IMLebanon

حجّ «قواتي» ـ «إشتراكي» للسعوديّة… طلباً للتدخل لمنع مُقاطعة السنّة

التوتر الأميركي ـ الخليجي يُربك المختارة ومعراب… وقلق من دفع الثمن ؟

 

البحث عن اجوبة حول موقع لبنان من الاحداث الجارية في المنطقة صعب للغاية، فالقوى اللبنانية بمعظمها غير مهيأة لتكون على قدر الاحداث الكبرى في العالم والمنطقة، واثبتت انها ليست سوى «لاعب» محلي في «زواريب» بيروت، ولولا ملف الترسيم البحري مع العدو الاسرائيلي، لما كان يمكن ان يكون لبنان على «اجندة» احد، وخصوصا الاميركيين المعنيين بانجاز ملف الغاز، وكذلك تأمين الهدوء على الحدود الجنوبية وتهدئة «روع الاسرائيليين» القلقين من اسلحة حزب الله الدقيقة، ولهذا فان الحراك المستجد عربيا باتجاه الساحة اللبنانية لا يمكن التعويل على نتائجه، فدول الخليج العربي ومعها الدول التي تدور في الفلك الاميركي بما فيها «اسرائيل»، تعيش لحظات من «التيه» الاستراتيجي في ظل اتساع هوة الخلاف مع الولايات المتحدة الاميركية على خلفية الحرب الاوكرانية، وكذلك «الانبطاح» الاميركي امام طهران خلال مسار التفاوض في فيينا، حيث يبدي الاميركيون استعدادا غير مسبوق لتقديم تنازلات للعودة الى الاتفاق «باي ثمن»! هذا الثمن الذي يخشى ان يدفعه حلفاء واشنطن والعرب في لبنان، وهم على «ابواب» استحقاق انتخابي يبدو انه سيزيد من الخسائر.

 

وحده حزب الله المستفيد الاول من كل هذا «التخبط» الاقليمي – المحلي، بحسب اوساط ديبلوماسية تحدثت عن وجود قلق جدي من قبل حلفاء واشنطن في بيروت ازاء تسارع التطورات في المنطقة عشية استحقاق انتخابي، تبدو نتائجه مخيبة للآمال بعدما بعثر السعوديون «اوراق» الحلفاء المفترضين باحراج سعد الحريري وصولا الى اخراجه من المعادلة، ما تسبب بانهيار كتلة سنّية وازنة كانت تشكل رافعة اساسية لكل من «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» في غالبية الدوائر، وبهذا بات تشجيع او دفع الحريري للعزوف عن المشاركة في الاستحقاق «هدية» مجانية لحزب الله، باعتباره اكبر المستفيدين من هذا الغياب، حيث سيحصد حصة سنية وازنة، بينما سيؤدي تراجع المشاركة السنية الى اراحة حلفائه على الساحتين الدرزية والمسيحية، وما بات محسوما اليوم، ان النائب السابق وليد جنبلاط سيتقاسم لاول مرة الحصة الدزية مع حلفاء الحزب، فيما خسائر التيار الوطني الحر المفترضة، ستقابلها خسائر حتمية لـ «القوات» التي لن تتمكن من الادعاء بانها الممثل الاقوى للمسيحيين، وهذا يعني خسارة المعركة النيابية، وكذلك الرئاسية التي سيكون لحزب الله ومن معه «كلمة» وازنة ومؤثرة في تحديد هوية الرئيس المقبل، وهذا يعني ان الحزب سيعود اقوى بشرعية شعبية ديموقراطية، وسيتمكن من اجهاض الحصار الذي بات اسقاطه هو عنوان معركة الحزب.

 

وفي هذا السياق، تشير اوساط سياسية مطلعة، الى ان زيارة كل من النائب وائل ابوفاعور، وكذلك المرشح «القواتي» ملحم رياشي الى السعودية، تمحورت حول هذه النقطة، اي خطر عزوف السنّة عن المشاركة في الانتخابات، وطالبا المملكة، التدخل بقوة، لكي لا يدفع الجميع ثمن خروج الحريري من الحياة السياسية، اقله من خلال حض دار الفتوى و «تيار المستقبل» لدفع الناخبين السنّة للاقبال على صناديق الاقتراع تحت عنوان عدم إعطاء الفرصة لحزب الله وحلفائه لاستغلال أي فراغ، خصوصا انه في انتخابات عام 2018 وعلى الرغم من ان المشاركة كانت 49 في المائة لدى السنّة، فقد حصل «المستقبل» على 15 نائبا، بينما نجح 6 نواب مقربين من حزب الله، واليوم اذا تراجعت المشاركة الى النصف، من المرجح ان تزيد هذه الحصة بنحو 5 نواب على الاقل، وهذه كارثة محققة، برأي «القوات» و «الاشتراكي»، خصوصا ان الرئيس فؤاد السنيورة لم ينجح في خلق موجة تأييد لمواقفه، بل ثمة حملة تتهمه بالخيانة، فيما «القوات اللبنانية» تعاني من ازمة جدية في الشارع السني الذي يتهم سمير جعجع «بطعن» الحريري. ووفقا للمعلومات لم يتضح بعد الموقف السعودي ازاء هذه المناشدات، وتسييل الموقف من عدمه، ستحدده مواقف قيادة «تيار المستقبل» والمفتي عبداللطيف دريان، فالمطلوب استنهاض «الشارع السني» ودفعه نحو المشاركة في عملية الاقتراع، والا فان النتائج ستكون كارثية، بحسب المعطيات التي حملها معه الرياشي وابوفاعور الى المملكة.

 

ولان «المصائب» لا تأتي فرادى، فان ما حصل في نهاية الأسبوع الماضي كان بمثابة «الزلزال» الذي هزّ كل اصدقاء واشنطن ودول الخليج في لبنان، الرئيس بشار الاسد في الامارات العربية المتحدة، زيارة اصابت «المختارة» و «معراب» بالذهول، بالقدر نفسه مع ادارة الرئيس بايدن حيث الغى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة كان مخططاً لها للإمارات، لأنه «فوجىء» بزيارة الاسد في الذكرى الحادية عشر على اندلاع الحرب في سوريا، ووفقا لاوساط ديبلوماسية، ثمة مراجعة خليجية للعلاقة مع دمشق، والآن يستعدون لعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، على خلفية «الاستياء» من خذلان إدارة بايدن للسعودية التي امتنعت الإدارة عن الحوار معها، ومصر التي يبعث إليها الرئيس الاميركي بعدد لا يحصى من الإشارات الحادة بسبب مشكلة حقوق الإنسان، ويصر ايضا على تجاهل مصالح دول الخليج في الاتفاق النووي، اي تجاهل الحلفاء السنّة، مقابل الاتجاه للتفاهم مع ايران الشيعية. ولم يكتف بايدن بذلك الا انه عزز العلاقة الاستراتيجية مع قطر التي يصنفها بقية العرب بانها الممثل الشرعي «للاخوان المسلمين».

 

هذه المعضلة معقدة جداً بالنسبة لحلفاء واشنطن ودول الخليج في بيروت، فهم من جهة يرتبطون ماليا وسياسيا مع السفارة الاميركية في عوكر، وبعلاقة وجودية مع الدول العربية، وهم الآن الحلقة الاضعف، بينما يدور «الكباش» بين واشنطن وحلفائها العرب. في المقابل، يشعر حزب الله بانتصار خياراته، نتيجة تبعثر خصومه، وحالة «الارباك» في المعسكر الآخر، وستكون زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان بعد ساعات الى بيروت، لطمأنة الحلفاء على قوة الموقف الايراني، سواء تم توقيع الاتفاق النووي قريبا، او تأخر ذلك، بينما اثبت الاميركيون بعد فرارهم من أفغانستان، بأنه لا يمكن الاعتماد عليهم، هم يتجهون لرفع حرس الثورة الإيراني من قائمة «المنظمات الإرهابية»، واليوم تركوا أوكرانيا لمصيرها أمام الغزو الروسي دون أن يخلقوا ردعاً عسكرياً جديا، وكل همهم «توريط» بوتين، ولو كان ذلك على حساب دمار اوكرانيا وموت الاوكرانيين. انها «لعبة» اكبر من حجم اللبنانيين المحسوبين على المعسكر العربي – الغربي المتداعي، ولم يكن ينقصهم في هذه الفترة الحرجة الا توتر العلاقة بين رعاتهم الاقليميين والدوليين، وهم يخشون ان يدفعوا الثمن مرة جديدة.