Site icon IMLebanon

بوابة الاقتصاد اللبناني بعد رفع العقوبات هل تحوّلها إيران ساحة تنافس مع السعودية؟

تناولت مواقف وتحليلات أجنبية كثيرة في العواصم المؤثرة التي تحدثت عن الافراج عما يقارب 150 مليار دولار من الاموال الايرانية المجمدة وعائدات النفط موضوع استفادة ايران منها في تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال زيادة حجم الدعم للتنظيمات التي تدعمها في العراق ولبنان واليمن كما لدعم النظام السوري في دمشق. ولا تهمل مجمل هذه المواقف ما تعتبره، جنباً الى جنب مع الدول العربية الخليجية، مساعي ايران لزعزعة استقرار دول المنطقة تعزيزاً لأوراقها ونفوذها خصوصاً في الدول التي أعلن المسؤولون الايرانيون بأنفسهم وجود نفوذ لايران فيها . بالنسبة الى لبنان، فإن احداً لا يتوقع إلا ان تزيد ايران دعمها لـ”حزب الله” الذي تمده أصلاً بالأموال والسلاح خصوصاً في ضوء انطباعات باتت راسخة ومعلنة تقريباً من ان أحد أبرز أسباب دعم ايران لنظام بشار الاسد وتوريط “حزب الله” في الدفاع عنه هو ابقاء خط امدادها لـ”حزب الله” الذي يعتبر ذراعها العسكري الأبرز في المنطقة وعلى الحدود مع اسرائيل عبر العراق وصولًا الى النظام السوري ومنه الى لبنان حياً ومستمراً. وهو الأمر الذي يلغي من حيث المبدأ اي استعداد ايراني أقله في المعطيات الراهنة للتخلي عن دعم الحزب خصوصاً في ضوء محاولتها انشاء تنظيمات مشابهة في كل الدول التي تسعى الى تعزيز نفوذها فيها.

ثمة في بيروت من بات يثير تساؤلات من زاوية أخرى غير تلك التي تحفز قلق بعض الدول من تعزيز ايران أوضاع التنظيمات الداعمة لها وأعمالها التي تصفها “بالارهابية ” كما فعل وزير الخارجية الاميركي جون كيري على سبيل المثال. هذه التساؤلات تتّصل بواقع انه سبق لايران، وبعدما أعلنت المملكة السعودية هبتي الـ4 مليارات دولار للجيش اللبناني وفي ضوء المطالبات بدعم الجيش بالاسلحة لمساعدته على التصدي للتنظيمات الارهابية، استعدادها لتقديم أسلحة للجيش اللبناني علماً ان الهبة التي تحدثت عنها لا تذكر من حيث قيمتها المالية. كما سبق لايران وفي ظل معاناة لبنان من ازمة الكهرباء المستمرة منذ عقود وكذلك أزمة المياه ان عرضت تزويد لبنان الكهرباء وبناء سدود وما الى ذلك. وبغض النظر عن جدية هذه العروض أم لا، فإن ايران كان يمكن أن تسلف لبنان سياسياً وتعزز وضع حليفها معنوياً على رغم معرفتها بأن العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها كانت تمنع على لبنان التجاوب معها في مدّه بأي مساعدة من هذا النوع. وهي الذريعة التي كان يقدمها المسؤولون في الحكومة او خارجها على قاعدة انه يتعذر على لبنان الحصول على مساعدات أو عقد اتفاقات محددة مع ايران. لكن ثمة من يتحسب لواقع ان تعمد ايران او تسعى الى منافسة المملكة السعودية في لبنان الذي اعتمد على هذه الأخيرة طوال عقود إن من خلال ودائع لها في المصرف المركزي او من خلال مساعدات متعددة ومباشرة كانت ولا تزال تعطي للمملكة أرجحية في لبنان وتعزز نفوذها السياسي ليطاول لبنان كله وليس الطائفة السنية فحسب. فالحكومة اللبنانية قد تجد نفسها معرضة لضغوط من حلفاء ايران في الداخل في حال عرضت هذه الأخيرة على سبيل المثال ابداء الاستعداد للمساهمة في حل معضلة الكهرباء مثلاً أو سعت الى دفع رسوم تسجيل الطلاب في المدارس الرسمية كما فعلت المملكة بعد حرب العام 2006. فمن حيث المبدأ لن يكون هناك حواجز قانونية دولية تمنع ذلك حين يتم رفع العقوبات مع نهاية السنة الجارية، ومن غير المستبعد تالياً ان يكون لبنان أمام تحد جديد مختلف كلياً عن السابق. ومدعاة الخشية في هذه التوقعات انه حين تولى الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة في لبنان بدءاً من العام 1992 سرت معلومات على نطاق واسع، ساهم في تعميمها مسؤولو النظام السوري بعد اتفاق الطائف، من ان الأمن والسياسة في لبنان هما في يد دمشق على أن يكون الاقتصاد في يد الحريري، ما يضع المملكة السعودية التي كانت تدعم الحريري بقوة في خانة رعاية ودعم الوضع الاقتصادي كجزء من الاقرار بنفوذها في لبنان لكن من دون الوضع السياسي الذي كانت دمشق تستأثر به والتسليم لها بذلك بعدما تلاعبت بالوضع الداخلي في لبنان الى حد تيئيس كل الخارج منه، علماً ان العارفين بخبايا الامور يعرفون انها انهكت الحريري الأب في الشأن الاقتصادي ووضعت العصي في دواليب عمله مراراً وتكراراً. وبعد خروج القوات العسكرية للنظام السوري من لبنان العام 2005 على اثر اغتيال الرئيس الحريري سعى “حزب الله” بكل الوسائل التي يملك الى وراثة النظام السوري، واضعاً يده على القرار السياسي وقرار السلم والحرب كما على الوضع الامني في البلد. وفي حال دخلت ايران بقوة من الباب الاقتصادي بعد رفع العقوبات الدولية عنها، فانها تكون بذلك تسعى الى امتلاك كل العناصر الاساسية التي تسمح لها باستكمال نفوذها على لبنان، هذا على الأقل ما تخشاه مصادر سياسية ترسم علامات استفهام في الوقت نفسه حول وجود أولويات لدى الدول العربية المؤثرة قد لا تسمح بايلاء ما يجري في لبنان الأهمية اللازمة في ظل انشغال سعودي مثلاً بأولوية اليمن التي قد لا تنتهي قريباً، الى جانب ملفات مقلقة أخرى تمتد من العراق الى سوريا وسواهما، باعتبار هذه الملفات أساسية وتحتل أولوية أكبر من لبنان.