لم يشعر أحد أن لبنان كان مشاركاً في القمة
لم يُلاحظ الشعب اللبناني أي تغيير في موقف الدول الكبرى من مسألة حل أزمة اللجوء السوري، إذ إن المواقف ما زالت على حالها فيما الواقع يدل على تفاقم الأزمة التي تعجز الدول عن حلّها، وما أستانا 13 إلا حلقة في مسلسل المشاورات التي لم تؤدّ إلى أي نتيجة تذكر.
لم تكن مشاركة لبنان في قمة أستانا 13 الأخيرة موفّقة، فهي كانت بصفة مراقب ولم ينتج منها أي تأثيرات.
ولم يشعر أحد أن لبنان كان مشاركاً في القمة، حتّى أن تلك المشاركة لم تتمّ الإضاءة عليها، فذهب مدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير غدي خوري ممثلاً لبلاد الأرز، وعاد كما ذهب.
القمة لم تتطرّق إلى ملف اللجوء السوري بالشكل الذي يريده لبنان، إذ كانت غاية لبنان من تلك المشاركة إستماع الدول المؤثّرة والمشاركة في حروب المنطقة إلى مطلبه الأساسي وهو عودة اللاجئ إلى بلده.
ولم يلاحظ أحد من المتابعين للملف أي تغير، خصوصاً أن مؤتمر أستانا 13 الذي انعقد في الأول من آب الماضي لاقى مصير المؤتمرات التي سبقته بالفشل، والولايات المتحدة الأميركيّة لم تعر هذا المؤتمر الإهتمام.
وفي السياق، تتوالى مواقف المسؤولين اللبنانيين المحذّرة من خطورة الوضع، وتراهن فئة كبيرة من السياسيين اللبنانيين على دور موسكو في حلّ تلك الأزمة كونها موجودة في عمق الحرب السورية وتسيطر على السياسة والأرض هناك وتستطيع أن تقنع النظام السوري وتضغط عليه من أجل إعادة أبناء بلده الذين هجّرتهم الحرب.
لكن اتفاق هلسنكي الذي أبرم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في تموز من العام الماضي لم يعرف طريقه نحو التنفيذ بعد لأسباب عدة أبرزها عدم نضوج الحل السياسي في سوريا وعدم اتفاق الدول الكبرى بعد على خريطة حلّ، وعدم وجود الأموال الكافية لتمويل إعادة الإعمار، وهذا الأمر كان يقع على عاتق الدول العربية وأوروبا. وكل تلك الدول لم تبد رغبتها بعد بالدخول في مشروع إعادة الإعمار، خصوصاً أن المبالغ التي يتطلبها هذا المشروع ضخمة جداً في مراحلها الأولى. ومن جهة ثانية، فإن الفاتيكان ماضٍ في تحذيراته من مغبّة توطين اللاجئين في لبنان، وقد بلغت هذه التحذيرات مسامع المسؤولين اللبنانيين منذ مدة وتمّ تكرارها منذ فترة قصيرة.
وتنشط ديبلوماسية الفاتيكان من أجل مساعدة لبنان في هذه النقطة، لأنها تعرف مدى تأثير اللجوء على بنيته وتركيبته الديموغرافية، في حين تبدي الأطراف اللبنانية كلها مخاوفها من هذا الموضوع لكن من دون أن يدفعها الى وضع خطة واحدة تتضمّن نظرة لبنان الى كيفية الحل.
وفي هذه الأثناء، يظهر غضب بعض القيادات اللبنانية ومراجع مسيحيّة على المسؤولين الغربيين وأبرزهم الأوروبيون الذين يستخفون بتأثيرات أزمة اللجوء على لبنان، وتمّ تفنيد هذه الملاحظات كالآتي:
أولاً: تعمد أوروبا الى إبعاد هذه الأزمة عنها من خلال إبقاء اللاجئين في بلاد الإنتشار ومن ضمنها لبنان، غير آبهة لتداعيات هذه الأزمة على بلد الأرز.
ثانياً: تعمد الدول الأوروبية الى دعم لبنان إقتصادياً وأمنياً وذلك لضمان بقاء اللاجئين لأن أي خضة أمنية أو إقتصادية ستفتح شواطئ المتوسط أمام اللاجئين الطامحين بالهجرة الى “القارة العجوز”.
ثالثاً: لا تبدي هذه الدول حماسة تجاه إعادة إعمار سوريا ولا تريد في هذه الفترة دفع الأموال المطلوبة منها.
رابعاً: يربط عدد من الدول الأوروبية بين عودة اللاجئين والحلّ السياسي في سوريا، وهذا الأمر يدفع لبنان الى الإنتظار أكثر وأكثر من أجل الوصول الى الحل.
خامساً: تترك الدول الأوروبية مسألة تحريك الحلّ السياسي في سوريا إلى الولايات المتحدة وروسيا بينما هي تقف موقف المتفرّج ولا تقوم بأي مبادرة جدية من أجل وقف إطلاق النار هناك والحرب التي دمّرت الحجر والبشر.
ولا تخفي المرجعيات المتابعة لهذا الملف الامتعاض الشديد من مواقف بعض الدول الأوروبية، خصوصاً تلك القريبة من لبنان تاريخياً، لأن سفراء تلك الدول يتحدثون خلال الاجتماعات معهم عن أزمة اللجوء وضرورة حلّها وإنقاذ لبنان من تردداتها، وعندما يخرجون يصرّحون بأمور مختلفة تماماً.