة» التي تخوضها ضد لبنان منذ بدء عمليّة «طوفان الأقصى»، تمرّر رسائل الحقد التي لطالما كانت تمتهنها بما يتيح لها صب حقدها على لبنان واللبنانيين، فتراها تقصف منازل سكنيّة للمدنيين أو مراكز صحيّة أو خدماتيّة فضلاً عن استهدافها المباشر للاعلام والإعلاميين (هل نسيتم استشهاد المصوّر عصام عبدالله وزملاء آخرين)؟

 

هل يمكن تناسي تاريخ إسرائيل الطويل في ارتكاب الجرائم والمجازر بحق المدنيين في فلسطين ولبنان، أو التغاضي عن الاستهداف المباشر لمقرات الأمم المتحدة والأونروا وسواها من المؤسسات الدوليّة؟ هل يمكن نسيان قانا الأولى وقانا الثانية والمنصوري وعشرات الارتكابات الأخرى التي بقيت من دون محاسبة؟

 

إزاء هذا العدو الشرس، لا يمكن أن يبقى الانقسام اللبناني على حاله، ولا يمكن استمرار حالة الجمود والشلل والمراوحة من دون بذل الجهود المطلوبة لخرقها أو لكسر هذه الحلقة المفرغة والسعي لتمتين الجبهة الداخلية من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدل انتظار الوقت المستقطع في أعلى لحظة مخاطر إقليميّة مع هبوب عواصف الحرب والانفجار في المنطقة برمتها.

 

قد تتطلب هذه اللحظة تنازلات من كل الفرقاء للتشاور سريعاً في الملف الرئاسي اللبناني لأنّ البقاء في دائرة الشلل من شأنه أن يزيد من مخاطر الانكشاف المحلي سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

 

بالمناسبة، ماذا حصل لتلك الاتفاقية اليتيمة التي وقعها لبنان (على مستوى الموظفين) مع صندوق النقد الدولي؟ وكيف يمكن تبرير عدم حصول أي تقدم في الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة؟ وهل سوف يعني ذلك احتمال إلغائها؟ وماذا سوف يحصل عندئذ مع باقي مؤسسات التمويل الدوليّة؟ وكيف سيكون مستقبل لبنان على ضوء التعثر الكبير الذي شهده ويشهده منذ أكثر من ثلاث سنوات؟

 

إن خطورة التحديات الاقليميّة تحتّم بناء مقاربات سياسيّة مختلفة لمعالجة الوضع القائم والخروج من عنق الزجاجة، وإلا فعلى لبنان السلام.