IMLebanon

“الخرزة الزرقا” لم تقدّم في حجم “القوات” في الـ2018 ولن تؤخّر في الـ2022

 

لا يروق لبعض من عاشوا جنّة الحكم أثناء وجود تيار «المستقبل» في السلطة إعتكاف الرئيس سعد الحريري، فقسم كبير من هؤلاء يتصرفون ويتخذون المواقف من باب المحبة للحريري وقسم آخر من باب المصلحة.

 

كانت لافتة الحملة المنظمة التي شنّها بعض من يعتبرون أنفسهم أنهم يدورون في فلك «المستقبل» على «القوات اللبنانية» بعد الموقف المدوّي الذي اتخذه الحريري بالإعتكاف، في حين أن أحداً من هؤلاء لم يتجرأ على مهاجمة «حزب الله»، لا بل إن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أطلق معركة نجدة حلفائه وقد تلاقى هذا النداء مع عمل بعض كوادر تيار «المستقبل» السابقين على الأرض لجهة دعم لوائح مسيحيي «حزب الله» المناهضة لـ»القوات».

 

وفي السياق، فإن هناك حملة مبرمجة تُشنّ على «القوات» من زاوية أن خروج سعد الحريري من المنافسة الإنتخابية سيؤثّر سلباً على قوة «القوات» النيابية، وغاب عن بالهم الحراك الذي يقوم به الرئيس فؤاد السنيورة أو رجل الأعمال بهاء الحريري وذلك رفضاً لأن يكسب «حزب الله» سنياً، وبالتالي فإن الساحة السنّية هي في صلب المواجهة الوطنية سواء في اللوائح التي سيشكلها السنيورة أو تلك التي ينوي بهاء الحريري تأليفها منعاً للمقاطعة السنّية للإنتخابات.

 

وبالعودة إلى انتخابات 2018 فإن الوقائع والتحالفات تكشف أن «القوات» لم تستفد من قوة «المستقبل» الإنتخابية ولا من أصواته السنية ولا من «الخرزة الزرقا»، بل إن المستفيد الأول كان «التيار الوطني الحرّ» ورئيسه جبران باسيل، والأصوات السنّية التي نالتها «القوات» في بعض الدوائر كانت بسبب سياستها الوطنية وعدم تقيدها بتجيير «المستقبل» أصواته لباسيل ولوائحه.

 

وفي التفاصيل، فإن دائرة الشمال الثالثة التي تُعتبر إحدى أهم مناطق نفوذ «القوات» وفيها تواجد سنّي لا بأس به، شهدت تحالفاً واسعاً بين التيارين الأزرق والبرتقالي، فخاض سعد الحريري الإنتخابات إلى جانب باسيل، وطلب من محازبيه وجمهوره في رأسنحاش السنّية البترونية أن يمنحوا أصواتهم التفضيلية لصديقه جبران باسيل، وخاض مرشح «المستقبل» في الكورة الراحل نقولا غصن الإنتخابات على لوائح «التيار الوطني الحرّ» ولم يحالفه الحظ، وبالتالي فإن من استفاد من الأصوات السنّية لإنجاح مرشحه جورج عطالله هو باسيل وليس «القوات».

 

أما الدائرة الثانية التي تُعتبر عرين «القوات» فهي بيروت الأولى بعاصمتها الأشرفية، وكذلك في هذه الدائرة تحالف الحريري مع باسيل وكان لديه مرشح أرمني، وصبّت أصوات التيار الأزرق لصالح اللائحة البرتقالية واستفاد منها باسيل لإنجاح مرشحه عن الأقليات أنطوان بانو، وحرمت «القوات» من أصوات «المستقبل» أيضاً… ولم تنفعها «الخرزة الزرقا».

 

وبالنسبة إلى زحلة، فإن لهذه الدائرة رمزية خاصة في وجدان «القوات» حيث تُعتبر عرينها أيضاً، وفي هذه الدائرة تحالف الحريري مع باسيل وترشّح النائب عاصم عراجي على اللوائح البرتقالية، واستفاد باسيل من فائض الأصوات السنّية لإنجاح مرشحه في زحلة النائب سليم عون، ومخطئ وواهم من يظن أن «القوات» استفادت من أصوات الحريري.

 

أما المساهمة الفعلية في إنجاح مرشح باسيل فكانت في دائرة جزين، حيث رفض الحريري التحالف مع مرشّح «القوات» في جزين عجاج حدّاد والذي حصد أكثر من 6000 صوت تفضيلي، ولو كان متحالفاً مع «المستقبل» لوصل إلى الندوة البرلمانية، لكن لائحته لم تصل إلى الحاصل فاستفاد «التيار الوطني الحرّ» ونجح مرشحه الكاثوليكي سليم خوري بأقل من ألف صوت تفضيلي، وبالتالي فإن باسيل استفاد من الحريري في هذه الدائرة أيضاً. ومن جهة ثانية، فإن الحريري رفض أن يكون لـ»القوات» مرشحون في الدوائر ذات الغالبية السنّية مثل بيروت الثانية وطرابلس – المنية – الضنية، حيث كانت تنوي ترشيح رئيس حركة «التغيير» إيلي محفوض عن المقعد الماروني، فأصرّ الحريري على ترشيح منسق «المستقبل» في البترون جورج بكاسيني عن المقعد الماروني في طرابلس.

 

وإذا نجح تحالف «المستقبل» – «القوات» في جبل لبنان الجنوبي، إلا أنه تمّ بفعل طلب رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ذلك، ولم تستفد منه «القوات» لأن لديها حاصلين من دون «المستقبل»، والأمر نفسه ينطبق على دائرة بعلبك – الهرمل حيث حصل تحالف بين «القوات» و»المستقبل»، ونجح كل منهما بإيصال نائب، علماً ان النائب طوني حبشي يملك حاصلاً من دون «المستقبل».

 

أما المكان الوحيد الذي استفادت «القوات» فيه بتحالفها مع «المستقبل» فكان في دائرة عكار حيث نجح المرشح القواتي وهبي قاطيشا.

 

ويتبين من كل هذا الشرح أن «القوات» خاضت إنتخابات 2018 من دون أصوات «المستقبل» ونجحت، ومن كان المستفيد هو باسيل، وبالتالي فإن كل الحديث عن تراجع كتلة «القوات» بسبب إعتكاف «المستقبل» ليس صحيحاً، وللمفارقة أنه في ظل القانون الأكثري رفض الحريري إعطاء نائب لـ»القوات» في الأشرفية وكذلك في عكار، وبالتالي فإن المعركة الوطنية تبقى أكبر من كل الزكزكات.