Site icon IMLebanon

قراءة «القوات» لاعتبار «الحزب» انتخابها «تصويتاً للأعداء»

 

 

يعمل «حزب الله» على استعادة الأكثرية النيابية بعد 15 أيار المقبل، فيخرج منتصراً مع حلفائه، ولذلك يحاول دعم هؤلاء الحلفاء انتخابيّاً بالمقدار المستطاع والأصوات والوجود في الدوائر الانتخابية، ويسعى الى جمع الحلفاء وتوحيدهم، أو أقلّه وَقف الحروب الإعلامية المتبادلة فيما بينهم، ولذلك أيضاً يركّز خطابه الانتخابي في وجه حزب «القوات اللبنانية» الذي يعتبر أنّه «رأس الحربة في مواجهته».

كلّما يقترب موعد الانتخابات النيابية، يزيد «حزب الله» من استنفاره لبيئته وجمهوره لتحقيق أوسع مشاركة في الانتخابات ونسبة اقتراع لمحور الممانعة، وخصوصاً لـ«الثنائي الشيعي»، للظفر أولاً بالمقاعد الشيعية الـ27 كلّها، ولتُضاف إليها مقاعد حلفائه المسيحيين والسنة والدروز فتصبح الأكثرية في جيبه. ومع اقتراب تاريخ الاستحقاق الانتخابي يعلو صوت «حزب الله» ضدّ الخصوم و«الأعداء»، ويرفع سقف خطابه الاستهدافي بالتصويب على «القوات» مباشرةً وشَيطنتها والتحذير من انتخابها. وجاء ذلك، بوضوح، على لسان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن، خلال لقاء انتخابي في بعلبك، منذ أيّام، حيث قال مباشرة: «إنّ التصويت للائحة «القوات اللبنانية» هو تصويت للأميركيين، وتصويت لأعداء المقاومة وللذين يتحاملون على المقاومة، لأنّ «القوات اللبنانية» هي رأس الحربة في مواجهة المقاومة و«حزب الله».

 

بحسب «القوات»، هناك أربعة أسباب حَتّمت على «حزب الله» رفع خطابه السياسي في اتجاه وصف التصويت لـ»القوات» كأنّه تصويت للأميركيين، وذلك وفق مفهوم «الحزب» لواشنطن بأنّها «الشيطان الأكبر». السبب الأول، بحسب مصادر «القوات»، هو أنّ «حزب الله» بات متأكداً من أنّ أدبيات «القوات» بدأت تأخذ مداها في البيئة الشيعية وتلقى الآذان الصاغية في داخلها، على غرار مرحلة بدايات 14 آذار وقبل الاتفاق الرباعي، حيث كانت آمال الشيعة واسعة جداً بانتفاضة الاستقلال وكانت هناك شريحة شيعية واسعة جداً في تلك الانتفاضة. وبالتالي هذه هي المرة الأولى منذ انتفاضة الاستقلال تشعر هذه الشريحة الشيعية الواسعة أنّ هناك إمكانية للتغيير، وهذه الإمكانية موجودة من خلال فريق سياسي يرفض إجراء تسويات مع «الثنائي الشيعي» ويرفض التسليم بالأمر الواقع ويواجه حتى النهاية، وليس لديه سياسة فوق الطاولة وأخرى تحتها، وبالتالي تجد هذه الشريحة مجدداً شريكاً يتحدث بلغتها وأدبياتها وخطابها، وكلّما حاولوا تخوين «القوات» يزيد الاقتناع بما تقوله أكثر، إذ إنّها لا تتكلّم الّا بالدولة والانسان والدستور والقانون، وهذا كلام كلّ مواطن لبناني يريد ازدهاراً وأماناً والعيش بأمان واطمئنان بعيداً من عقائد سياسية ماضوية لا تشبه البلد». وبالتالي، إنّ هذا الاختراق للبيئة الشيعية هو ما يُقلق «حزب الله»، بحسب «القوات»، وأراد بـ»هذا الخطاب التخويني العدائي أن يضع جداراً سميكاً بينه وبين «القوات»، لكي يقول لبيئته إنّ كلّ من يقترب من «القوات» يقترب من العدو وكلّ من يبتعد منها يبتعد من العدو، لأنّه بات يخشى التبدُّل، وهو حريص على وضع بيئته أولاً».

 

أمّا السبب الثاني، وفق «القوات»، فهو أنّ «حزب الله» كان يعتمد عادةً التعميم من دون التصويب المباشر، لكنّه اضطُر لأن يصوّب مباشرةً على «القوات»، لأنّها كما قال النائب الحاج حسن تشكّل فعلاً رأس حربة هذه المواجهة، انطلاقاً من حيثيتها وتنظيمها وقدراتها ومواقفها. وبالتالي، رأى «الحزب» أنّ «القوات» باتت تشكّل خطراً فعلياً عليه، ولذلك إذا لم يواجهها مباشرةً من خلال تصويب مباشر، من المُمكن أن يشكّل ذلك نقطة ضعف له. واعتبر أنّه لم يعد في الإمكان مواجهتها بالتجهيل والتجاهل بل يجب مواجهتها بالإسم، وليس فقط من أجل البيئة الشيعية، بل لإيصال رسالة الى كلّ القوى السياسية مجتمعةً، على المستوى الوطني والشخصيات المستقلة، أنّ كلّ من يقترب من «القوات» يبتعد عن «حزب الله» وكلّ من يبتعد عنها يقترب من «حزب الله».

 

كذلك ترى «القوات» أنّ السبب الثالث لتصويب «حزب الله» عليها، يكمن في «أنّها، لمجموعة أسباب وعوامل، باتت تشكّل العمود الفقري للجسم السيادي، على غرار عام 1994، عندما حلّ النظام السوري حزب «القوات» واعتقل رئيسه، وأصبحت الشخصيات السيادية على اختلافها، مأزومة، إذ وجّهوا رسالة إليها بأنّه سيحصل لها مثلما حصل لـ»القوات»، فضربوا «القوات» لضرب الجميع، وبالتالي إذا ضربوا «القوات» الآن فإنهم يضربون العمود الفقري للمعارضة، وعندما تُضرب «القوات» تتشتّت المعارضة وتتبعثر».

 

الى ذلك، هناك سبب رابع وأساس لخطاب «حزب الله» التخويني تجاه انتخاب لوائح «القوات»، وهو، بحسب مصادرها، «النزاع بين خطين ومشروعين وتوجّهين، ولذلك أعاد «الحزب» توحيد حليفيه المسيحيَّين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، لأنّه رأى أنّ هناك خطراً عليه وعلى مشروعه ووضعيته، وبالتالي وجد أنّه لا بد من أن يوحّد جهوده مجدداً ويوحّد جسمه، لأنّه خائف على وضعيته وعلى الأكثرية، إذ إنّه على المستوى الوطني يريد الغالبية النيابية انطلاقاً من مشروعه الممانع، وعلى المستوى المسيحي أراد أن يقول إنّ الخط الذي يجب أن ينتصر هو خط بنشعي – الرابية وليس خط بكركي – معراب، أي الخط المسيحي الذي يغطّي سلاح المقاومة وليس الخط المسيحي الذي يحمل لواء السيادة والدولة والقرارات الدولية والحياد». وتعتبر «القوات» أنّ «هذه هي المعركة».