«القوات» المستعدة للانتخابات كمحطة مواجهة تخشى «تطييرها»
إذا كانت عودة وزراء «الثنائي الشيعي» إلى الحكومة، مشروطة بأن لا يوضع على جدول أعمال أي جلسة للحكومة، ما قد لا يحظى بموافقة هذا الفريق، فإن هناك مخاطر جدية على مستقبل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة، وفي ظل هذا الوضع الدقيق الذي يمر به البلد، في وقت يعطي الدستور رئيس مجلس الوزراء حق وضع البنود على جدول الأعمال. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح، كيف سيتعامل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع محاولات مد اليد على صلاحياته، خلافاً لما ينص عليه الدستور؟ بعدما أكدت أوساط «الثنائي»، أنه لن يقبل إلا ببند الموازنة وخطة التعافي، رافضة «أي بحث في موضوع التعيينات التي يريدها رئيس الجمهورية»، ومشددة على أن «الموقف من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لا زال كما هو، وأن هناك ضرورة ماسة لإقالته، وبالتالي فإن موقف وزراء حزب الله وأمل من هذا الملف لم يتبدل».
وقد أكدت مصادر معارضة، رفضها أن «يصادر الثنائي الشيعي صلاحيات رئيس الحكومة، ويضع هو جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، وهو أمر من شأنه أن يضرب التوازن بين المؤسسات الدستورية، ويثير نعرات طائفية بين اللبنانيين، لا يمكن التكهن بتداعياتها، داعية الرئيس ميقاتي إلى «عدم السماح بحصول هذا الأمر، وأن يؤكد تمسكه بصلاحياته الدستورية غير منقوصة مهما كلف الأمر، وأن لا يسمح، لا للثنائي أو غيره، بمد اليد على هذه الصلاحيات»، ومشيرة إلى أن «أي عودة مشروطة للحكومة تستبطن تهديداً بالتعطيل لا يمكن قبوله».
وترى المصادر، أن «الثنائي رغم كل البيانات التي يصدرها، فهو ليس صلباً ومتراصاً، فهناك فرق بين الطابع المدني نسبياً لحركة «أمل» في تعاطيها السياسي، وبين ما يمارسه حزب الله من طغيان يرتكز إلى ما يدعيه من قوة عسكرية صاروخية»، متحدثة عن، «حل وسط اعتمد بين رغبة الرئيس نبيه بري بتحريك الوضع استعداداً لمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، وبين التصلب الذي كان ظاهراً في موقف حزب الله. وبالتالي فإن التجميد الذي أصاب التحقيق في موضوع المرفأ الذي بات مؤجلاً إلى آجال غير معروفة، قد يلحق ببقية التحقيقات في الجرائم والارتكابات والاغتيالات التي عرفها لبنان خلال العقدين الأخيرين».
وفي حمأة الخلافات المتصاعدة بين الفريقين المسيحيين الأقوى، «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، يبدو أن أحداً لم يعد يتذكر «اتفاق معراب»، في ذكراه السادسة، والذي أوصل ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. وتقول أوساط «قواتية؛ بارزة لـ«اللواء»، أن «نقطة الخلاف الأساسية مع هذا الفريق، أنه في لحظة وصوله إلى القصر الجمهوري، تخلى عن النقاط العشر التي يتضمنها الاتفاق، وراح إلى المزيد من الالتصاق بحزب الله، بدلاً من أن يذهب إلى الابتعاد عنه، وبالتالي أدخل نفسه في هذه الورطة»، مشددة على أن «القوات لا يمكن أن تدعم إلا مشروع الدولة، وبقدر ما يقترب عون من حزب الله، فإن القوات تبتعد عنه، والعكس صحيح، باعتبار أن المواجهة هي مع من يغيِّب مشروع الدولة، وهو حزب الله، وتحولت بعد ذلك، إلى من يغطي مشروع حزب الله، وهو العماد عون. ولذلك فإن التباعد حصل لأن هذا الفريق أخذ قرار مواصلة تغطية حزب الله، فضلاً عن إدارة العهد للدولة كانت سيئة، ما دفع القوات للابتعاد عن هذا الفريق».
وتشدد الأوساط «القواتية»، على أن «اللعبة الإيرانية» مكشوفة، بحيث أن طهران تحاول أن ترسل رسائل إيجابية بأنها تريد الحوار والانفتاح، وتطلب من أذرعها، من الحوثي في اليمن إلى حزب الله في لبنان، مواجهة الدول الخليجية ومواصلة زعزعة الاستقرار على مستوى المنطقة»، مؤكدة أن «إيران لن تستطيع أن تلعب لعبة مزدوجة لن تنطلي على أحد، ولذلك فهي تستخدم لبنان كمنصة ضد الدول العربية والخليجية، انطلاقاً من محاولة تحسين ظروفها التفاوضية، وانطلاقاً من خلفيتها بنشر الفوضى على مستوى المنطقة. وما يقوم به حزب الله، إنما بأمر مباشر من إيران، كما الحوثي، ما يفرض على المجتمع الدولي أن يضع حداً للدور الإيراني الذي يضرب الاستقرار على مستوى المنطقة».
وإذ تعرب هذه الأوساط عن اعتقادها، أن «الفريق الآخر يعيش حالة تأزم على المستوى الوطني نتيجة خياراته وسياساته، وهو يدرك أنه سيفقد الأكثرية النيابية، كما سيفقد حليفه عون الأكثرية المسيحية، وبالتالي فإن الكلام عن تأجيل الانتخابات، أو الإطاحة بها، يأتي من هذا المنطلق، باعتبار أن هناك خشية لدى هذا الفريق من أن يخسر الأكثرية، وأكبر دليل أن حزب الله بدأ يتحدث عن ديمقراطية توافقية، وهو الذي لا يؤمن، لا بدستور ولا بمؤسسات ولا بدولة، في حين أن القوات تعتبر الانتخابات، محطة من محطات المواجهة، ويجب خوضها من خلال استنهاض أوسع شريحة ممكنة من اللبنانيين، من أجل أن تقترع ضد هذا المشروع».
توازياً، وفي سياق الحملة السياسية القضائية التي يشنها العهد ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وما يمكن أن تتسبب به من تداعيات داخلية، جاء قرار النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، بناء لشكوى «مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام»، وضع إشارة منع تصرف على كافة العقارات والسيارات العائدة لسلامة، وإبلاغ أمانة السجل العقاري في المتن ومصلحة تسجيل الآليات والمركبات لتنفيذ القرار فوراً وفقاً لمنطوقه. وهذا ما ترى فيه أوساط نيابية، كما تقول لـ«اللواء»، بأنه «استكمال للمواجهة القائمة بين الرئيسين عون وبري، وعلى وقع احتدام التساجل بين «أمل» و«الوطني الحر»، وما سينجم عنه من رفع وتيرة التأزم في البلد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية»، مشددة على أن « هذه المواجهة الدائرة يخشى أن تترك انعكاسات بالغة السلبية على عمل الحكومة إذا نجحت في أن تتجاوز العقبات الموضوعة في طريقها، وتحديداً ما يتصل بالحد من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء».