اعتبر مصدر قواتي، أن كل مسار التكليف الذي اعتمد كان خاطئاً منذ اللحظة الأولى، لأنه قدم عملية التأليف على التكليف خلافاً للدستور، وتحت حجة أن رئيس الحكومة المكلّف، وعلى غرار مراحل سابقة، كان يعمل على تأخير التأليف. وبالتالي، فإن هذه النظرية قد سقطت، إذ بعد مرور 55 يوماً لم يتم التأليف ولا التكليف.
أما من يتحمّل مسؤولية هذا الواقع، تابع المصدر ذاته، فهو الشروط التعجيزية التي تضعها القوى السياسية، وليس الرئيس المكلّف، وعلى سبيل المثال، فإن شروط رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، هي التي أخّرت تأليف الحكومة لفترة ثمانية أشهر في الحكومة السابقة، إذ أنه اشترط أولاً الحصول على الثلث المعطّل، وثانياً سعى لتحجيم الحزب التقدمي الإشتراكي، وثالثاً عمل على إحراج «القوات اللبنانية» لإخراجها، ورابعاً اشترط الحصول على وزارات معيّنة. لذا، يضيف المصدر، تبدو الحاجة ملحّة اليوم للعودة إلى المسار الطبيعي والدستوري، وهو أن يتم تكليف رئيس حكومة أولاً ليعمل بعدها على تأليف الحكومة العتيدة.
وفي سياق متصل، اعتبر المصدر نفسه، أن الحريري قد نجح في خلق أمر واقع مع طائفته، إذ أثبت أنه يتحرّك وعلى يمينه رؤساء الحكومات الثلاث، وعلى يساره دار الإفتاء، كما أنه يتحرّك ضمن بيئة سنّية ترفض تجاوزه وتحويل رئيس الحكومة المكلّف إلى «باش كاتب».
ومن هنا، فإن ما حصل خلال الاسبوع الماضي، أكد على أهمية العودة إلى الدستور وعدم تجاوزه، علماً أن الأساس في هذه المعادلة هو أنه يجب على المسؤولين أن لا يهملوا أو ينسوا الشارع، لأنه حتى ولو نجح الحريري في أن يكون «هو أو لا أحد»، فإن عليه أن يتذكر دائماً وباستمرار أنه ليس بإمكانه التوجّه إلى حكومة تكنو ـ سياسية، لأن هكذا حكومة مرفوضة من قبل الشارع الذي يريد حكومة بعيدة عن القوى السياسية، بدليل التظاهرة التي حصلت وقالت «كلّن يعني كلّن، والحريري واحد منّن».
وبالتالي، يؤكد المصدر، أن المطلوب اليوم من الحريري، أن يتمسّك بموقفه، أو أن يختار من ينوب عنه بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، لأن الكرة اليوم هي في ملعب الطائفة السنّية، والتي عليها أن تختار الحريري أو أي شخصية أخرى لترؤس حكومة الإختصاصيين، فالرئيس الحريري كان متمسّكاً في هذه الحكومة بالذات من أجل إنقاذ لبنان وإخراجه من أزمته، لأنه لا يمكن إخراج لبنان من الأزمة الحادة في ظل حكومة تكنو ـ سياسية، وتحديداً لجهة اختيار 6 أعضاء سياسيين، أو لجهة اشتراط القوى السياسية بأن تقوم بتسمية الوزراء التكنوقراط، وبذلك، لن تكون السلطة قد حقّقت شيئاً للمواطنين، كما أن الحريري لا يمكن أن يقود «تيتانيك» مصيرها الغرق، لأنه يريد أن يقود حكومة قادرة على إخراج لبنان من محنته المالية، سيما أن لبنان اليوم بات دولة منكوبة.
ويخلص المصدر، إلى التأكيد على أن المرحلة الإستثنائية تتطلّب حكومة استثنائية، وهي ستكون حكومة انتقالية وليس أبدية، وعدم الذهاب إلى هذه الحكومة، يعني سقوط السقف اللبناني على الجميع، خصوصاً أن حكومة الإختصاصيين المستقلين لا تشكل استهدافاً لأي فريق سياسي، وإذا قرّر الحريري أن يخضع للشروط السياسية، فإن الشارع لن يقبل، كما أن الحريري نفسه لا يريد أن يفشل، لأن الحكومة التكنو سياسية ستكون حتماً فاشلة في ظل اعتماد معادلة توزيع الحصص، كما كان يحصل في كل المراحل السابقة.