Site icon IMLebanon

«القوات» والدولار: «هَيك بينزل»

 

 

يستمرّ حزب «القوات اللبنانية» في معركته لاستعادة الدولة القادرة السيّدة، وفق ما يؤكد رئيسه سمير جعجع، وتشكّل محطة الانتخابات النيابية التي أمّنت لـ«القوات» أكبر كتلة مسيحية رافداً له في هذه المعركة، خصوصاً أنّها أنتجت غالبية نيابية جديدة ونزعت الأكثرية من «حزب الله» وحلفائه. المسار «القواتي» هذا لن يتفرّع منه أي اتجاهات أخرى الى مساومات ومقايضات مع «الفريق الممانع»، بدءاً من انتخاب رئيس مجلس النواب مروراً بتسمية شخصية لترؤس الحكومة الجديدة وشكل هذه الحكومة الى «الحوار» المرفوض «قواتياً» طالما لن يكون بنده الأساس نزع سلاح «حزب الله»، وما بين هذه الاستحقاقات طريقة إدارة الدولة بعيداً من الصفقات والسمسرات وإصلاح المؤسسات العامة والقطاعات و«خفض سعر الدولار».

في 11 كانون الثاني 2022، أكد جعجع أنّ «فوزنا في الانتخابات النيابية سيؤدي حتماً الى تحسُّن فوري في سعر الصرف». لكن غداة 15 أيار، وعلى رغم مرور الاستحقاق الانتخابي في سلام وفَرزه أكثرية جديدة من ضمنها «القوات»، بدأ سعر الدولار بالارتفاع الى أن وصل أمس الى 37 ألف ليرة. ومنذ 16 أيار امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بـ»نكت» لشخصيات سياسية أو مواطنين على «وعد» جعجع هذا. وبعيداً من تناول هذا الموضوع بطريقة سطحية، كيف يتراجع سعر الدولار بحسب «القوات»؟

توضِح مصادر «القوات» أنّ «الحكيم» تحدث عن معادلة متكاملة تؤدّي بالتأكيد الى تراجع سعر الدولار، فالدولار يتعلّق بالثقة، الثقة في لبنان واقتصاده وماليته وطريقة إدارته وحكمه. وبالتالي، إنّ ربح الانتخابات يجب أن يقود تلقائياً الى أنّ من يفوز يتولّى إدارة البلد، وعندما تتولّى إدارة البلد فئة تمتاز بأمرين أساسيين: أولوياتها قيام الدولة، وإدارة هذه الدولة بشفافية، عندها بالتأكيد تعود الثقة. وعندما تكون هناك إدارة حريصة على علاقات لبنان العربية والغربية، لا تساوم وأولويتها وَقف كلّ ما يُسمّى بمحصاصات وتهريب وحدود مفتوحة ووضع حدّ لهذا النزف المتواصل في القطاعات، وفي طليعتها قطاع الكهرباء، وتبدأ بإصلاح ما يجب إصلاحه، بالتأكيد ستعود الثقة ويعود الاستثمار وتتدفّق الأموال مجدداً».

هذه المسألة كلّ مترابط، بحسب «القوات»، وعندما تحدث جعجع عن ربح الانتخابات قصدَ أنّ «من يربح الانتخابات يجب أن يحكم، فالدولار مرتبط بالحكم، وليس فقط أن نربح الانتخابات ولا نزال في المعارضة، بل هذا الأمر متعلّق بإدارة الدولة». وتقول مصادر «القوات»: «نعم سلّموا إدارة الدولة لفريقٍ سياسي، سيادي شفاف، واضح، وضد الصفقات والمقايضات وضدّ تغطية مشروع الدويلة، ومع إقفال المعابر غير الشرعية وضبط تلك غير الشرعية، ومع إصلاح كلّ قطاعات الاستنزاف التي تبدأ بالاتصالات ولا تنتهي بالكهرباء، وسترون أنّ الدولار سيتراجع. فالدولار عامل ثقة، وعندما يرى العالم أنّ هناك إدارة أولويتها الدولة والشفافية والمحاسبة والمساءلة، ينخفض سعر الدولار، لكن حين يكون هناك تخبُّط والفريق نفسه يريد التعطيل، فلن يتحسّن سعر الصرف».

أمّا بالنسبة الى انتخاب رئيس مجلس النواب، وعلى رغم أنّ موقف «القوات» مُعلن وواضح وليس بالجديد، لجهة عدم انتخاب الرئيس نبيه بري والإقتراع بورقة بيضاء، منذ عام 2005، إلّا أنّ البعض يعتبر أنّ «القوات» يجب أن تذهب أبعد من ذلك، وعليها أن تقاطع جلسة انتخاب رئيس وهيئة مكتب المجلس. هذا الطرح «فارغ» بالنسبة الى «القوات»، وتوضِح أنّ «الأساس هو التعبير عن الموقف، وموقف «القوات» مُنسجم مع عدم التصويت للرئيس بري، انطلاقاً من أنّه يشكّل جزءاً لا يتجزأ من حالة «حزب الله» والسلاح». وترى أنّ «أحداً لا يمكن أن يزايد على «القوات»، فهي لا تتحالف مع بري في الانتخابات ثمّ لا تُصوّت له، كذلك لا يجمعها أحد مع بري ثمّ تقول عنه كلاماً سيئاً. بل إنّ موقفها ثابت ومستمرّ ولم تبدّله في أي يوم من الأيام».

وعن طرح البعض ترشيح نائب شيعي غير بري لترؤس المجلس، تقول مصادر «القوات» بسخرية: «فكرة مهضومة»، مشيرةً الى أنّ «الثنائي الشيعي» لديه المقاعد الشيعية الـ27 كلّها، وبالتالي ما الفارق بين بري وأيّ نائب شيعي آخر طالما أنّه من التوجه والمدرسة والخلفية نفسها». كذلك بالنسبة إلى «القوات» نحن «دخلنا في مرحلة جديدة بعد 15 أيار، ولا سبب لنقاطع، بل سندخل الى البرلمان ونعبّر عن رأينا ونترجمه. وهذا العمل المؤسساتي الحقيقي والفعلي، وخلاف ذلك يكون عملاً «بلطجياً» و«تشبيحاً».

الى ذلك، ترفض «القوات» المشاركة في أي حوار تدعو إليه أي جهة إذا كان لا يتضمّن سلاح «حزب الله». وتقول مصادرها: «إنّ الأزمة مزدوجة، فالأولى متعلّقة بالسلاح الذي يعطّل الدولة ويغيّبها وأدّى الى ما أدّى إليه من كوارث. وإذا كان هناك فريق منطلق أساساً من أنّه ليس في وارد تسليم سلامه، فلماذا الحوار؟». وبالتالي، بالنسبة إليها «لماذا إعطاء شرعية لـ«حزب الله» طالما أنّه لا يريد تسليم سلاحه؟ فوفق التجربة إنّ ما يريده «الحزب» من الحوار هو صورة ليقول للمجتمعين العربي والغربي إن لا مشكلة في لبنان وهو جزء من النسيج اللبناني وانّ التباينات السياسية في لبنان يجري حلّها على طاولة حوار».

أمّا الأزمة الثانية المتفرّعة من الأزمة الأساسية، بحسب «القوات»، فهي طريقة إدارة الدولة، إذ «كيف يُمكن لطرف يغيّب الدولة بسلاحه أن يتسلّم وحلفاؤه إدارة هذه الدولة؟ وبالتالي هذه الإدارة تصبح عملياً إدارة منافع ومصالح ومكاسب، لأنّ الطرف الأول هدفه تغطية سلاحه والثاني هدفه مكاسب سلطوية، وهذا التكامل بين الفريقين أوصَل لبنان الى الانهيار والكوارث والمخاطر. لذلك لا لزوم لأي حوار مع هذا الفريق».

أمّا المطلوب للإنقاذ، وفق رؤية «القوات»، فهو «كَف يد هذا الفريق عن السلطة، وخارج هذا الإطار لا حلول». إنطلاقاً من ذلك ترفض دعوة «حزب الله» الى تأليف حكومة وفاق وطني، بـ«حجّة لجم الانهيار»، فوفق التجربة، «لم تؤدِّ حكومات الوحدة الوطنية وحكومة اللون الواحد التي حكم فيها «حزب الله» الى وقف الانهيار بل سارَعت فيه، وطالما أنّ هذه الحكومات قد جُرّبت وفشلت، فيجب الذهاب الى لون آخر، هو المناقض لـ«الحزب»، وإلّا سيبقى البلد في الأزمة ويتحمّل «حزب الله» مسؤولية عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات والإصرار على أخذ لبنان الى الفوضى».