IMLebanon

«القوات» والشارع السنّي.. إنتفاضة معاكسة!

 

 

لم تشكّل أصوات مؤيّدي تيار «المستقبل» في الانتخابات النيابية عام 2018 دعماً أو رافعة لمرشحي حزب «القوات اللبنانية» في غالبية الدوائر، والأصوات السنية التي نالتها «القوات» في تلك الانتخابات في دوائر محدودة لم تكن بتوجيه من التيار. بل في تلك الانتخابات خاض «المستقبل» المعركة في لوائح واحدة مع «التيار الوطني الحر» أو جَيّر له أصواته في دوائر أخرى. إنطلاقاً من ذلك لم يشكّل خروج «المستقبل» من المعركة الانتخابية هذا العام خسارةً لـ»القوات» على هذا المستوى، لكنّه يؤثر على المستوى السيادي وعلى شكل المجلس النيابي المقبل والمواجهة مع «حزب الله»، فضلاً عن أنّ قرار رئيس «المستقبل» سعد الحريري أرخى حالة من اللامبالاة في الشارع السني تجاه الانتخابات، إضافةً الى تصويب مسؤولين في التيار على «القوات» واتهامها بالسعي الى «وراثة الشارع السني» ما أثار غرائز هذا الشارع واستفزّه ضدّ «القوات».

في 30 نيسان 2018 قبَيل موعد الانتخابات النيابية في أيار، اختتم الحريري جولته الانتخابية في الشمال لحضّ الناخبين وجمهوره على الاقتراع للوائح «المستقبل» وحلفائه حينها وأبرزهم «التيار الوطني الحر»، بزيارة بلدة راسنحاش في البترون، حيث خاطب الحشود التي استقبلته، وقال: «في هذه الانتخابات، أجرينا تحالفات عدة، وفي هذه المنطقة تحالفنا مع «التيار الوطني الحر». هذا التوافق جعلنا نحقق إنجازات خارجية وداخلية.. وعلاقتنا مع الرئيس ميشال عون مميزة، وهذا ما يهمني. وفي 6 أيار هناك معركة انتخابية، ونحن جزء منها ومن هذا التحالف، لذلك في 6 أيار سنضع اللوائح «زَي ما هيّي»، والصوت التفضيلي سيكون لصديقي جبران باسيل».

 

هذا الكلام قيل قبل نحو عام على «ثورة 17 تشرين» عام 2019 واستقالة حكومة الحريري، وما تلاها من حروب بيانات وكلام تخطّى كلّ الحدود والسقوف بين رئاسة الجمهورية وباسيل من جهة والحريري و«المستقبل» من جهةٍ ثانية، خصوصاً إبّان مرحلة تكليف الحريري تأليف الحكومة والتي اعتذر عنها متهماً عون وباسيل بعرقلة مهمته. لكن مع تعليق الحريري عمله السياسي راهناً وقراره عدم خوضه وتياره الانتخابات النيابية المقبلة، خفّت الحملات والاتهامات والاتهامات المضادة بين التيارين الأزرق والبرتقالي، فيما استعرَت حملة من «المستقبل» ضدّ «القوات» على خلفية تصريح لجعجع بُعيد إعلان الحريري قراره، قال فيه: «إنّنا إذ نحترم ونقدّر الاصدقاء والاخوة في تيار «المستقبل»، نصرّ على التنسيق معهم ومع جميع ابناء الطائفة السنية…»، وذلك لأنّ مسؤولين في «المستقبل» اعتبروا أنّ هذا الكلام يُراد منه «وراثة جمهور التيار»، مؤكدين أنّ ذلك لن يحصل. وعادت نيران هذه الحملة لتتأجج مع الاستقالات من «المستقبل» وإعلان «مستقبليين قدامى» خوضهم الانتخابات وتنسيقهم مع «القوات». ويعترف مرشحون من هؤلاء أنّهم يواجهون تململاً في الشارع السني وحذراً انطلاقاً من قرار الحريري، «لكننا نحاول إقناعهم أنّ قرارنا لمصلحة الحريري واستمرارية تيار «المستقبل» والخط السيادي».

 

وفي حين تستمرّ المشاورات والاتصالات بين «القوات» وشخصيات سنية ومنها خارجة من تيار «المستقبل» أو قريبة منه للتنسيق أو التحالف في المعركة الانتخابية النيابية المقبلة، لم تُشكّل وتُعلن اللوائح النهائية بعد، خصوصاً أنّ عاملاً جديداً مؤثّراً على هذا التحالف الانتخابي برز أخيراً، يتمثّل بـ»العودة السعودية الى لبنان»، ويُنتظر تبلور صورته كاملةً، وإذا ما كانت الرياض ستلعب دوراً مؤثراً في الانتخابات فتدعم حلفاءها وتحضّهم على التوحد وخوض الانتخابات معاً، مع تأثير ذلك في الوجدان السني، أم أنّها لن تقارب هذا الاستحقاق الداخلي، مع تأثُّر هذا العامل بدوره بمفاوضات وتطورات إقليمية ودولية، وبالتالي يُرتقب القرار السعودي – الخليجي النهائي، أيكون خوض مواجهة مع إيران و«حزب الله» أم يتجه الى تسوية ما انطلاقاً من التسويات الاقليمية.

 

وفي موضوع التحالف مع شخصيات سنية وازنة في ظلّ التحريض الجاري على «القوات»، تقول مصادرها: «سنرى كيف ستتطوّر الامور من الآن حتى الانتخابات، لكن بما يعنينا كـ«قوات»، انّ موقفنا سيادي ونجتمع مع كلّ من يلتقي معنا تحت هذا العنوان. ونحن نحترم الرئيس الحريري وموقفه وجمهور «المستقبل»، ومن حق كلّ فريق أن يتخذ القرار أو الموقف الذي يراه مناسباً، لكن الحريري كان واضحاً وحمّل وصوله الى ما وصل إليه لإيران». وتؤكد أنّ «كلّ من يريد أن يشارك ويلتقي مع «القوات»، سيكون هناك تقاطع وتحالف موضوعي معه في هذا السياق». وتشدّد على أنّ «القوات» تعتبر أنّ الانتخابات أساسية من أجل التغيير وإدخال لبنان في مرحلة سياسية جديدة، وعنوان هذه المرحلة هو: «كَف يد «حزب الله» والفريق الملحق به والذي يغطيه، لأنّ هذا الفريق السياسي أوصل لبنان الى الكارثة التي وصل إليها، لذلك نعوّل على الانتخابات كثيراً، ولذلك إنّ «حزب الله» متوتر لأنه يدرك أنّ هناك للمرة الاولى انتفاضة لبنانية إذا صبّت في صناديق الاقتراع ستضع حداً لهذا الفريق ولتوجّهه السياسي».

 

هذا في وقتٍ يسعى «حزب الله» الى الحفاظ على الغالبية النيابية مع حلفائه مركزاً كلّ جهده السياسي والانتخابي على ذلك. ويرى البعض أنّ معركته قد تكون مرتاحة أو رابحة، بصرف النظر عن الغالبية، إذا لم تنجح تحالفات القوى السيادية الانتخابية ولم تنتج كتلة نيابية سيادية متراصّة تواجه مشروع «الحزب». لذلك يُعوَّل على الخيار السني وعلى اللوائح التي يعمل على تشكيلها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وشخصيات أخرى مستقلة و»قدامى المستقبل» لمنع الفراغ الكلّي في الساحة السنية واستفادة «الحزب» من ذلك. فهل يتجه الشارع السني الى انتفاضة معاكسة ويختار المواجهة ويصبّ أصواته للسياديين بمعزل عن أي دفع أو تحريض؟ أم أنّه سيختار الانكفاء والاستسلام للأمر الواقع؟