Site icon IMLebanon

فشل اللبننة

الإهتمامات الداخلية مشدودة إلى الخارج رصداً للتطورات الدولية المتصلة بالأزمات الإقليمية الممتدة من ليبيا حيث تمّ التوقيع على اتفاق يؤسّس لانتقال سياسي في هذا البلد الذي عاني من حرب وفوضى عارمة إلى اليمن حيث تواجه محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في سويسرا عثرات في ظل احتدام الخلافات بين السلطة الشرعية، وميليشيا الحوثيين ومعها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح المدعومين من إيران، وصولاً إلى نيويورك حيث تبدأ اليوم جولة جديدة من المحادثات الدولية والعربية حول الأزمة السورية التي استبقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفضه أن تقرّر أي قوة خارجية مَنْ الذي سيحكم سوريا وإن أبقى على شعرة المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية في موضوع التسوية من خلال إشارته إلى أن بلاده تؤيّد بشكل عام المبادرة الأميركية لإعداد قرار في مجلس الأمن بشأن سوريا.

وهذا الاهتمام للأطراف اللبنانيين كافة، بما يجري في الخارج، إقرار بأن أي حل للأزمات التي يُعاني منها لبنان لا يتحقق إلا إذا توفّرت له الظروف الخارجية الملائمة، وبكلام أكثر وضوحاً إلا إذا توفّرت إرادة خارجية ووفّرت في الوقت عينه الأرضية الصلبة لإنجاح أي تسوية لهذه الأزمات وبصورة خاصة الأزمة الرئاسية التي يشكّل حلّها المدخل الطبيعي لحل باقي الأزمات.

فالتسوية الرئاسية التي طغت على المشهد الداخلي على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية ثبت أنها لم تعد محلية، بمعنى اللبننة، بل هي إقليمية وحتى دولية بامتياز، والدليل على صحة هذه المقولة تعثّرها بل تراجعها على وقع المستجدات المتسارعة في المنطقة وتعثّر الاتصالات الدولية والعربية الجارية للتوصّل إلى حل للأزمة السورية وانعكاس ذلك توتراً في العلاقات السعودية – الإيرانية، والسعودية – الروسية ولا سيما في ما يتعلق بموضوع المعارضة السورية التي نجحت المملكة في توحيدها خلافاً لما تريده كل من طهران وموسكو، على اعتبار أن وحدة المعارضة السورية تؤمّن لها حيّزاً في المفاوضات التي تبدأ اليوم في نيويورك في وجه النظام الأسدي المدعوم من الدولتين.

إذاً عودة التوتّر في العلاقات الإيرانية – السعودية وتصاعد وتيرة الخلاف بين الرياض وموسكو إنعكس مباشرة على ملفات الداخل وفرمل التسوية الرئاسية التي طرحها الرئيس سعد الحريري في ظل ظروف إقليمية ودولية مختلفة، بعدما تولّت المهمة مكوّنات سياسية من 8 آذار وتحديداً حزب الله برفض ترشيح رئيس تيّار المستقبل للنائب سليمان فرنجية الذي يُعتبر ركناً أساسياً في فريقه وأقرب إلى مشروعه السياسي من العماد عون، ومن هنا يصحّ ما يذهب إليه كثيرون من المطلعين بأن الحل اللبناني في المستقبل المنظور بات صعباً، وعلى اللبنانيين أن يتعايشوا معها، إلا إذا حصل تبدّل مفاجئ في الموقفين الروسي والإيراني في مؤتمر نيويورك الذي يبدأ أعماله اليوم، ويقبل بطرح المعارضة السورية المدعومة من المملكة العربية السعودية وتسوية سياسية من دون بشار الأسد.