Site icon IMLebanon

هل «القوات» معزولة أم أنها عزلت نفسها بنفسها؟

 

أكثر من سؤال يطرح في الشارع المسيحي حول الحضور السياسي المسيحي في السلطة انطلاقاً من عملية تأليف الحكومة وامتناع أطراف مسيحية بارزة عن المشاركة فيها، في الوقت الذي يعتبر فيه مصدر قيادي في «القوات اللبنانية» أن الحديث عن الغياب والعزلة ليس في مكانه، موضحاً أن الأزمة المالية تختلف عن الأزمة السياسية، ففي الأزمات السياسية هنالك انقسامات عامودية بين فريقين، وهو ما كان عليه لبنان منذ العام 2005، عندما كان الإصطفاف بين فريقي 8 و14 آذار، والأزمات السياسية لم تنتهِ في لبنان وما زالت، ولو أن هذا الإنقسام قد زال بشكله الإداري، لكن الإنقسام في وجهات النظر بين القوى السياسية ما زال قائماً، وبنتيجة هذا الإنقسام السياسي نشأت تحالفات سياسية تجنّباً لعزلة يمكن أن يشهدها فريق سياسي، أو أن يصار إلى عزله بسبب موقف سياسي معلن.

 

في المقابل، ركّز المصدر «القواتي»، على أن الأزمة المالية التي يعيشها لبنان اليوم تختلف عن الأزمة السياسية، بحيث أنه من أجل خوض مواجهة سياسية، أو أن تربح وجهة نظر على أخرى، يحصل اصطفاف بين جبهتين أو فريقين، وذلك، في محاولة لإرساء توازن رعب أو لتحقيق غَلَبة لتوجّه معيّن مقابل توجّه آخر، ولكن بالنسبة إلى كيفية مواجهة هذه الأزمة المالية، لا يوجد هنا اصطفاف سياسي يؤدي إلى عزل فريق عن الأفرقاء الآخرين، لأن الخلاف ليس حول وجهات النظر السياسية، أو لتسجيل نقاط بين القوى السياسية، بل حول مقاربة الوضع المالي المأزوم، وحول قدرة أي جبهة أو أي اصطفاف سياسي على إنقاذ البلاد. وعليه، يتابع المصدر نفسه، أن السؤال المطروح، هو من يريد أن يحاصر أي فريق في هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بامتياز؟ ويجيب بأنه لا يمكن الكلام عن حصار لـ «القوات اللبنانية» أو عن غياب، لأن الأساس ليس مواجهة بين «القوات» والقوى الأخرى، بل هي مواجهة بين الجميع والإنهيار، وقد قالت «القوات» كلمتها عندما نادت بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وسحبت يدها من أي علاقة مع أي فريق سياسي، وتحديداً مع الفريق الأكثري الذي تحمّله «القوات» المسؤولية عن الوضع الحالي.

 

في المقابل، وبينما الأطراف الأخرى تريد أن تحاول، تحت عنوان أنه ثمة فرصة من أجل الإنقاذ لهذه الأكثرية، لا ترى «القوات» وفق المصدر نفسه، أن هناك فرصة مع هذا الفريق الأكثري من أجل الإنقاذ، وبالتالي، فإن «القوات» لا تجد نفسها اليوم معزولة، لأن الأساس هو كيفية إخراج لبنان من عزلته بفعل السياسات القائمة، وإلى أي حدّ ستتمكن القوى السياسية اليوم التي تأتلف من أجل تشكيل الحكومة العتيدة من إنقاذ لبنان، ووقف الإنهيار ومعالجة الأزمة المالية، فـ «القوات»، ومن خلال تموضعها اليوم، هي في الموقع الصحيح، لأنها على مسافة سياسية من الأكثرية الحاكمة التي تتحمّل مسؤولية كل الأمور التي حصلت، كما أنها خارج أي إطار يشكّل غطاءً ومظلّة لفريق سياسي قد جُرّب ولا يمكن أن يشكّل عملية إنقاذ، وترى «القوات» نفسها متصالحة مع ثوابتها واستمراريتها وخطّها، ومع الشارع الذي لا يمكن أن يعطي هذا الفريق الحاكم الثقة من أجل إنقاذ غير ممكن.

 

وانطلاقاً من كل هذه الأمور، لا ترى «القوات» نفسها في حالة عزلة، بل أن انفراط جبهتي 8 و 14 آذار، دفع كل فريق إلى عقد تحالفات «على القطعة» مع الفريق الآخر، وبالتالي، اليوم لا يوجد أي ثبات في التحالفات داخل أي إطار سياسي كان جبهوياً في المرحلة الماضية، لأن الجبهات تصدّعت أساساً نتيجة مجموعة أزمات واستحقاقات سياسية، فضلاً عن أن طبيعة الأزمة، وهي مالية، تفرض أن تكون المقاربة مختلفة، ولذلك، تجد «القوات» نفسها في موقع مواجهة الأزمة، وكل ما يحصل من تطورات يؤكد صوابية وجهة نظر «القوات» بأنها كانت على حق، وانطلاقاً من مشهد المحاصصة في الحكومة، من المؤكد أن أي حكومة من هذا النوع لا يمكن أن تشكّل خشبة خلاص للبنان.