إذا لم يحصل أي أمر طارئ، فإن حكومة الرئيس حسّان دياب ستنال الثقة ولو برقم خجول، في وقت ستبقى العين متجهة نحو الشارع لرصد ردّ فعله أثناء جلسة مناقشة البيان الوزاري.
اهتزت شرعية مجلس النواب بعد ثورة 17 تشرين، ولم يعد النواب الذين انتخبهم قسم من الشعب يمثلون طموحات اللبنانيين، وانتقلت اللعبة إلى الشارع وبات على كل قرار أو استحقاق دستوري أن ينال موافقة الشعب وإلا ستكون المواجهة كبيرة.
وإذا كان سقوط شرعية المجلس النيابي مدوياً في الشارع، إلا أن الآليات الدستورية لا تزال قائمة، ولا يمكن تجاهل وجود مجلس حتى لو لم يرضَ كل الشعب عن ذلك.
وتبدو الكتل النيابية، وخصوصاً المعارضة منها في حيرة من أمرها، فمن جهة لا يمكنها الذهاب إلى مواجهة نيابية وشعبية شاملة، ومن جهة ثانية لا تستطيع القفز فوق نبض الشارع، الذي وإن خفّ وهجه فإنه لم يهمد بعد.
وفي هذا الإطار، كان حزب “الكتائب” أول من أعلن عن مقاطعته جلسة الثقة، في حين أن “اللقاء الديموقراطي” يتجه في اجتماعه المقرر غداً إلى حجب الثقة عن حكومة دياب. وبانتظار موقف تيار “المستقبل”، والذي يرجّح أن يحجب الثقة هو أيضاً، فإن موقف “القوات اللبنانية” يبدو مهادناً وليس في مرحلة مواجهة شاملة، وينتظر البيان الوزاري ليبني على الشيء مقتضاه.
وتؤكّد “القوات” أن تكتل “الجمهورية القوية” سيجتمع برئاسة الدكتور سمير جعجع ليعلن الموقف من جلسة الثقة، مع ان الإتجاه يميل بشكل كبير إلى حجبها. وتصرّ “القوات” على موقفها الرافض لطريقة تأليف الحكومة، إذ إنها مصرّة على حكومة اختصاصيين مستقلين ذوي كفاءات عالية لإنقاذ البلاد من المأزق الذي تغرق فيه، كما أن طريقة تأليف حكومة دياب كان وفق الطريقة البدائية واعتماد منطق المحاصصة وتقاسم الوزارات.وتنتظر “القوات” البيان الوزاري لترى إن كان يُحاكي تطلعات المرحلة المقبلة وفق تفاقم الأزمة الإقتصادية والمالية، لكن من جهة ثانية، فإن “القوات” تعتبر أن معارضتها للحكومة ستكون على “القطعة”، وليس معارضة شاملة ومعارضة للمعارضة، خصوصاً أن هناك بعض الوجوه في الحكومة تثير الطمأنينة وتتمتّع بالكفاءة.
وتشير “القوات” إلى أنها لا تعتمد منطق “عنزة ولو طارت” في مراقبة عمل الحكومة، فالمرحلة لا تتحمّل التعنت والمشاكسة للمشاكسة. وهي تراقب تطورات الأمور في الأيام المقبلة، لكن مسألة حجب الثقة ليست مرتبطة بالمشاركة في الجلسة النيابية، إذ تعتبر أن مقاطعة جلسة الموازنة وقبلها جلسة العفو العام حصلت لأن هناك مخالفات دستورية، بينما ستشارك في جلسة الثقة ومناقشة البيان الوزاري لأنها جلسة دستورية وهي شاركت في كل الإستحقاقات السابقة من تسمية رئيس الحكومة، إلى المشاركة في الإستشارات النيابية التي أجراها الرئيس دياب، وبالتالي فان تكتل “الجمهورية القوية” ملتزم بالمسار الدستوري، وسيسمع صوته داخل جلسة الثقة خصوصاً أن حجمه يبلغ 15 نائباً.
وبانتظار اجتماع تكتل “الجمهورية القوية”، فان المفاجآت حاضرة جداً لأن “القوات” لا تريد في هذه المرحلة بالذات مواجهة رياح الشارع العاصفة، فأثناء تسمية رئيس الحكومة، ظنّ الجميع أن الحزب ذاهب نحو تسمية الرئيس سعد الحريري حكماً، لكن المفاجأة كانت بعدول “القوات” عن تسمية الحريري. أما الأمر غير المتوقع فقد حصل أثناء جلسة الموازنة، ففي حين كانت الأجواء ليلاً تشير إلى أن تكتل “الجمهورية القوية” سيحضر جلسة إقرار الموازنة، كانت المفاجأة بمقاطعة الجلسة.
وأمام كل هذه التطورات، تعيش السياسة اللبنانية وفق منطق “كل يوم بيومه”، وحسم المواقف منذ اليوم سابق لأوانه وقد يحصل قبل ساعات من الجلسة لأن التطورات متسارعة.